إتمام الحجّة الإيرانية

إتمام الحجّة الإيرانية

28 مايو 2018
خامنئي طرح 7 شروط إيرانية رداً على بومبيو(سكوت بيترسون/Getty)
+ الخط -
رد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي على الشروط الاثني عشر التي وضعها وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو أمام إيران، بسبعة شروط أيضاً، بدت أكثر منطقية وواقعية من تلك التي طرحها الطرف الأميركي، ويبدو من خلالها أن طهران تسعى لحصد المكتسبات في لعبة سياسية، لا أن تصعّد دون الحصول على الفوائد.
عرض بومبيو حين أعلن عن الاستراتيجية الأميركية الجديدة شرط أن توقف إيران إنتاج الصواريخ، وأن تطلق سراح الأميركيين المحتجزين لديها فضلاً عن معتقلي الدول الحليفة، وأن توقف نشاطها الذي رأى أنه يهدد النقل والملاحة الدولية. كما يتعين على إيران، وفق بومبيو، أن توقف تهديداتها التي تستهدف حلفاء أميركا في الإقليم، وأن تنهي دعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية ولحزب الله، وتوقف دعم طالبان، وأن تنسحب من سورية. كما اعتبر أنه عليها وقف دورها في اليمن، الانسحاب من العراق، وحتى تعطيل فيلق القدس التابع للحرس الثوري. ونووياً اشترط بومبيو أن تفتح إيران كافة منشآتها أمام التفتيش وأن تقدم للوكالة الدولية للطاقة الذرية كل ما يتعلق بملفاتها النووية.
كل هذا مقابل أن ترضى الولايات المتحدة بالجلوس على طاولة تفاوضٍ جديدٍ مع إيران وأن تفتح معها صفحة علاقات جديدة إذا ما نفّذت الشروط التي رآها كثر في الداخل على أنها ضربٌ من الوهم والخيال، وهي في الحقيقة كذلك مع طرف كإيران، فناهيك عن الأمور العالقة التي ترتبط بالدور الإقليمي وهي التي قد توضع لاحقاً على طاولة حوار مع الأوروبيين لا مع الأميركيين، توجد خطوط حمراء إيرانية تتعدى الصواريخ.

الطلبات النووية مثلاً شبه مستحيلة، وكان من الأولى أن يدرك بومبيو أنها شروط قديمة تفاوضت حولها إيران مع الغرب، وتم تدوينها في الاتفاق النووي، فالسرية جزء من عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإغلاق المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل أمر حسمه الاتفاق سابقاً، فظل مفتوحاً بشرط إعادة تصميم قلبه، وحصلت أميركا التي انسحبت من الاتفاق على صفقة إعادة التصميم.
أما المرشد الأعلى فأكد من طرفه على استمرار السياسة الإيرانية التي تعتمد على الشد حيناً والجذب في حين آخر، وقابل الشروط الصعبة بأخرى أقل منها بكثير، بدا واضحاً منها أنه يسعى للحفاظ على الاتفاق النووي، لكن الأهم أنه يريد أن يؤكد للعالم برمته أن إيران ليست الطرف الذي سيتحمل مسؤولية فضه.
وجّه خامنئي شروطه للأوروبيين لا لأميركا، وطالبهم بإصدار قرار أممي لإدانة الانسحاب الأميركي من الاتفاق. دعا لفصل الملفين الصاروخي والإقليمي عن الحوار النووي الدائر حالياً، وضمان بيع النفط الإيراني وضمان استئناف العلاقات المصرفية، تسهيل التحويلات المالية، حماية بنوك إيران، والوقوف بوجه أي عقوبات أميركية قادمة على بلاده، وكلها شروط لا يمكن للغرب أن يعتبرها غير منطقية كونها مدونة بطريقة أو بأخرى في الاتفاق النووي، ولم تحصدها طهران بالشكل الأمثل طيلة العامين الماضيين. خامنئي كان واضحاً في نهاية مطالبه بالقول إن إيران ستحتفظ بحقها بإعادة استئناف النشاط النووي كما السابق، في حال لم يحقق الأوروبيون هذه المطالب، وخلال فترة محدودة.
حوّلت إيران معادلة الشروط الأميركية للعبة سياسية، فإما أن يستجيب لها الأطراف الباقون في الاتفاق وهو ما قد يحقق مصالحها الاقتصادية أولاً، رغم عدم وجود جو من التفاؤل في الداخل لحصول ذلك بالشكل الأمثل، أو قد يحقق لها ذلك مكتسبات سياسية، في ظل وجود كل هذه الانتقادات الدولية للإدارة الأميركية. وتحاول إيران "إتمام الحجة" من طرفها كما يقول مسؤولوها، لكنها في الحقيقة تحارب أميركا الآن على طريقتها، وهو ما قد يزيد من مؤيديها في المجتمع الدولي، ممن يوافقون على الحفاظ على الاتفاق النووي الأمر الذي يقيّد نشاطها بالنتيجة، كما يعتبرون.