الكشف عن قرض المليارات الـ5 يربك الحكومة المصرية

الكشف عن قرض المليارات الـ5 يربك الحكومة المصرية

14 يونيو 2018
تفريعة قناة السويس رابط مشترك بين ولايتي السيسي(فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر رسمية مصرية عن أزمة كبرى تشهدها وزارة المالية، بعد انفراد "العربي الجديد" بالكشف عن اتجاه الحكومة المصرية لاقتراض 5 مليارات دولار، لسداد مستحقات حاملي شهادات تفريعة قناة السويس الجديدة. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن جهات سيادية فتحت تحقيقات موسّعة مع عدد من المسؤولين الكبار في الوزارة عن ذلك الملف، لمعرفة من وقف وراء تسريب الخبر، خصوصاً بعدما تسبّب في هجوم ونقد لاذع للنظام الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، في وقت جاء فيه إقدام الحكومة على تلك الخطوة مع بداية الولاية الثانية له. وأضافت المصادر أنّ التحقيقات الجارية قد تطيح عدداً من قيادات الوزارة خلال الفترة المقبلة، تحت غطاء التشكيل الحكومي الجديد برئاسة مصطفى مدبولي، وربّما يكون على رأسها الوزير الحالي، عمرو الجارحي.

واضطرت وزارة المالية إلى نفي الخبر عبر بيان رسمي على لسان مَن تم وصفه بمصدر رفيع المستوى، من دون الإشارة إلى اسم أي من قيادات الوزارة، في سابقة غير معهودة. وبحسب المصادر، فإن بيان النفي جاء بعد توجيهات من جهات سيادية، أمام الضجة التي أثارها خبر الكشف عن تلك الخطوة. وكانت مصادر حكومية مطلعة قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" عن اتجاه الحكومة المصرية لاقتراض 5 مليارات دولار، لسداد التزامات مالية، منها ردّ قيمة شهادات قناة السويس البالغة 64 مليار جنيه مع اقتراب موعد استردادها. وأوضحت المصادر أن الحكومة خاطبت العديد من الجهات الدولية المانحة للحصول على القرض. وفي حين رفض عدد من هذه الدول تلبية الطلب المصري، طلبت جهات أخرى فرصة لدراسته، ومراجعة الضمانات المقدمة من جانب الحكومة ووزارة المالية.

وقالت المصادر إن الحكومة تعيش مأزقاً حادّاً، بسبب تلك الشهادات التي سيحلّ موعد استردادها في العام المقبل، في ظلّ عدم وجود سيولة مالية لدفعها للمستحقين، خصوصاً أنّ القناة الجديدة لم تحقّق العائد المرجوّ منها. وكان من المخطط أن يتم دفع تلك الشهادات من عوائد وأرباح التفريعة الجديدة، وهو ما لم يحدث، بسبب تراجع حركة التجارة العالمية.

وفور الكشف عن نية الحكومة للاقتراض مجدداً من أجل تعويض خسائر "تفريعة القناة القديمة"، زادت حدة الهجوم على سياسات النظام الحالي، وفشلها، بحسب مراقبين، في ظلّ افتقاده لتحديد الأولويات الاقتصادية للبلاد منذ تولّيه دفة الحكم.


وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" أنّ اتجاه الحكومة لاقتراض 5 مليارات دولار، أي ما يعادل نحو 94 مليار جنيه مصري، بما يزيد عن قيمة أصول الشهادات المقدرة بنحو 64 مليار جنيه، يرجع إلى تغطية الخسائر الناتجة عن سداد عائد الشهادات الذي يصرف ربع سنوياً على مدار الخمس سنوات، ويقدّر بنحو 1.5 مليار جنيه مصري.

وبحسب المصادر، فإن لجوء الحكومة للاقتراض بالدولار من المؤسسات الدولية، يرجع إلى قلّة التكلفة وانخفاض سعر الفائدة على العملة الأميركية التي تتراوح ما بين 4 و5 في المائة سنوياً، مقارنةً بالفائدة المحلية على الاقتراض بالجنيه التي تزيد عن 18 في المائة.

وكانت الحكومة المصرية قد أصدرت، عبر أربعة بنوك هي "القاهرة" و"الأهلي" و"مصر" و"قناة السويس"، شهادات باسم قناة السويس عام 2014، بفائدة سنوية تبلغ 12 في المائة، وهي الأعلى وقتها، بغرض تمويل مشروع "التفريعة" الجديدة لقناة السويس، واستطاعت من خلالها جمع سيولة تزيد عن 68 مليار جنيه (بما يزيد عن 8 مليارات دولار بأسعار الدولار في ذلك الوقت).

وأعلنت الحكومة في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 اعتزامها زيادة العائد على شهادة قناة السويس لتصل إلى 15.5 في المائة، بدلاً من 12 في المائة، وذلك بعد توجّه زيادة سعر الفائدة في البنوك عقب تعويم العملة المحلية وقيام عدد من العملاء باسترداد قيمة الشهادة واستغلال قيمتها في شراء شهادات جديدة طرحتها البنوك بعائد 20 في المائة. وأكد وقتها نائب وزير المالية لشؤون الخزانة، محمد معيط، أن رفْع الفائدة على شهادات استثمار قناة السويس سيكّلف موازنة البلاد نحو 2.2 مليار جنيه (133 مليون دولار) سنوياً.

تجدر الإشارة إلى أنّ تفريعة قناة السويس تعتبر رابطاً مشتركاً بين الولاية الأولى للسيسي في حكم مصر، التي بدأت عام 2014، والولاية الثانية التي بدأها الأسبوع الماضي. واستهل السيسي ولايته الأولى بالمشروع الذي كان محلّ انتقادات واسعة من المتخصصين، مؤكدين أنه عديم الجدوى الاقتصادية وسيمثّل عبئاً كبيراً على اقتصاد الدولة، في حين استهل الرئيس المصري ولايته الثانية بقرض جديد ينضمّ إلى قائمة الديون الخارجية التي باتت الخطر الأكبر على اقتصاد بلاده.

وكانت مصر قد توصّلت في أغسطس/ آب 2012 إلى اتفاق مع "صندوق النقد الدولي" يقضي بحصولها على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، مقابل الالتزام بورشة إصلاح ومجموعة من الإجراءات، اتجهت بموجبها الحكومة المصرية إلى خفض قيمة الدعم على عدد من الخدمات الحكومية والوقود وتحرير سعر صرف العملة الأجنبية، ما أسفر عن موجة كبيرة من الزيادات في الأسعار، التي تسببت بحالة غضب عارمة في الشارع المصري تجاه سياسات النظام الحاكم.

المساهمون