ظريفة هذه الجامعة العربية

ظريفة هذه الجامعة العربية

27 مايو 2018
تناست الجامعة أن أميركا نقلت سفارتها للقدس(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
تأتي مواقف الجامعة العربية بشأن فلسطين، متناسقة مع الكثير من المسلسلات التافهة التي نشاهدها في شهر رمضان، إذ أعلنت في بيان لها منذ أيام "وقف كل أشكال التعاون مع غواتيمالا، بعد قرار الأخيرة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس".

وصرح الوزير المفوض محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أنه في إطار تفعيل ما نصّ عليه القرار الصادر في 17 مايو/أيار الحالي عن الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، تم وقف كل أشكال التعاون مع غواتيمالا. وقامت "الأمانة العامة للجامعة العربية، بناء على توجيهات الأمين العام أحمد أبو الغيط بوقف وإلغاء مذكرة التفاهم الموقّعة مع وزارة الخارجية في جمهورية غواتيمالا في عام 2013، مع إبلاغ الجانب الغواتيمالي بعدم المضي قدماً في أي تعاون بينهما نتيجة لموقف غواتيمالا من قضية القدس".

لا أدري إذا كان هذا الموقف بفعل الصيام أو لعله مجرد كوميديا سوداء في ظل هذا الظرف العربي العام الذي يجتاحنا هذه الأيام، لأن أبو الغيط والمتحدث باسمه وكل الجامعة العربية من ورائهما تناسوا أن هناك دولة أخرى قبل غواتيمالا نقلت سفارتها إلى القدس وتباهت بذلك وحرّضت عليه مستهترة بكل الرفض الحقوقي العالمي، هي أميركا دونالد ترامب. بيان الجامعة أسقط "سهواً" من قراره مجرد الإشارة إليها والتعرّض لها حتى بالتلميح، ولكنهم استجمعوا كل شهامتهم وشجاعتهم ونخوتهم العربية ولم يقدروا إلا على غواتيمالا.

المشكلة أن هناك استغباء واضحاً للعقل العربي، فما الذي يمكن أن نفهمه من هذا القرار الأرعن وهذه الشجاعة الغبية؟ سنصفق مثلاً لأبو الغيط ومعاونه ونعتبر أن الجامعة الموقّرة قامت بدورها وزيادة في تهديد كل من تسوّل له نفسه بنقل سفارته إلى القدس، وسيلقى منا مصير غواتيمالا نفسه من المقاطعة والعقاب؟
رحم الله زماناً كان يمكن فيه تداول مجرد تلميحات بحظر البترول ومعاقبة أعدائنا، أما اليوم فصار ترامب يقول لنا صراحة "عندكم بترول وأموال كثيرة وسنأخذ منها ما نريد"، وزعماء الأمة متفرقون يلهثون لإرضاء رئيس أحمق ويتفننون في محاصرة شعوب ينبض فيها الدم نفسه، وتلهج باللغة نفسها.

المساهمون