نتائج المجالس البلدية تكشف انتفاضة القواعد الحزبية على قياداتها

الأحزاب التونسية بعد نتائج المجالس البلدية: القواعد الحزبية تنتفض على قياداتها المركزية

26 يونيو 2018
دخلت مركزيات الأحزاب في صدام مع قواعدها (الأناضول)
+ الخط -

كشفت بداية تنصيب المجالس البلدية في مختلف المحافظات التونسية انتفاضة محلية للقواعد الحزبية على قياداتها المركزية، في مشهد هز جميع الأحزاب الحاكمة والمعارضة على حد سواء.

ووجد زعماء وقيادات الأحزاب الفائزة في الانتخابات البلدية أنفسهم خارج دائرة التوافقات المحلية والاتفاقات القاعدية، بل إن عدداً من الأحزاب ما زالت تغرد خارج السرب، بينما شرعت القواعد في تنصيب المجالس البلدية وفق تحالفات بعيدة عن الالتزامات الحزبية ومنطق الخلافات الأيديولوجية والسياسية الوطنية.

ويرى مراقبون أنه على الرغم من عدم حصول أي حزب سياسي أو ائتلاف انتخابي على أغلبية تمكنه من تسيير مجلس بلدي بمفرده من دون تحالف أو توافق، فإن قيادة الأحزاب الحاكمة والمعارضة على حد سواء تواصل سياسة الهروب إلى الأمام، متجاهلة نتائج الانتخابات الأخيرة ومتناسية ضوابط القانون الانتخابي وضغوط الواقع المحلي.

ودخلت مركزيات الأحزاب في صدام مع قواعدها، في مشهد عرّى الفجوة السياسية بين القيادات الوطنية مع الكوادر الجهوية والمحلية، وكانت التحالفات والتوافقات المعلنة أشد وطأة على المعارضين منها على القوى الحاكمة، إذ وجد المعارضون أنفسهم في مأزق حقيقي بسبب تعارض خطاباتهم وبياناتهم وقراراتهم مع واقع البلديات. 

واضطر اليوم المكتب السياسي للتيار الديمقراطي تجميد عضوية 5 مستشارين بلديين بعد أن صوتوا لمرشحي حركتي "نداء تونس" و"النهضة"، لرئاسة بلديتي "سيسب" (محافظة القيروان) و"كسرى" (محافظة سليانة)، وإحالتهم على لجنة النظام.

وبيّن الأمين العام للحزب غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ما أقدم عليه هؤلاء المستشارون يعد خرقا سافرا لقرار المجلس الوطني للحزب، القاضي بعدم عقد أي تحالفات مع الحزبين الحاكمين، حماية لمجالس البلديات المنتخبة من تصدير الفشل المركزي إليها ودعما لكفاءات تيارية أو اجتماعية ديمقراطية متحزبة أو مستقلة لتحمل المسؤولية.

وتعرضت قيادة ائتلاف "الجبهة الشعبية" المعارض إلى طعنة مماثلة في معقل زعيمه حمة الهمامي، المتحدث الرسمي باسم "الجبهة الشعبية"، إذ عمدت كوادر الجبهة في بلدية العروسة من محافظة سليانة إلى التحالف مع حزب "النهضة"، ما أثار جدلا واسعا لدى المتابعين وأحدث اهتزازا داخل هياكل الجبهة.

ولم تجد "الجبهة الشعبية" من بد سوى التبرؤ مما حصل، معلنة أن ما حدث في العروسة من اتّفاق مع حركة النهضة حول توزيع المسؤوليات في المجلس البلدي هو "موقف تمّ بشكل انفرادي ومحلّي ودون التشاور مع الهيئات القيادية للجبهة في أي مستوى كان، وبالتالي فهو موقف لا يلزمها ولا يلزم الجبهة".

وشددت قيادات "الجبهة الشعبية" على أن مجلسها المركزي "متمسك بعدم التحالف في تشكيل المجالس البلدية، لا مع حركة النهضة ولا مع حزب نداء تونس، المسؤولين عما وصلت إليه البلاد من تدهور اقتصادي واجتماعي وسياسي".

وفي نفس السياق، كذب تنصيب المجالس البلدية في عديد من المحافظات ما أعلنته قيادة حزب "نداء تونس" بقرارها عدم التحالف مع "النهضة"، ليتضح أن غالبية المجالس المنصبة تمت بتنسيق بينهما وفي انسجام تام بحسب توزيع القوى والمصالح المحلية.

وهاجمت النائبة المستقيلة من حزب "نداء تونس" صبرين قوبنتيني التحالف بين "نداء تونس" و"النهضة" في عدد من البلديات ومن بينها بلدية رواد في محافظة أريانة، التي أهدى "نداء تونس" رئاستها إلى حزب "النهضة"، على حد قولها، في وقت كان يمكنه التحالف مع القوى التقدمية والمستقلين.

ولفتت إلى أن "قيادات نداء تونس تتشدق بفك الارتباط مع النهضة وحديث المراجعات"، داعية إلى ضرورة الحذر وعدم تصديقهم لأنهم لا عهد لهم ولا ميثاق، وبالخصوص الراغبين في الحصول على مسؤوليات تحوم حولهم شبهات فساد"، على حد تعبيرها.

 

 

المساهمون