إبراهيم صهد لـ"العربي الجديد": عقيلة صالح نسف لقاء المغرب

إبراهيم صهد لـ"العربي الجديد": عقيلة صالح نسف لقاء المغرب

04 مايو 2018
صهد: لدى حفتر نزعة إلى التسلّط العسكري (العربي الجديد)
+ الخط -
يكشف عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، إبراهيم صهد، عن خفايا وكواليس اللقاء الذي جمع رئيس المجلس، خالد المشري، برئيس البرلمان في الشرق الليبي عقيلة صالح، في المغرب الأسبوع الماضي، وكذلك زيارة وفد من المجلس إلى القاهرة حالياً. وأكد صهد، وهو أحد أعضاء الوفد الذي زار المغرب برفقة المشري، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد"، عن أن "لقاء المشري ــ صالح تم برعاية مغربية وفي جو ودي وصريح، وتم الاتفاق على بعض النقاط الهامة، ومنها التوافق على تعديل الاتفاق السياسي وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين، وتعيين رئيس للوزراء يقوم بتشكيل حكومة جديدة". لكنه استدرك قائلاً "عدنا من المغرب بتفاؤل كبير، غير أن تصريحات عقيلة صالح الأخيرة التي أدلى بها في القاهرة كفيلة بنسف ما تم الاتفاق عليه، إذ إنه تجاهل المخرجات وما دار في اللقاء".
*****************

* ماذا عن خفايا وكواليس لقاء رئيس المجلس، خالد المشري، مع رئيس البرلمان في الشرق الليبي عقيلة صالح في المغرب، ولماذا تمّ بعيداً عن الكاميرات؟
لعل مبادرة رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، بتوجيه الدعوة إلى رئيس البرلمان، عقيلة صالح، للالتقاء هي نقطة البداية، مع توجيه المغرب دعوة إليهما لزيارته، الأمر الذي قبلناه، وشكلنا وفداً لهذا الغرض استقبل بحفاوة بالغة مشكورة، والتقى الوفد خلال الزيارة مسؤولين عدة في المغرب. وفي هذه اللقاءات أوضحنا وجهات نظر مجلس الدولة واستعدادنا للتوافق مع مجلس النواب من دون أي إبطاء، أما لقاء المشري مع صالح فقد تم برعاية وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وربما جرى الاتفاق على أن يتم اللقاء بعيداً عن الكاميرات.



* وما أبرز وأهم الملفات التي ناقشها الطرفان بجدية وتفاهم؟
المناقشات تركزت على التوافق بشأن تعديل الاتفاق السياسي وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين، وتعيين رئيس للوزراء يقوم بتشكيل حكومة جديدة. كما تم التوافق على تفعيل المادة 15 من الاتفاق السياسي المختصة بإعادة تعيين المناصب السيادية، وظلت مشكلة عدم الاتفاق على الآلية التي يتم عبرها تشكيل المجلس الرئاسي. وفي هذا الشأن، تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين للتفاهم والاتفاق حول هذه الآلية، وعلى أن يعقد كل مجلس اجتماعاً لمتابعة مخرجات لقاء المغرب بين الرئيسين، وفيما عقد مجلس الدولة اجتماعه، الإثنين الماضي، إلا أن مجلس النواب لم يجتمع. وقد عدنا من المغرب بتفاؤل كبير، غير أن تصريحات عقيلة صالح الأخيرة التي أدلى بها في القاهرة كفيلة بنسف ما تم الاتفاق عليه، إذ إنه تجاهل المخرجات وما دار في اللقاء.

* وما دلالة أن يتم اللقاء بعيداً عن دعم أو تنسيق من قبل البعثة الأممية إلى ليبيا؟
لا أعتقد أن هناك دلالة كبيرة، لكن واضح أن البعثة الأممية ظلت عاجزة عن الدفع بملف التوافق إلى الأمام، وساهمت إلى حد كبير في حالة الانسداد التي نتجت بعد مباحثات تونس.

* وهل تتوقع اجتماعاً قريباً بين الطرفين في مدينة طبرق (شرق ليبيا)؟
على الرغم من أن رئيس المجلس الأعلى للدولة قد عبّر عن استعداده للذهاب إلى طبرق، وترحيب مجلسنا بذلك، إلا أنني لا أرى أن ذلك سيتم في الوقت القريب.

* عقد المجلس جلسة للاستماع إلى نتائج لقاء المشري ــ صالح، ما أبرز ما جاء فيها؟
انتهى الاجتماع بإصدار بيان أعاد فيه المجلس تأكيد مواقفه السابقة والرغبة الجادة في التوافق مع مجلس النواب وتعديل الاتفاق السياسي وفتح المجال أمام مزيد من التواصل والانفتاح على مجلس النواب للوصول إلى تنفيذ الاتفاق السياسي. وكان المجلس الأعلى في جلسته يوجّه رسالة أمل رغم تصريحات صالح المناقضة لما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين في المغرب.

* أكدتم في بيان لكم على ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية، هل ترى هذا متاحاً الآن؟
ما يعترض توحيد المؤسسة العسكرية هو إصرار حفتر على جعل هذه المؤسسة خاضعة بالولاء لشخصه ولمشروعه واستخدام هذه المؤسسة للسيطرة على السلطة، وللأسف فإن هناك أطرافاً إقليمية ودولية تدعم مشروع حفتر وحملاته العسكرية التي دمرت بنغازي وهجرت وشردت أكثر من نصف سكانها وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 15 ألف مواطن وجرح عشرات الآلاف، وعلاوة على ذلك فهو يخضع مدينة درنة وسكانها إلى حصار خانق ويهدد باجتياحها.

* طالبتم البرلمان بضرورة تفعيل المادة 23 من الاتفاق السياسي الخاصة بالاستفتاء على الدستور، هل تؤيدون الاستفتاء أولاً ثم الانتخابات أم العكس؟
الاستفتاء على الدستور وإقراره يكون أولاً، حتى تدخل البلاد في المرحلة الدائمة وتجرى انتخابات على أساس النصوص الدستورية. أما الانتخابات التي تسبق الدستور فستُدخل البلاد في مرحلة انتقالية أخرى وستكون مرحلة خطرة لعدم استنادها إلى أية مرجعية، علاوة على عدم توافر الشروط اللازمة لإجراء انتخابات شفافة يتمكن المرشح والناخب في ظلها من ممارسة حقه الانتخابي بحرية وبمعزل عن التهديد. ولعلّ التصريحات الأخيرة لحفتر التي يصرّ فيها على تسفيه الانتخابات واستبعادها خير دليل على حجم التهديد الذي ستواجهه الانتخابات.

* هل ترى أن خلفية رئيس مجلس الدولة (العدالة والبناء المحسوب على الإخوان المسلمين) ستؤثر على خطوات المجلس وتقاربه مع الشرق الليبي، خصوصاً البرلمان؟
يمكن للباحثين عن عراقيل أن يصطنعوها، فقد سبق احتجاج المعرقلين برئاسة عبد الرحمن السويحلي، لكن الواقع والمعطيات أن الرئيس خالد المشري في أول كلمة له عبّر عن رغبته في المساهمة في توافق المجلسين. واقترح اللقاء مع عقيلة صالح، والتقاه فعلاً في المغرب، وأنا أدعو إلى عدم شخصنة الأمور وإعطاء فرصة أمام المجلسين للتواصل والتوافق.


* وهل فعلاً يسيطر تيار "العدالة والبناء" ومؤيدوه على القرار في المجلس؟
لا ليس صحيحاً، في العام الماضي رشحت كتلة "العدالة والبناء" أحد أعضائها لمنصب الرئاسة وآخر لمنصب النائب الأول، ولم يفز أي منهما. ولا يعني انتخاب أحد أعضاء الكتلة للرئاسة أن الكتلة ستسيطر على قرار المجلس، فقرارات المجلس تخضع للتصويت، وسنرى أن التعامل مع كل قرار سيكون حسب نصه وما يرسيه.

* وماذا عن زيارة وفد المجلس برئاسة النائب الثاني لرئيس المجلس، فوزي عقاب، إلى مصر، ما أهم الملفات التي يحملها عقاب إلى الدولة المصرية؟
مصر دولة مهمة بالنسبة إلى ليبيا ولم تكن المرة الأولى التي يوفد فيها المجلس الأعلى للدولة وفدا للتباحث مع المسؤولين في القاهرة، كما أن عدداً من أعضاء المجلس يديمون الاتصال مع الجهات المختصة بالقاهرة. أما عن زيارة الوفد برئاسة النائب الثاني لرئيس المجلس، فاسمح لي أن أنتظر النتائج.

* وبدوركم كيف تقيمون دور الدولة المصرية الآن في الملف الليبي؟
كنت أتمنى أن يكون الدور المصري إيجابياً وامتداداً لعلاقات الأخوّة والجوار.


* عقدت القاهرة أخيراً اجتماعاً للمجموعة الرباعية جرى التأكيد فيه على ضرورة وأهمية الانتخابات ودعم خطة المبعوث الأممي غسان سلامة، كيف قرأت الاجتماع ومخرجاته؟
أشرت سابقاً إلى أن الانتخابات في الوقت الحالي تفتقر إلى المناخات والشروط اللازمة لنجاحها. لقد فشلت البعثة منذ أيام مبعوثها مارتن كوبلر في الإيفاء بالتزاماتها حسب الاتفاق السياسي بوقف إطلاق النار وتنفيذ التدابير الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي. وأرى أن اللجوء إلى انتخابات قبل الدستور ومن دون توافر شروط نجاحها هو هروب إلى الأمام وأخشى أن تؤدي إلى مزيد من الانفلات الأمني.

* وما تعليقكم حول تصريحات حفتر الأخيرة التي سخر فيها من العملية الانتخابية ووصفها بالتمثيلية؟
لا تنسَ أيضاً أنه قال إن "الجيش هو من يجب أن يحكم"، ولهذه التصريحات دلالة واضحة على استمرار نزعته في السيطرة بالقوة المسلحة على السلطة في البلاد، علاوة على أنه في الواقع امتداد سخيف وخطير لأقوال (العقيد معمّر) القذافي حول الانتخابات والمجالس النيابية، ومحاولة لعودة ليبيا إلى حكم العسكر. وأنا لا أجد غرابة في أن تصدر مثل هذه التصريحات من حفتر، فهذا كان موقفه منذ أن أعلن عن انقلابه، لكنني أعرب عن استنكاري لصمت البعثة الأممية ورئيسها (غسان سلامة) الذي كان حريصاً على التواصل مع حفتر والزج به في العملية السياسية.

* كيف ترى مستقبل العلاقة بين مجلس الدولة والبرلمان الليبي في الشرق خلال الفترة المقبلة؟
الأمور أتركها للمستقبل، ولكن أوضح أن المجلس الأعلى للدولة يبذل قصارى جهده كي يشرع الأبواب أمام التواصل والتفاهم من أجل التوافق وانتشال البلاد من أزمتها.

****************************

إبراهيم عبد العزيز صهد:
* ضابط سابق ومعارض سياسي لنظام القذافي.
* تخرج من الكلية العسكرية الليبية عام 1963 وعمل ضابطاً في الجيش الليبي بين 1963 و1969، وتدرج إلى رتبة نقيب، وكان مرشحاً لنيل رتبة رائد في 1970.
* كان يتلقى دورة تدريبية حول منظومة الدفاع الجوي في بريطانيا عندما حدث انقلاب القذافي في 1969، فقطع دورته وعاد إلى البلاد حيث جرى اعتقاله إثر وصوله.
* جرى إبعاده للعمل في السلك الدبلوماسي خارج ليبيا، حتى وصل إلى منصب قائم بالأعمال في الأرجنتين، واستقال في عام 1981، وأعلن معارضته لنظام القذافي وانضمامه إلى المعارضة الليبية في الخارج.
* شارك في تأسيس الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وفي 2001، انتخب أميناً عاماً للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا (جبهة معارضة للقذافي في الخارج).
* شارك في الثورة الليبية عام 2011 منذ أيامها الأولى، ثم انتخب عضواً في المؤتمر الوطني العام، ثم عضواً في المجلس الأعلى للدولة.

المساهمون