ضربات جوية لقوات حفتر لاسترداد حقل السدرة النفطي

ضربات جوية لقوات حفتر لاسترداد حقل السدرة النفطي

17 يونيو 2018
تمتدّ منطقة الهلال النفطي من السدرة حتى زويتينة (Getty)
+ الخط -

بعد سيطرة قوات آمر "حرس المنشآت النفطية" السابق، إبراهيم الجضران، على حقل السدرة، أولى مناطق الهلال النفطي غرب ليبيا، ومحيطه، بدأت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بشن سلسلة غارات جوية، منذ ساعات فجر اليوم الأحد، في محاولة لاسترداد الحقل.

وبحسب آمر "الغرفة الأمنية المشتركة"، العميد خليفة أمراجع، فإن الضربات الجوية التي وصل عددها إلى خمس غارات حتى صباح اليوم، استهدفت تمركزات الجضران في مناطق النوفلية ووادي كحيلة، وبالقرب من راس لانوف (مناطق في الهلال النفطي).

وقال أمراجع، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الغارات حققت أهدافها بـ"تدمير عدد من آليات القوات المعادية"، متهماً الجضران بالاستعانة بمرتزقة المعارضة التشادية في هجومه على منطقة الهلال الخميس الماضي.

وعرضت صفحات تابعة لقوات حفتر عدداً من التسجيلات المرئية التي تُظهر مشاهد تفجيرات قالت إنها استهدفت مخازن ذخيرة ومواقع لقوات الجضران، من دون أن تحدّد مكانها.

كذلك أكّد أمراجع أنه سيتوجه اليوم إلى منطقة الهلال على رأس قوة كبيرة لتنضم إلى أرتال من القوات البرية التي تقدمت نحو تخوم منطقة الهلال النفطي لملاحقة فلول قوات الجضران في الصحراء "واستئصالها"، بحسب قوله.


وفيما لم يعترف أمراجع بسيطرة الجضران على ميناء السدرة، طالبت المؤسسة العامة للنفط قوات الأخير بمغادرة الميناء بسبب انفجار أحد خزانات النفط فيه "تلافياً لوقوع كارثة"، في إشارة واضحة إلى اعتراف سلطات حكومة الوفاق التي تتبعها مؤسسة النفط بسيطرة الجضران على الميناء.

وتنكر قوات حفتر دخول قوات الجضران إلى منطقة الهلال. وأعلن المتحدث العسكري باسمها، العميد أحمد المسماري، في وقت متأخر ليل أمس السبت، عن إطلاق عملية جوية واسعة ضد قوات الجضران، مشيراً إلى أنها "ستستهدف تمركزات القوات المعادية حول الهلال النفطي".

وطالب المسماري الأهالي بالابتعاد عن نقاط وجود قوات الجضران ومخازن ذخيرته، مؤكداً أن محيط الهلال هو منطقة عسكرية.

وتحتوي منطقة الهلال النفطي التي تمتدّ من ميناء السدرة (شرق سرت بنحو 180 كيلومتراً) حتى ميناء الزويتينة (غرب بنغازي بـ170 كيلومتراً) على عدد من الموانئ، كالسدرة والبريقة والزويتينة، بالإضافة إلى مجمع راس لانوف النفطي.

وفيما لم يتسن الوصول إلى مصادر تابعة أو مقربة من الجضران، أكد بيان حمل اسم "شباب حرس المنشآت النفطية" على هدف تحرير الموانئ النفطية من سلطة قوات حفتر وإعادتها إلى شرعية حكومة الوفاق.

لكن حكومة الوفاق شجبت الخميس الماضي ما وصفته بـ"التصعيد العسكري في منطقة الهلال النفطي"، معتبرة أنه "يهدد قوت الليبيين"، من دون أن تعترف بتبعية قوات الجضران لها، بالتوازي مع استنكار محلي ودولي واسع للهجوم على المنطقة.

وكانت قوات حفتر قد انتزعت السيطرة في سبتمبر/ أيلول 2016 على منطقة الموانئ التي كان يتمركز فيها الجضران بصفته آمر حرس المنشآت النفطية التابعة لـ"الوفاق". وفي مارس/ آذار من العام الماضي، فشل الجضران في استرداد سيطرته على المنطقة بعد هجوم دام أياماً عدة بمساعدة "قوات سرايا الدفاع عن بنغازي".

تفتت لجبهة حفتر القبلية

إلى ذلك، أطلقت أجهزة أمنية تبعة لقوات حفتر حملة اعتقالات واسعة في شرق ووسط البلاد، على خلفية الهجوم الأخير على منطقة الهلال النفطي.

وأكد مصدر أمني تابع لحفتر لـ"العربي الجديد" أن الاعتقالات طاولت عدداً من أبناء قبيلة المغاربة في أجدابيا والبريقة التي ينتمي إليها الجضران، وعدداً من أبناء قبيلة البراغثة شرق بنغازي التي ينتمي إليها المهدي البرغثي، وزير الدفاع المقال من حكومة الوفاق، الذي يعتبر الجضران مقرّباً منه.

وقال إن الأوضاع متوترة بشكل كبير، لا سيما في أجدابيا وبنغازي، واصفاً الإجراء الأمني بـ"المتسرع الذي يكشف عن ارتباك قرارات قيادة حفتر".

وأعرب المصدر عن تخوّفه من تصاعد حدة الأمور، لدرجة حدوث تمرد قبلي وشيك، على خلفية الاعتقالات الواسعة التي رافقتها عمليات ضرب وتنكيل، لا سيما في البريقة، وفي صفوف قبيلة المغاربة، مؤكداً أن أجهزة حفتر الأمنية تسعى إلى السيطرة على من وصفتها بـ"الخلايا النائمة"، معتبراً أن وصف تلك الأجهزة لأبناء القبائل بالإرهابيين أمر غير مقبول وقد يقود إلى غضب متزايد".

وأكد أن القبضة الأمنية لحفتر "لا تزال قوية في المنطقة"، لكنه أشار إلى "إمكانية وقوع ردات فعل غاضبة قد تتوسع، في ظلّ عدم الرضا القبلي على تصرفات حفتر وحروبه المتزايدة"، كاشفاً رفض وحدات من "قوات الصاعقة" في بنغازي أوامر اللواء الليبي المتقاعد بالذهاب إلى منطقة الهلال للمشاركة في عمليات استردادها، كمؤشر أول لانفلات الأمور.

وأوضح أن "واقع الأحداث في منطقة الهلال كان يسوده الغموض والتكتم، لكن بيان مؤسسة النفط يوم أمس السبت الذي طالب الجضران ومقاتليه بمغادرة ميناء السدرة، بعد انفجار أحد خزانات النفط فيه، أكد للرأي العام أن الجضران بالفعل تمكن من تحقيق نصر على حفتر وسيطر على أهم موانئ النفط بمنطقة الهلال"، لافتاً إلى أن هذا التأكيد قد يزيد من ارتفاع أصوات مناصري الجضران من داخلة قبيلته المغاربة.

وتعد قبيلة المغاربة التي تتخذ من أجدابيا (150 كيلومتراً شرق بنغازي) معقلاً رئيساً لها، من أكبر القبائل في وسط البلاد، إذ تمتدّ أراضيها لتضم كامل منطقة الهلال النفطي التي تتوفر على أهم وأكبر موانئ تصدير النفط في البلاد، بالإضافة إلى كون أحد أبنائها يمسك بجهاز حرس المنشآت النفطية. كما أنها سعت خلال عام 2013 إلى تأسيس المكتب السياسي لإقليم برقة وإطلاق حكومة إقليمية شرق البلاد، ما يشير إلى نفوذها في كامل الشرق الليبي.

لكن حفتر تمكّن من عقد تحالفات مع بعض فروع القبيلة وإبرام صفقة لإعلان الولاء لقواته وسحب تأييدها للجضران الذي أعلن ولاءه لحكومة الوفاق منذ دخولها إلى طرابلس في مارس/ آذار 2016، ليتمكن حفتر في سبتمبر/ أيلول من العام ذاته من السيطرة على منطقة الهلال، على أن تكون أبرز المجموعات العسكرية الموجودة فيها من عناصر قبيلة المغاربة.

وفي أول مؤشر على تفتت جبهة حفتر الداخلية، أكد المجلس الاجتماعي لقبيلة المغاربة أن "غالبية مقاتلي حرس المنشآت النفطية هم من أبناء قبيلة المغاربة"، مضيفاً في بيان رسمي له، بعد ساعات من هجوم الجضران على منطقة الهلال الخميس الماضي، أن لهؤلاء المقاتلين "دوراً مشهوداً في مكافحة الإرهاب ضد تنظيم داعش الذي كان موجوداً في مناطق النوفلية وبن جواد، وفي المنطقة الوسطى على وجه العموم".

واتهم المجلس وسائل الإعلام المحلية بـ"تضخيمها الحرب الدائرة في منطقة الهلال ووصفها بأنها حرب بين الجيش الليبي وإرهابيين بطريقة تعسفية وتعميم سطحي" داعياً إلى "نبذ العنف والانخراط في حوار بناء".

وفي مؤشر لم يخل من التهديد، حذّر المجلس من "الانزلاق إلى أتون حرب أهلية"، مشدداً على أنه "لا يمكن قط تكرار الخطأ الكارثي بتجاهل عودة المهجرين قسرياً، وخاصة الذين لم يتورطوا في إراقة دماء الليبيين". وأعرب البيان عن قلقه من "عدم تعاطي الحكومات في الشرق والغرب مع قضية المهجرين قسرياً لأكثر من 475 شاباً من قبيلة المغاربة و150 أسرة نازحة بخلاف التركيبات الأخرى".

وشدد البيان على ضرورة "وقف إطلاق النار في هذه المناطق ووقف تحليق الطيران العسكري"، مؤكداً بدء إطلاق "اتصالات من أجل تشكيل مجموعات عمل للتواصل مع جميع الأطراف".

المساهمون