عام على الأزمة الخليجية: قطر تجاوزت الحصار

عام على الأزمة الخليجية: قطر تجاوزت الحصار

23 مايو 2018
قطر استطاعت أن تحبط خطة دول الحصار (سين غالوب/Getty)
+ الخط -
مرّ عام على الأزمة الخليجية، ولم تنجح الدول التي افتعلتها في تحقيق أهدافها المباشرة، بل على العكس، فإن دولة قطر استطاعت أن تحبط الخطة وتفكك الاستراتيجية المضادة التي كان على رأس أهدافها مفاجأة الحكم في الدوحة وأخذه على حين غرّة. 

وكانت حسابات أبوظبي والرياض تقوم على أن الصدمة سوف تصيب الدوحة بالهلع، وتدفع حكامها إلى الركض والاحتماء بالسعودية، ولكن تبيّن أن هذه الحسابات قاصرة، وتفتقر إلى دقة في تقدير قدرة القيادة القطرية على مواجهة الهجوم المفاجئ واحتوائه، والتعامل مع مفاعيله سياسيا واقتصاديا وإعلاميا، وحتى أمنيا.

بدأت الأزمة بعد منتصف ليل الثالث والعشرين من مايو/أيار في العام الماضي، بقرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية، ونشر خطاب كاذب منسوب إلى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وكانت الخطة تقضي، حسب تقديرات بعض الخبراء، بإثارة صدمة كبيرة داخل الدوحة تقود إلى هز الحكم، ولكن القيادة القطرية تصرفت برباطة جأش، واستطاعت امتصاص الصدمة والتعامل مع عملية القرصنة والهجوم الإعلامي والسياسي الذي رافقها بمهنية عالية.

حين تم إحباط الخطوة الأولى، انتقلت أبوظبي والرياض إلى الخطة "ب"، التي كان الفصل الأول منها يقوم على شن حرب إعلامية مكثفة، انخرطت فيها كافة وسائل الإعلام في الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وجرت عملية قصف في عدة اتجاهات للتأثير على أهل قطر وسكانها، ولحشد رأي عام عربي ودولي ضد البلد الصغير الذي كان وحده في مواجهة أبواق تدرّبت على التضليل وفبركة الأكاذيب وتزوير الحقائق، وكان عليه أن يفند الحملات ويرد عليها بما يمنع آثارها النفسية، وأن يكشف للرأي العام العالمي تهافتها وعدم مصداقيتها.

اعتمدت الحملة ضد قطر على مستوى هابط من الحرب الإعلامية والسياسية، وساهمت نوعية الاتهامات والتلفيقات التي فبركتها دول الحصار وطريقة تقديمها، في خلق رأي عام مضاد لدول الحصار، وتطور موقف شرائح من الرأي العام ليقلع عن متابعة إعلام الحصار، الأمر الذي ألحق ضررا كبيرا بسمعة ومصداقية كافة وسائل الإعلام في دول الحصار، وهنالك صحف عريقة خسرت مصداقيتها بسبب انقيادها وانخراطها في السرب وتخلّيها عن مهنيتها وموضوعيتها في مقاربة تفاصيل الأزمة.



تأثرت قطر في الأيام الأولى من الهجوم، الذي فاجأ أهل قطر حكومة وشعبا، وتضررت كافة القطاعات من جراء إعلان الحرب الإعلامية والسياسية وإغلاق الحدود، وشمل الضرر كافة مناحي الحياة، بدءا بفقدان المواد الأولية في بداية شهر رمضان، خصوصا الحليب واللبن، التي كان يتم استيرادها براً من السعودية، وحتى عمليات الترحيل القسري للقطريين من الإمارات والسعودية، وبين هؤلاء طلبة جامعيون كانوا يؤدون امتحانات نهاية العام، ورجال أعمال، ومرضى في المشافي، وعائلات متصاهرة، وأصحاب قطعان إبل كانت ترعى في الأراضي السعودية، وبسبب فورية الإجراءات وعنفها كانت الأضرار كبيرة.

كان درس الحصار قاسيا، ولم يكن متوقعا أن يتصرف الأشقاء على هذا النحو العدائي في شهر الصوم والتراحم. ولكن قطر تحركت سريعا، وتمكنت من تعويض النقص في المواد الأولية، ثم شرعت في تطبيق إجراءات لتحقيق الأمن الغذائي.

أما على صعيد الحصار الدبلوماسي ومحاولة عزل قطر، فقد فشلت دول الحصار فشلا ذريعا، وتبين أن الدوحة أقامت علاقات دبلوماسية ذات طابع متين وعلى أسس واضحة لم تؤثر فيها بروباغندا الإمارات والسعودية، التي لم يتجاوب معها أحد حتى في الولايات المتحدة، حيث عوّل وليا عهد أبوظبي والسعودية على غطاء سياسي من الرئيس دونالد ترامب من أجل غزو قطر عسكريا، كما تكشّف خلال هذه السنة من التسريبات الكثيرة حول ما صرفته أبوظبي والرياض من مبالغ مالية طائلة بهدف هز الموقف في قطر.

قريباً تحل الذكرى السنوية الأولى لفرض الحصار البري والجوي على قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ولسوء حظ هذه الدول فإن قطر سوف تحتفل بمناسبة تجاوز هذا الحصار.