النظام السوري يتراجع عن معركة درعا: المعبر بدل الحرب

النظام السوري يتراجع عن معركة درعا: المعبر بدل الحرب

28 مايو 2018
يشتكي الأردن من خسائر بسبب إغلاق المعبر(محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -
لم يتأخر النظام السوري عن الاستجابة للتهديدات الأميركية بإجراءات "صارمة" رداً على قيامه بأي عمليات عسكرية في الجنوب السوري، وتحديداً في درعا، فأكد أنه ليس بحاجة إلى تنفيذ عمليات عسكرية هناك، وذلك في وقت برزت فيه مشاريع وتصورات لفتح معبر نصيب في محافظة درعا على الحدود مع الأردن، تفضي إلى تسليمه فعلياً للنظام. وبالتوازي مع ذلك، كانت روسيا تتلقى ضربة في دير الزور على يد تنظيم "داعش"، ليسقط ضحايا جدد من جنودها.

وبعد أيام قليلة من تحذير وزارة الخارجية الأميركية لنظام الأسد من أن واشنطن ستتخذ "إجراءات صارمة ومناسبة" للرد على أي انتهاكات منه لوقف إطلاق النار في منطقة وقف التصعيد في الجنوب السوري، أعلن القائم بأعمال سفارة النظام لدى الأردن، أيمن علوش، أن نظامه ليس بحاجة لعملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة جنوب سورية. ونقلت وسائل إعلام روسية عن علوش قوله إن هناك إمكانية أمام حكومة نظامه لعدم الحاجة إلى إجراء عملية عسكرية ضد قوات المعارضة في الجنوب، وإجراء حوار سلمي في المنطقة، مشيداً بالموقف الأردني الذي يساعد في هذا الاتجاه. أضاف أنه "حسب الاتفاق الموقّع بين روسيا والأردن، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فإنه يسمح ببقاء قوات المعارضة في مناطق خفض التصعيد في جنوب سورية". وتابع أن "منطقة الجنوب اقتربت كثيراً من نهايتها، فهناك كتلة كبيرة في الجنوب تحبّذ فكرة المصالحة، مقابل مجموعات قليلة مرتبطة بمشروع إسرائيلي، ومن السهل جداً وضع حد لها ودحرها".

مقابل ذلك، برزت تصورات بإمكانية تسليم معبر نصيب الحدودي إلى النظام، وهو ما يتقاطع مع ما ذكرته مصادر في المعارضة لـ"العربي الجديد" بأن النظام وروسيا أبلغا المعارضة خلال اجتماع أستانة الأخير بأنهما لا يريدان في هذه المرحلة سوى الوصول إلى معبر نصيب.
ولفت تصريح لنائب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر "الرياض 2"، خالد المحاميد، الذي دعا إلى فتح معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن بوجود قوات روسية. وقال المحاميد في تصريحات صحافية، عاد وأكدها في بيان توضيحي، إنه "شخصياً مع عودة مؤسسات الدولة وبسط سيادتها على تراب سورية، وفتح المعبر بوجود قوات روسية وعدم السماح لإيران والمليشيات المرتبطة بها وحزب الله اللبناني بالوجود في الجنوب"، مستدركاً أنه يتحدث عن "مؤسسات الدولة وليس النظام". وأضاف أنه مع التخلص من تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" وعودة المهجرين والعمل على إعادة إعمار البنية التحتية، وهذا يعني بداية الحل السياسي القائم على القرار 2254، على حد تعبيره. وأكد المحاميد أن الدعم العسكري متوقف كلياً عن فصائل الجنوب السوري، بينما يتلقى الجيش السوري الحر والمجتمع المدني 55 ألف سلة مساعدات غذائية من دولة الإمارات. ويقول متابعون إن محاميد يتولى بأموال إماراتية تمويل بعض فصائل الجنوب بعد توقف دعم غرفة "الموك"، لكنه في المقابل اشترط على تلك الفصائل تجميد العمل العسكري ضد قوات النظام.


وكان الجيش الحر قد اشترط على الحكومة الأردنية في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي الحصول على قسم من الأرباح العائدة من معبر نصيب الحدودي مقابل إعادة فتحه، بينما تمسك النظام بسيطرته الكاملة على المعبر، في حين اشتكى الأردن من خسائر قُدرّت بأكثر من مليار دولار جراء إغلاق المعبر. وسيطرت فصائل المعارضة على معبر نصيب الحدودي مطلع إبريل/ نيسان 2015، بعد اشتباكات مع قوات النظام.

وحسب مصادر إعلامية، فإن مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي، ديفيد ساترفيلد، طرح على دول المنطقة عرضاً يقضي بانسحاب كل المليشيات السورية وغير السورية إلى عمق من 20 إلى 25 كيلومتراً من الحدود الأردنية، مع عودة قوات النظام إلى الحدود ومؤسسات الدولة إلى درعا، إلى جانب إعادة فتح معبر نصيب وتشكيل آلية أميركية-روسية للرقابة على تنفيذ هذه البنود.

ولم تتضح حتى الآن كل تفاصيل المشهد في درعا، إذ تواصل قوات النظام التدفق إلى درعا، خصوصاً "قوات النمر" التي تحظى بدعم روسي، والتي من المرجح أن تحل مكان المليشيات الإيرانية والموالية لها التي يثير وجودها في الجنوب حفيظة كل من إسرائيل والأردن. وكانت مصادر النظام قد كثفت، في الآونة الأخيرة، من التصريح والتسريب عن نيّته التوجّه إلى الجنوب السوري بعد السيطرة الكاملة على دمشق ومحيطها، في حين صعّدت قوات النظام من عمليات القصف على المنطقة، وألقت مناشير تدعو الفصائل العسكرية إلى الاستسلام، والأهالي إلى طرد المسلحين.

وفي سياق استعدادات فصائل الجنوب لمواجهة احتمالات المرحلة المقبلة، أعلنت فصائل عسكرية عدة اندماجها في تشكيل جديد باسم "جيش الإنقاذ"، في محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سورية. وأبرز هذه الفصائل هي: "فرقة أحرار نوى"، "فرقة الشهيد جميل أبو الزين"، "فرقة المغاوير الخاصة"، "تحالف أبناء الجولان"، وعدد من الفصائل المستقلة. وتعهّد "جيش الإنقاذ" في بيان التشكيل "بالحفاظ على ثوابت الثورة السورية والالتزام بالعملية السياسية التي تؤدي إلى انتقال سياسي للسلطة في سورية".

في غضون ذلك، قُتل وأصيب نحو عشرة عناصر من قوات النظام والمليشيات المساندة لها إثر استهدافهم بصاروخ موجّه من قبل قوات المعارضة طاول مواقعهم في درعا المحطة. ونشرت غرفة عمليات "البنيان المرصوص"، على مواقعها، تسجيلاً مصوراً يظهر عدداً من العناصر يتجمعون على سطح بناء، قالت إنه في محيط مستشفى درعا الوطني، قبل أن يتم استهدافهم بصاروخ موجّه.

على جبهة أخرى، وتحديداً في دير الزور شرقي سورية، قُتل عدد من "المستشارين الروس"، في هجوم لتنظيم "داعش" في محيط مدينة الميادين. وفي حين اعترفت وزارة الدفاع الروسية بمقتل 4 مستشارين عسكريين روس وإصابة 3 آخرين في محافظة دير الزور "نتيجة استهدافهم من قبل المجموعات الإرهابية"، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد القتلى الروس هو تسعة، فضلاً عن 26 من قوات النظام. وكان تنظيم "داعش" قد أعلن عبر وكالة "أعماق"، مقتل أكثر من 15 عنصراً من قوات النظام والقوات الروسية في هجوم على مواقعهم في محيط مدينة الميادين.

وتكشف المعطيات أن خسائر روسيا في سورية منذ تدخّلها العسكري في سبتمبر/ أيلول 2015 بلغت المئات، منهم أكثر من 250 مرتزقاً روسياً من جراء ضربات جوية للتحالف الدولي قرب دير الزور. من جهتها، بررت قاعدة حميميم الروسية في سورية الخسارة التي تلقتها في أرواح مقاتليها بقلة الخبرة في معارك الصحراء والمناطق الواسعة.

المساهمون