حفتر يصعّد في الجنوب الليبي

لماذا صعّد حفتر في الجنوب الليبي؟

30 يونيو 2018
تصعيد جديد لحفتر بعد درنة والهلال النفطي(عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
بعد السيطرة على درنة والهلال النفطي، تتّجه أنظار اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر أخيراً نحو الجنوب، مصعداً هذه المرة ضد إيطاليا بذريعة الأنباء التي تحدثت عن إنشاء قاعدة إيطالية هناك، فما وراء هذا التصعيد؟

ووجّه المتحدث العسكري لقوات حفتر، أحمد المسماري، رسالة مباشرة إلى إيطاليا، ملوحاً بالخيار العسكري، قائلاً إن قواتهم مستعدة لـ"صد أي محاولة لانتهاك السيادة الليبية من خلال محاولة بعض الدول إنشاء قواعد عسكرية في ليبيا بحجة التصدي للهجرة غير الشرعية".

واتهم المسماري، خلال تصريح صحافي، حكومة الوفاق بالتواطؤ مع إيطاليا لإنشاء هذه المعسكرات.

وسبق هذا التصعيد، بيان رسمي لقيادة قوات حفتر، أمس الجمعة، يتهم فيه دولاً بالسعي إلى إنشاء وجود عسكري لها في ليبيا دون أن يحدد تلك الدول.


ويرى مراقبون للشأن الليبي أن حفتر بهذا التصعيد يتّجه في اتجاهين؛ الأول "دعم رصيده المحلي استعداداً للانتخابات المقبلة"، والثاني "لنقل الحديث والاهتمام المحلي الدولي من سيطرته على موارد النفط إلى أحداث عسكرية أخرى بالجنوب".

وقال الصحافي الليبي المستقل، الجيلاني ازهيمة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد أيام معدودة من احتلال حفتر منطقة الهلال النفطي، أعلن عن سيطرته على مدينة درنة، وسط حشد من احتفالات مؤيديه استطاعت نقل اهتمام الرأي العام من أحداث الهلال النفطي، إلى دغدغة عواطف الناس من خلال شعارات القضاء على الإرهاب، وهو شعار يلفت نظر دول كبرى أيضاً".

وتابع أنّ حفتر "يعرف أن الاهتمام بدرنة لن يدوم، ولذا حوّل الرأي العام مجدداً إلى الجنوب"، موضحاً أن "إيطاليا خصمه غير المباشر، وحجته الجاهزة رغم أن روما نفت رسمياً أن تكون قد عرضت مشروع إنشاء مستوطنات للمهاجرين في ليبيا".

ونفى سفير إيطاليا لدى ليبيا، جوزيبي بيروني، اليوم السبت، ما وصفه بـ"الأخبار المزيفة"، التي تتحدث عن إنشاء قاعدة إيطاليا في الجنوب، موضحاً أن "وزارة الداخلية الإيطالية تقود برنامج الاتحاد الأوروبي الهادف إلى تقوية السيادة الليبية وإمكانات وقدرات حرس الحدود لمكافحة تجار البشر".

وخلص ازهيمة إلى أن "ما يريده حفتر من خلال فزاعة سعي إيطاليا للجنوب الليبي، هو إلهاء الرأي العام عن مسعاه الحقيقي في الاستحواذ على موارد النفط لتوفير الدعم المالي لقواته"، بحسب ازهيمة.

من جهة ثانية، أكد المتخصص في الشأن الليبي، محيي الدين زكري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن حفتر "ليست لديه القدرة على إجراء أي عمل عسكري في الجنوب، فقد سبق أن فشل خلال الأشهر الماضية في الحد من وجود جماعات المعارضة التشادية رغم قلة إمكانياتها، فما بالك بدولة كإيطاليا؟".

واتفق زكري مع تحليل ازهيمة لجهة أن "إعلان حفتر لا يعدو كونه فزاعة"، موضحاً أن "حفتر يسعى إلى مخاطبة عاطفة كره الليبيين إيطاليا، إلى جانب عواطف الشفقة على المهاجرين لكسب ود الرأي العام وإظهار وطنتيه".

وتابع: "تمكن قراءة ذلك من خلال النشاط المحموم في شرق البلاد هذه الأيام لجهة الحديث عن الانتخابات، إذ إن رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السائح، اجتمع أمس برئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس الحكومة عبدالله الثني، كما أن مجلس النواب في طريقه لإقرار قانون للاستفتاء على الدستور تمهيداً للانتخابات"، مبيناً أن "مشروعاً سياسياً لحفتر بدأت تظهر ملامحه حالياً وستكون الانتخابات مدخلاً له".

ورأى زكري أن "سيطرة حفتر على موارد النفط وموافقته على مشروع الانتخابات بالتوازي مع انتصاراته العسكرية، تنبئ بطرح جديد يريد من خلاله فرض نفسه على الساحة محلياً، وإقناع الأطراف الدولية بضرورة وجوده، شريكاً في سدة الحكم من خلال سلطة الواقع أو من خلال الانتخابات".


ويتفق مراقبون للشأن الليبي على أن تغاضي المجتمع الدولي عن قرار حفتر حيال موارد النفط، أضعف بشكل كبير من مواقف حكومة الوفاق وحلفائها في مقدمهم إيطاليا التي زار كبار مسؤوليها طرابلس قبل أيام.