انتقاد إيراني لروسيا وتباين بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة

انتقاد إيراني لروسيا وتباين بشأن التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة

25 يونيو 2018
انتخب فلاحت بيشه رئيساً للجنة الأمن القومي الإيراني(تويتر)
+ الخط -
قال رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، الذي خلف، أمس الأحد، علاء الدين بروجردي على رأس هذه اللجنة في مجلس الشورى، إن الإيرانيين تحولوا إلى لعبة بيد سياسات المصلحة الروسية، معتبراً أن بعض الملفات تحولت في الداخل الإيراني إلى ما يشبه العناوين المقدسة، فلم يعد بالإمكان انتقاد روسيا أو سورية، ولو حصل ذلك لتعرضت الجهة المنتقدة للهجوم، على حدّ قوله.

وفي حوار مع وكالة "إيسنا" الإيرانية، رأى فلاحت بيشه أن "الروس يتصرفون وفقاً للقواعد الدولية الحاكمة، بينما تتجاهل إيران ذلك، فتتحرك روسيا بالتالي وفقاً لمصالحها، وتبدي مرونة في ذلك، لأن علاقاتها مع الآخرين ليست ثابتة".

واعتبر فلاحت بيشه أن الروس هم ذاتهم الذين صوتوا ضد إيران أمام المجتمع الدولي سبع مرات، ورأى أنه كانت لدى روسيا تحديات خارج حدودها من قبيل ما حصل في القرم، أو مواجهتها للإسلام المتشدد، وبعدما فشلت الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، أرادت موسكو أن تتدخل في المنطقة، وكل هذا يدل على أن السياسة الروسية معقدة.

وانتقد رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني "محاولة تقديس روسيا في إيران"، بحسب عباراته، ومنع انتقادها، معرباً عن استمرار اعتقاده أن التعاون الإيراني - الروسي في مختلف القطاعات، وأولها العسكرية، وقع في خطأ استراتيجي، وهو ما لن ينتهي لصالح إيران في النهاية، على حدّ قوله.

كما انتقد فلاحت بيشه الموقف الروسي خلال الاجتماع الأخير لمنظمة "أوبك"، ورأى أنها وقفت إلى جانب السعودية، ما وجه رسالة للولايات المتحدة مفادها أن اللاعبين الرئيسيين جاهزون للتعويض عن النفط الإيراني، وهو ما لن تقوم به موسكو لوحدها، وإنما ستتبناه دول ثانية في المنطقة أنقذتها إيران من التطرف، حسب تعبيره، ورأى أن هذه الأطراف هي التي قسمت حصص إيران النفطية خلال زمن العقوبات، وبعضها "دول صديقة".

ورغم انتقاده هذا، إلا أن فلاحت بيشه رأى أن موسكو هي الطرف الذي يتخذ سياساته وفقاً لإدراك صحيحٍ للنظام الدولي. في المقابل، رأى أنه ينبغي على الإيرانيين أن يعدلوا سياستهم لتعتمد على المصالح، قائلاً إن إيران دفعت ثمن عدد من الأزمات الدولية دون أن تحقق أي فائدة، ومحذراً من زمن قد يصنف فيه البعض إيران عدوا، ويمتنعون عن مساعدتها اقتصادياً.

ودعا كذلك إلى التعقل في التعامل مع ملف العلاقات مع روسيا، إذ "يجب التركيز على المصالح القومية وعدم الاعتماد على بعض الأطراف" التي وصفها بأنها "غير أهل للثقة".


بدورها، أجرت السياسية الإصلاحية فائزة هاشمي، وهي ابنة الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، حواراً مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، انتقدت فيه العلاقات مع روسيا، وتساءلت عن الفوائد التي تجنيها طهران من سياستها الخارجية.

ورأت أن روسيا "تلاحق مصالحها الخاصة في سورية، وإيران هي التي جرّت موسكو إلى هناك، وفي الوقت الراهن تنوي روسيا طرد إيران من سورية". ونبهت إلى أنه لا مانع من أن توسع إيران نفوذها في المنطقة، لكن "حزب الله" هو الحليف الوحيد لإيران في المنطقة في الوقت الراهن، وهو ما قد يعني أن نهجها "غير صحيح"، على حد قولها.

وفي سياق آخر، اعتبرت هاشمي أنه كان من الخطأ ألا تفاوض إيران الولايات المتحدة، ورأت أن الحوار قد يفتح باباً للخروج من المشكلات. وقالت: "لا يجب التصرف بانفعال، يجب فتح حوار مع أميركا قبل أن تسوء الظروف أكثر من ذلك. لا خيار آخر لدينا، والتفاوض في وقت متأخر قد يتسبب بضغوطات أكبر".

وكانت مئة شخصية إصلاحية ممن يعيشون داخل إيران وخارجها، قد وجهوا رسالة إلى مسؤولين رفيعين في البلاد، مطالبين بفتح حوار مباشر مع الولايات المتحدة الأميركية لحل المشكلات، وهو ما لاقى انتقادات واسعة من قبل أطياف مختلفة في البلاد.

ورداً على ذلك، أصدرت أكثر من 15 ألف شخصية من النخب المحافظة والإصلاحية على حد سواء بياناً، اليوم الاثنين، جاء فيه أن الرسالة الداعية لهذا الحوار "ما هي إلا مشروع توافقي بين أطراف في الداخل والخارج يستهدف إيران".

ونشرت وكالة "فارس"، المحسوبة على التيار المحافظ، هذا البيان الذي شجب الدعوة للتفاوض غير المشروط مع الولايات المتحدة، كونها دولة غير أهل للثقة وخرجت حديثاً من الاتفاق النووي الإيراني ولا تحترم المعاهدات الدولية.

ورأى الموقعون على البيان أن الحوار الآن لا ينفع، فمن وافقوا عليه في السابق يعتبرونه اليوم، وفي ظلّ كل هذه الظروف، خطوة غير عقلانية، داعين إلى حلّ مشكلات الاقتصاد الإيراني بالوقوف بوجه ما وصفوه بمؤامرات الأعداء والاعتماد على القدرات المحلية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في مايو/أيار الماضي، ولم يوافق على تجديد تجميد العقوبات المفروضة على إيران بموجبه، ورأى أنه اتفاق ناقص يحتاج إلى تعديل، منتقداً سياسات إيران الإقليمية وإصرارها على تطوير البرنامج الصاروخي.

ورغم أن طهران رفضت الانسحاب ولا تزال تحاول الحفاظ على الاتفاق لحصد مكتسباتها الاقتصادية، إلا أنها رأت أن في الخطوة الأميركية نكث للعهود الدولية، وأن ذلك يؤكد أنها طرف غير أهل للثقة، كما قال مسؤولوها.

المساهمون