زمن سقوط العرب

زمن سقوط العرب

17 يونيو 2018
صوتت دول عربية لأميركا لاستضافة كأس العالم(كيريل كودريافتسيف/فرانس برس)
+ الخط -

جلست رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، على الأرض، تقاسمت لقمة مع مضيفيها في أحد مساجد بريطانيا، ولم تنسَ حجابها احتراماً للطقوس وللمشاعر خصوصاً. كان المشهد مخزياً في الواقع، لأنه تزامن مع فضيحة تصويت دول عربية مع أميركا ضد المغرب في ملف استضافة كأس العالم لكرة القدم في العام 2026. ولم يكن مجرد تصويت سري أخرس، بل سبقه صلف الإعلان عنه، السعودية والإمارات والبحرين والأردن والعراق ولبنان، كلهم صوتوا لأميركا، وليذهب المغرب إلى الجحيم.

ليس هذا كل ما في الأمر، فلقد تعودنا على خيانة الزعماء والقادة، وليس في الأمر أي جديد، وإنما تحول الموضوع إلى معركة طاحنة بين الشعوب، واستُلّت الخناجر على المواقع الاجتماعية وتبادل الكل موجات السباب والسخرية والكراهية، وزدنا بعاداً على بعادنا وفرقة على فرقتنا. وجرى كل هذا أيام العيد، أي في أيام يُفترض فيها أن يتواصل المنقطعون ويتسامح المتخاصمون ويعود الود إلى ديار تنازعت. ما الذي سيحفظه التاريخ لمن حاصروا شعباً وأثاروا فتناً وقاطعوا بلداناً وقطعوا أوصال شعب عربي لم يعد يعرف ما يفعل بحكامه، بينما في الجهة الأخرى يستفرد الصهاينة بشعب أعزل، يقتلون ما تبقى من شبابه ويجهزون على آماله بمباركة من نفس الخونة ومن نفس الحمقى. وتطلع علينا كل يوم تسريبات عن لقاءات عربية مع الإسرائيليين، حتى لم يعد الأمر مجرد تسريب، وإنما صار أمراً واقعاً لا ينقصه إلا الإعلان عن فتح السفارة الإسرائيلية في أبوظبي، ونقل السفارة الإماراتية إلى القدس.

ربما بقينا من الحالمين أو لعلنا من الأغبياء، ولربما كان الخلاص بالفعل على يد الرئيس الأميركي المجنون، دونالد ترامب، ونحن لا نفهم ولا نعي. ربما كان أولئك على صواب نفضوا أيديهم تماماً من العرب والعروبة، ولكن في هذه الحالة عليهم أن يتوقفوا عن ترديد أنهم قبلة المسلمين وقادة العرب وآباء الأمة حتى نحج جميعاً إلى واشنطن. كسّروا عظامنا بخياناتهم وقضوا على آخر أمل لنا بأن يتوبوا ويصلحوا، وأجبرونا على أن نكون شهوداً على زمن سقوط العرب، أو لعله زمن موت العرب.