برلماني مصري في ورطة بسبب وفاة شاب جراء التعذيب

برلماني مصري في ورطة بسبب وفاة شاب جراء التعذيب بـ"حدائق القبة"

25 يونيو 2018
أبو جاد (يمين) الضحية أحمد زلط (يسار) (العربي الجديد)
+ الخط -



"شكراً للسيد رئيس اللجنة على عدم الرد على الموبايل، وزميلك في ورطة... شكراً جزيلاً"، هكذا وجه البرلماني المصري حسين أبو جاد، رسالة عتاب، إلى رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب علاء عابد، على مجموعة خاصة بأعضاء اللجنة، على تطبيق "واتساب"، بسبب تجاهل الأخير له، رغم مواجهته اعتراضات من أهالي دائرة حدائق القبة شمالي القاهرة، عقب الإفراج عن المتورّطين في تعذيب وقتل الشاب أحمد زلط، داخل قسم شرطة الدائرة.

وقرّرت نيابة غرب القاهرة الكلية، السبت، إخلاء سبيل معاون مباحث قسم شرطة حدائق القبة، و4 أمناء شرطة، في واقعة وفاة زلط داخل القسم، بضمان محل وظيفتهم، بذريعة أنّ المناظرة التي أجرتها النيابة لجثة القتيل، أظهرت عدم وجود أي إصابات ظاهرية، فضلاً عن شهادات الضباط بأنّ المتوفى تعرّض لحالة من الإعياء الشديد والقيء حتى فقد الوعي، ووصل إلى مستشفى الزيتون جثة هامدة.

ويُعد زلط (39 سنة) ضحية جديدة للتعذيب الممنهج داخل أقسام الشرطة المصرية، حيث قُتل يوم الجمعة الماضي، بعد احتجازه في قسم شرطة حدائق القبة بساعات قليلة.

وتتعرّض غالبيّة المحتجزين في أقسام الشرطة، للضرب المبرح، من دون رادع أو آلية لمحاسبة المتورطين من عناصر الشرطة في هذه الجرائم، وهو واقع يعيشه عشرات الآلاف من الشباب الذين باتوا معرضين للقتل في أية لحظة من جراء التعذيب، وفق منظمات حقوقية غير حكومية.

ويشغل أبو جاد، منصب أمين القاهرة في حزب "مستقبل وطن"، الذي شُكل ويُدار بواسطة الاستخبارات الحربية، فيما انضم عابد إلى عضويته، مؤخراً، ليشغل منصب نائب رئيس الحزب، بعد أن كان يترأس الهيئة البرلمانية لحزب "المصريين الأحرار".

وأبو جاد ضابط شرطة سابق، تورّط في قضية تعذيب شهيرة بحق المواطن عماد فخري في العام 2005، علاوة على اتهامه بالاتجار في الآثار، بحسب بلاغات مقدّمة ضده إلى النائب العام في العام 2011.

وبحسب روايات أهالي منطقة حدائق القبة، فإنّ الضحية أحمد سيد عيد، المعروف بـ أحمد زلط، يملك عربة لبيع الدجاج، ولديه مخزن في منطقة الخصوص بمحافظة القليوبية، وتوفي جراء التعذيب داخل قسم الشرطة، في الساعة السادسة من مساء الجمعة.

وكان عيد يعول والدته؛ وهي ابنة عم النائب أبو جاد، وأخواته البنات، بعدما توفي والده، قبيل رمضان الفائت بيومين، وهو متزوج وزوجته حامل.


وكذّبت روايات الأهالي، المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ادعاءات النيابة العامة، حول عدم وجود إصابات ظاهرة في جثمان الضحية، مؤكدة أنّ الجثة بها كسور وكدمات واضحة في مناطق متفرقة من جسده، إلى جانب كسرين، أولهما في جبهة الرأس، والآخر في الأنف.

وأفاد اثنان من أقارب الضحية، أمام النيابة العامة، بأنّ أمين شرطة، وبرفقة قوة من القسم، اعتقله أثناء جلوسه في مقهى، عند الرابعة من عصر الخميس الماضي، بعد تراشق في الألفاظ بينهما، وهو ما أعقبه اعتداء أفراد القسم عليه بالضرب المبرح، واقتحام منزله، والمخزن الخاص به، إذ إنّ أمين الشرطة نفسه حاول اعتقاله قبل الواقعة بخمسة أيام، غير أنّه لم يجد مع عيد أي شيء يدينه.

وقال أبو جاد، في بيان، اليوم الإثنين، "بخصوص واقعة وفاة المغفور له، أحمد زلط، وما يتردد من شائعات لا أساس لها من الصحة، فإنّ النائب حسين أبو جاد لم  يتوانَ ولن يتوانى عن حقوق أبناء دائرته، ولن يقبل بإهدار دم أحد، ولن ينحاز لطرف على حساب آخر".

وأضاف أبو جاد: "ستتم محاسبة المخطئ مهما كان موقعه، وسأتابع بنفسي تداعيات هذه القضية التي ما زالت قيد التحقيقات في النيابة العامة"، متابعاً "لقد تقدمت بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة (أدوات نيابية) إلى رئيس مجلس النواب، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وكذلك وزير الداخلية".


وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن فتح تحقيق داخلي بواسطة قطاع التفتيش والرقابة في الوزارة، حول واقعة مقتل زلط، الذي أُلقي القبض عليه بدعوى تورّطه في سرقة مستندات من شركة استشارات قانونية، إضافة إلى 5 من ذويه، لاحقاً، أثناء تظاهرهم أمام قسم الشرطة، واتهامهم بمحاولة اقتحامه، والتورّط في ارتكاب أعمال شغب، ومن ثم عرضهم على النيابة المختصة.

وحاصر العشرات من أقارب الضحية، قسم الشرطة، فجر الجمعة، نظراً لأنّ واقعة الوفاة حدثت عقب ساعات قليلة من الاعتقال، ما اضطر مديرية أمن القاهرة للدفع بعدد من مدرعات الأمن المركزي الإضافية لمنع محاولة اقتحام القسم، وفض تجمهر الأهالي بالقوة، في حين أمرت النيابة العامة بنقل الجثة إلى مشرحة زينهم، لتبيان أسباب الوفاة بعد تشريحها، وتكليف هيئة الطب الشرعي بإعداد تقرير مفصّل، والتحفظ على كاميرات القسم وتفريغها.

وتتزامن الواقعة، مع ذكرى اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 26 من يونيو/حزيران الجاري، بينما شهدت مصر سلسلة دموية من حوادث الوفاة جراء التعذيب، منذ نحو خمسة أعوام.



وسقط أكثر من 490 قتيلاً، في السجون ومقار الاحتجاز المصرية، منذ انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي، في يونيو/حزيران عام 2013، ما يشكّل انحرافاً كبيراً في إطار الحقوق والحريات، بحسب منظمات حقوقية غير حكومية.

وظاهرة وفاة المتهمين داخل مقار الاحتجاز معتادة في مصر، وكانت سبباً رئيسياً في اشتعال ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والتي كان مطلبها الأبرز إعادة هيكلة وزارة الداخلية.

وشكّل تعذيب الشاب خالد سعيد حتى الموت، في يونيو/حزيران 2010، ومن بعده الشاب سيد بلال، سبباً مباشراً لاندلاع الثورة.