تفتيش ورقابة روسية على جيش النظام السوري

تفتيش ورقابة روسية على جيش النظام السوري

29 مايو 2018
تشمل عمليات التفتيش انتظام حضور الجنود (فرانس برس)
+ الخط -
يتطور الدور العسكري الروسي وتدخله بأدق تفاصيل المؤسسة العسكرية للنظام السوري يوماً بعد آخر، حتى أصبح اليوم، بحسب ما تكشفه مصادر في هذه المؤسسة لـ"العربي الجديد"، يأخذ مهمة الرقابة والتفتيش على مختلف القطع العسكرية والإدارات بدعوى محاربة الفساد المتفشي داخلها. وتتولى قاعدة حميميم هذه المهمات من خلال لجان التفتيش والرقابة التي تتحكم من خلالها بالمحاسبة والتعيين والمكافآت داخل المؤسسة العسكرية فضلاً عن التحكم بكل القطع العسكرية للنظام.

وأفاد ضابط في قوات النظام السوري، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "ضباطاً في القوات الروسية العاملة في سورية، ومقرهم قاعدة حميميم في ريف اللاذقية، بدأوا يقومون أخيراً بزيارات تفتيشية على مختلف القطع والإدارات العسكرية". ولفت إلى أن التفتيش يطاول مختلف القضايا من الإطعام إلى الجاهزية إلى السلاح والذخيرة حتى أنهم يدققون بقضية التفقد ومسألة التغيب غير القانوني للعناصر، إذ يمنح الضابط إجازات مفتوحة للعناصر مقابل مبالغ مالية كبيرة".



ووفقاً للمصدر العسكري نفسه "بدأ المفتشون الروس يشكلون مسلسل رعب للضباط السوريين، خصوصاً أنهم معتادون على لجان تفتيش داخلية من ذات المؤسسة، والتي غالباً ما كانت علاقات الفساد والرشوة تتحكم بعملها وبنتيجة التقرير النهائي لها، إلا أنه مع اللجان الروسية يبدو أن الأساليب القديمة لا تجدي نفعاً معها، خصوصاً أن تقاريرها وتوصياتها تجد طريقها للتنفيذ فوراً، إذ يتم نقل ضباط وإعفاؤهم وتجميدهم، في حين تتم مكافأة وتكريم ضباط آخرين".
وأعرب المصدر العسكري عن اعتقاده أن "الروس يحاولون إعادة هيكلة الجيش بشكل بطيء عبر إبعاد الضباط وصف الضباط والعناصر الفاسدين والاعتماد على الضباط المهمشين سابقاً، الذين غالباً ما يكونون ناقمين على الضباط الفاسدين ممن قاموا بتهميشهم، والذين يؤدون دوراً كبيراً الآن في كشف المخالفات الموجودة، استناداً إلى ثقتهم باللجان الروسية على أنها قادرة على حمايتهم وتغيير الواقع".

وأوضح المصدر نفسه أن هناك أحاديث "عن انتشار مكاتب رقابة وتفتيش روسية في كل الإدارات والقطع العسكرية التابعة للقوات النظامية، لتكون هناك رقابة دائمة عليها".

وكان التدخل الروسي بدأ في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2015، عبر تأمين التغطية الجوية للقوات البرية من قوات نظامية ومليشيات إيرانية ولبنانية وعراقية وموالية، سرعان ما شارك ضباط روس في ميدان المعارك بصفة مستشارين، إلا أنهم كانوا قادة العمليات فعلياً، بحسب شهادة مقاتلين في صفوف المليشيات الموالية، كما كانوا يستعينون بمجموعات من القوات الخاصة الروسية لتنفيذ بعض العمليات المحدودة والكمائن والمساندة.

ومنذ بداية التدخل الروسي في سورية كان تركيز موسكو منصباً على المؤسسة العسكرية للنظام والتحكم بها وجعل ولائها روسياً، بعد أن كان قسم منها تتحكم به إيران وقسم آخر تحكمه مافيات عسكرية داخل المؤسسة تتحكم ببعض مفاصلها من أجل جني ثروات مادية من خلال عمليات الفساد التي تمارسها حتى أصبحت كل عمليات النقل والتفييش والترقيات والندب لها أسعار معروفة. فبدأت روسيا العمل على استقطاب شخصيات عسكرية موثوقة من قبلها من الذين تخرجوا من مدارس عسكرية روسية، وبدأت بإظهارهم وتوسيع دائرة الولاء الروسي داخل جيش النظام الذي يبدو أن موسكو تعول على التحكم به في فترة ما بعد الحل السياسي، مقابل تقليص الدور الإيراني ضمن هذه المؤسسة إلى الحدود الدنيا. ويبدو أن روسيا وصلت في الوقت الحالي إلى تحكم مطلق بكل مفاصل عمل هذه المؤسسة. كما أن تمكن الروس من فرض كل الإملاءات على رأس النظام والقيادات العسكرية العليا في الجيش قد ساهم بتوسيع دائرة النفوذ الروسي داخل وحدات الجيش وأكسب الروس ثقة الكثير من العناصر الذين باتوا يرون فيهم القوة الأقوى والمتحكم الأكبر بمفاصل تلك الوحدات.
كذلك دخل الروس على مسار ما يسمى "المصالحات"، إذ تم إحداث مكتب خاص بالمصالحات في قاعدة حميميم، كان ضباطه طرفا رئيسيا بجميع المفاوضات مع المناطق المحاصرة بدمشق وريفها وريف حمص، وقد حاولوا إقناع أهالي تلك المناطق بالبقاء والالتحاق بالقوات النظامية، لتعويض النقص الذي تعاني منه، إضافة إلى أنه يبدو أن ليس لديها هم التغير الديمغرافي وتفريغ المناطق من المعارضين للنظام.

يشار إلى أن وسائل إعلام روسية بدأت أخيراً تنتقد القوات النظامية وتتهمها بتفشي الفساد وارتكاب الأخطاء، في وقت يتحدث ناشطون عن جهود روسية لتقويض نفوذ إيران داخل القوات النظامية العسكرية والأمنية، ضمن مساعيها لإنهاء الوجود الإيراني في سورية.

دلالات