العراق يدخل نفق الأزمات السياسية

العراق يدخل نفق الأزمات السياسية

01 يوليو 2018
عادت التفجيرات الأمنية أخيراً (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -


مع حلول صباح اليوم الأحد تنتهي أعمال السلطة التشريعية العراقية وفقاً للمادة الـ56 من الدستور، التي حددت عمر البرلمان بأربع سنوات غير قابلة للتمديد. بالتالي يدخل العراق في نفق أزمات سياسية في ظل حكومة ستبقى تمارس أعمالها شكلياً، من دون صلاحيات تذكر، وعدم وجود برلمان جديد يملأ الفراغ النيابي.

الواقع السياسي الجديد الذي دخله العراق بعد نهاية عمر السلطة التشريعية سيكون متأزماً، وفقا لعضو البرلمان العراقي أشواق الجاف التي قالت لـ "العربي الجديد" إن "مطالبات تمديد عمر مجلس النواب كانت غير دستورية، لكنها انطلقت حرصاً على العملية السياسية، وخشية من المشاكل التي قد تظهر في الفترة التي تلي انتهاء ولاية البرلمان".

إلا أن مصدراً برلمانياً عراقياً أكد أن "هدف البرلمان المنتهية ولايته من الدعوة للتمديد حتى آخر يوم من عمره، كان لكسب الوقت من أجل إبقاء عمل السلطة التشريعية حتى المصادقة على نتائج الانتخابات، خشية حدوث تلاعب بالنتائج من قبل مفوضية الانتخابات المنتدبة"، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن "رغبة رئاسة البرلمان وعدد غير قليل من النواب بالتمديد قوبلت بالرفض".

وأضاف أنه "حتى لو كان البرلمان قادراً على التمديد لوجد نفسه من دون أية صلاحيات تذكر، لأن الواقع فرض نفسه من خلال البرلمان الجديد الذي ينتظر إكمال عملية إعادة العد والفرز اليدوي ليلتئم يوم الثلاثاء المقبل، ويبدأ إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة"، مبيناً أن "الإرادة السياسية للقوى الرافضة للتمديد هي التي تغلبت في النهاية لتمهد الطريق لانعقاد جلسة البرلمان المنتخب".

وهذا ما أكده المتحدث باسم التيار الصدري، جعفر الموسوي، الذي قال إن "البرلمان الجديد سيعقد جلسته قريباً"، موضحاً خلال تصريح صحافي أن "هذا الأمر مرهون بحسم مفوضية الانتخابات لجميع الشكاوى والطعون المتعلقة بعملية الاقتراع، وإرسال النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية من أجل المصادقة عليها".

وأشار إلى أن "الدستور منح رئيس الجمهورية حق دعوة البرلمان الجديد للانعقاد خلال 25 يوماً من تاريخ المصادقة على النتائج برئاسة أكبر الأعضاء سناً". إلا أن "القضاة المنتدبين للقيام بعمل مفوضية الانتخابات يتعرضون لضغوط من قبل جهات خارجية"، بحسب عضو البرلمان العراقي عبد الهادي السعداوي، الذي أكد أن "هذه الجهات تدفع باتجاه القبول بنتائج الانتخابات كما هي، والمضي باتجاه تشكيل حكومة توافق ترضي إرادة الأطراف الخارجية".

ونقلت وسائل إعلام محلية عن السعداوي قوله إن "الضغوط الدولية والإقليمية التي تسعى لتشكيل حكومة عراقية وفقاً لإرادات بعض الدول أمر مرفوض"، موضحاً أن "البعض يريد أن تمرّر النتائج مع ما فيها من تزوير".



وقال مصدر سياسي عراقي لـ "العربي الجديد"، يوم الجمعة الماضي، إن "الجهود الإيرانية نجحت في تقريب وفك مشاكل كثيرة بين الكتل الشيعية، وإن زيارة محمد كوثراني، المعروف في العراق بأنه مسؤول الملف العراقي في حزب الله اللبناني إلى بغداد، تأتي لدعم جهود الإيرانيين في هذا الشأن، لا سيما بعد زيارة عدد من القيادات البارزة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، ورئيس تحالف "الفتح"، هادي العامري، وسياسيون آخرون". ويبدو أن "المرحلة المقبلة ستشهد أزمات سياسية خانقة بعد انتهاء عمر البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه".

في هذا السياق، أكدت عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي عالية نصيف، أن "النواب سيفقدون حصانتهم بمجرد انتهاء عمر مجلس النواب"، موضحة في حديث صحافي أن "هذا الأمر سيمنح القضاء فرصة لاتخاذ إجراءاته بحق بعض أعضاء البرلمان الذين توجد عليهم مؤشرات أو دعاوى أو قضايا لا سيما في الجانب الجنائي".

بدوره، رأى أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد، علاء حسين، أن "القضاء العراقي سيتحمّل المسؤولية الأكبر في المرحلة المقبلة"، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن "عليه النظر في الطعون المقدمة في نتائج الانتخابات، والمصادقة على النتائج النهائية، فضلاً عن البت في القوانين المثيرة للجدل التي أصدرها البرلمان المنتهية ولايته". وأضاف "هناك معركة أخرى ستفتح بعد رفع الحصانة عن بعض النواب"، مبيناً أن "عددا من البرلمانيين كان متخفياً خلف حصانته خلال السنوات الماضية، وتمكن من التهرب بعيداً عن أحكام القضاء التي لا يمكن أن تصدر ضد أي نائب لديه حصانة برلمانية".

جاء ذلك في وقت حذّر فيه رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، في أكثر من مناسبة من "انهيار الأوضاع الأمنية في فترة الفراغ الدستوري بانتهاء عمر البرلمان، واستغلال وتزامن ذلك مع تفجيرات وعمليات قتل وخطف شهدتها مناطق شمال وغرب العراق".

وهذا ما دفع عضو البرلمان العراقي السابق عبد الهادي الحساني، لـ"التحذير من احتمال استغلال بعض الجهات للأزمات السياسية من أجل إرباك الوضع الأمني، لا سيما أن الحكومة لن تكون قادرة على التصرف وفق صلاحياتها بشكل كامل"، مبيناً في حديث لـ "العربي الجديد" أن "الجميع مطالب بأخذ دوره للحيلولة دون حدوث مزيد من المشاكل الأمنية والسياسية".

في سياق منفصل، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن "القوات الأمنية ستواصل ملاحقتها لتنظيم داعش الإرهابي في الجبال والصحراء والمناطق الأخرى التي يختبئ مقاتلوه فيها"، مبيناً أن "العراق لن يتفاوض مع التنظيم، وسيتابع عناصره المختبئين واحداً واحداً".

وتابع "مثل ما تعهدنا بتحرير مدننا من عصابات داعش الإرهابية، فإننا نعاهدكم اليوم على ملاحقة الإرهابيين"، موضحاً خلال كلمة باحتفالية أُقيمت في بغداد أن "أعداد عناصر التنظيم أصبحت قليلة لكنها ستبقى عرضة للملاحقة". وحذّر من "احتمال خسارة الإنجاز الأمني الذي تحقق في العراق بالنصر على تنظيم داعش، إذا لم تتم الوحدة والتحرك لمواجهة المؤامرات"، مشيراً إلى "وجود طابور خامس يتحرك من وراء الحدود من أجل الإيقاع بين المواطنين والقوات الأمنية".



المساهمون