حملة إعلامية رسمية لتهيئة المصريين لزيادة أسعار الوقود

حملة إعلامية رسمية لتهيئة المصريين لزيادة أسعار الوقود... والسيسي يحتفظ بالتوقيت

31 مايو 2018
طابور من المواطنين بالمنصورة خلال أزمة الوقود عام 2014(الأناضول)
+ الخط -
وزّعت الدائرة الاستخباراتية-الرقابية الخاصة بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على جميع الصحف الحكومية والخاصة الموالية لها، بيانات وتقارير موسعة تتضمّن إحصائيات بما تتحمله الدولة من أعباء مالية نتيجة استيراد منتجات النفط، مع تعليمات بنشرها في جميع المطبوعات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لتهيئة الرأي العام لقرار وشيك بزيادة أسعار المحروقات، ثمّ زيادة أسعار الكهرباء والمياه والغاز.

وقال مصدر حكومي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن جهاز الاستخبارات العامة اتخذ قراراً بتدشين هذه الحملة الإعلامية لأيام عدة، قبل رفع أسعار البنزين والسولار في محطات الوقود بشكل رسمي، وذلك للتصدي المسبق لمحاولات التشكيك في الأرقام الحكومية التي تزعم أن الدولة تتحمّل نتيجة استيراد منتجات الوقود المختلفة 104 مليارات جنيه تقريباً (نحو 6 مليارات دولار)، وأنه يجب على المواطنين المشاركة في تحمّل هذه الأعباء بتخفيض الدعم على جميع المنتجات، نزولاً عند شروط "صندوق النقد الدولي".

وأضاف المصدر أنّ هذه الحملة الإعلامية التي امتدت لتشمل بعض الصفحات التي تديرها لجان إلكترونية تابعة لجهاز الاستخبارات، تأتي بسبب القلق الرسمي من ردة الفعل الشعبية إزاء زيادة سعر بنزين 92 شائع الاستخدام في سيارات الطبقة المتوسطة، بنسبة تقارب 40 في المائة، وزيادة سعر السولار بنسبة 45 في المائة تقريباً، مما سينعكس بزيادة أكيدة على أسعار السلع بمختلف أنواعها.

وتسود الدوائر الاقتصادية توقعات برفع سعر بنزين 80 أوكتان إلى 5 جنيهات على الأقل بدلاً من 3.65 جنيهات، وسعر بنزين 92 أوكتان إلى 7 جنيهات بدلاً من 5 جنيهات، وبنزين 95 أوكتان الخاص بالسيارات الفارهة والحديثة إلى 7.5 جنيهات بدلاً من 6.6 جنيهات، والسولار إلى 5 جنيهات بدلاً من 3.65 جنيهات، وغاز السيارات إلى 2.25 جنيه بدلاً من جنيهين.

وكشف المصدر الحكومي أنه لم يتم تحديد السعر النهائي لبنزين 92 أوكتان إلى الآن، بسبب وجود تخوّفات من ردة فعل الجمهور، خصوصاً أنّ نسبة كبيرة من مستخدمي هذا النوع من البنزين ينتمون للطبقة ذاتها التي تضرّرت من زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق أخيراً، وفقاً لاستطلاعات أجرتها الاستخبارات ومصلحة الأمن العام، بناء على اختبارات أطلقت عبر وسائل الإعلام وبعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأسبوعين الماضيين. أمّا السولار وباقي أنواع الوقود، فأسعارها لن تختلف كثيراً عن المتداول في وسائل الإعلام.

وزعمت بيانات دائرة السيسي الموزعة على الصحف، فجر أمس الأربعاء، أن التكلفة الحقيقية لبنزين 92 تصل إلى 11 جنيهاً، وأنّ بنزين 80 أوكتان قيمته الحقيقية تلامس 10 جنيهات، مما يعني أن الدولة تتحمّل ضعف الثمن حالياً بسبب زيادة سعر برميل البترول إلى 77 دولارا، علماً أن زيادة دولار واحد في سعر البرميل يزيد مباشرة قيمة الدعم، وفقاً للموازنة، 3 مليارات جنيه، في حين ترغب الحكومة، بناء على شروط الاقتراض من "صندوق النقد الدولي"، في خفض نسبة الدعم العام لجميع السلع والخدمات بقيمة 30 مليار جنيه.

وأشار المصدر إلى أنّه من المتوقّع زيادة الأسعار رسمياً نهاية الأسبوع الجاري، نظراً إلى ثلاثة ملامح رئيسية؛ الأول هو تصاعد الحملة الإعلامية لتهيئة الرأي العام وتضخيم دور الدولة في تأمين الاحتياجات البترولية، والثاني هو فرض رقابة صارمة من قبل وزارتي التموين والبترول على جميع محطات الوقود، لمنع شراء كميات كبيرة خارج وسائل الشراء والتعبئة التقليدية. أمّا الثالث، فهو تشكيل لجنة عمليات مركزية بين الرئاسة ووزارات الدفاع والداخلية والبترول والتموين لسرعة تلقي الشكاوى حال حدوث أي اشتباكات في محطات الوقود، وضمان وجود الوقود بكثافة في المحطات المملوكة للجيش لسدّ العجز، حال حدوث أي مشكلة قد تعيق محطات الوقود الخاصة أو المملوكة لوزارة البترول وشركاتها عن العمل، فضلاً عن تأمين جميع المحطات داخل المدن الكبرى وعلى الطرق الرئيسية.

لكن يبقى القرار النهائي بتوقيت زيادة الأسعار في يد السيسي وحده، قياساً بمعطى آخر، هو أنه حدّد يوم السبت المقبل 2 يونيو/حزيران، لزيارة مجلس النواب وأداء اليمين الدستورية لولايته الرئاسية الثانية، الأمر الذي يطرح تساؤلات عما إذا كان سيتعمّد زيادة الأسعار يوم الخميس أو الجمعة، ليخصّص خطابه أمام البرلمان لتبرير هذه الزيادات وامتصاص الغضب الشعبي، أم أنه سيفضل إضفاء المراسم الاحتفالية على الزيارة، ويؤجّل القرار لنهاية الأسبوع المقبل أو لفترة عيد الفطر.

وعلى الرغم من أنّ هذه الزيادة المرتقبة حتمية ومحددة سلفاً منذ بداية برنامج تخفيض الدعم الحكومي، إلا أنّ تجربة الانتفاضات الشعبية العفوية ضد قرار رفع أسعار المترو والتي استدعت نزول عناصر الأمن المركزي إلى جميع المحطات على مستوى القاهرة الكبرى، تطلّ برأسها وتهدد بغضب شعبي عارم إزاء ارتفاع الأسعار وعدم شعور المواطنين بالتحسّن على مستوى الخدمات المرفقية والمشروعات التنموية التي تزعم الحكومة انخراطها فيها.

وسبق أن توقّع مصدر في مصلحة الأمن العام، لـ"العربي الجديد"، بناء على تقارير أعدتها أجهزة الاستطلاع في وزارة الداخلية، أن تشهد الفترات المقبلة، بسبب زيادة أسعار وسائل المواصلات بصفة عامة؛ موجات واسعة من قرارات تخفيف أعداد الموظفين في القطاع الخاص، بسبب زيادة كلفة الإنتاج في جميع المجالات، وزيادة أسعار الخدمات والمرافق، في ظلّ رغبة أرباب الأعمال ذات الكثافات المتوسطة والقليلة، في تخفيض حجم الخسائر أو الحفاظ على مستوى الربح، مما قد يؤدي إلى زيادة في أعداد العاطلين عن العمل خلال العام المقبل.