أكثر من أبو رغال مجدداً

أكثر من أبو رغال مجدداً

23 مايو 2018
فلسطينيون في بيت لحم يحتجون على نقل السفارة الأميركية(الأناضول)
+ الخط -
لا يشبه حال العرب اليوم سوى حالهم عشية هجمة أبرهة الحبشي على الكعبة، فكما وجد أبرهة وفيله بعضاً من قادة القبائل العربية من سارت في صفه وانخرطت في عسفه، وجد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريق الحرب الذي يدير سياساته، من قادة دول عربية وفاعلين، من يساير خطه وخطته باتجاه تنفيذ "صفقة القرن". وإذا كان أبو رغال ذاك الزمان قد أعان أبرهة على مكة والكعبة، فإن أبو رغال المعاصر يعين ترامب على القدس والفلسطينيين، ويطبخ على مهل "صفقة القرن"، لتصفية القضية العربية المركزية. لم يكن لأبرهة أن يصل إلى تخوم مكة لو لم يكن أمثال أبو رغال دليله في الطرق المؤدية إلى هناك بدون كلفة، مثلما لم يكن لترامب الذي يتصرّف كفيل أبرهة أو يكاد، أن يمتلك كل هذه الرعونة لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والختم بكون المدينة المقدسة ملكاً ليمين إسرائيل، وقلب صفحات التاريخ بالتفكير في تهجير الفلسطينيين إلى صحراء سيناء، لو لم تهيّأ له "الرغالات" العربية الجديدة المناخ الكفيل بذلك. فقد منع بعضها حتى الشعوب من تنظيم مسيرة رفض، وفعلت كل ما فعله أبو رغال أبرهة.

لا يوجد فرق كبير بين ترامب وأبرهة، فكلاهما يرغب في أن يستدير العرب إلى ضفته، ويدر من ريعهم ما يستطيع، سواء من التوابل والجلود قديماً، أو من النفط والغاز حديثاً. لكن ثمّة فرقاً وفارقاً رئيساً؛ أبرهة الحبشي أقلّ حظاً، فقد فاز بأبي رغال واحد، لكن ترامب تهيأ له أكثر من ذلك. اليوم هناك أكثر من أبو رغال مستعد لبيع الأرض مقابل السلام، وأكثر من وجه للخيانة مستعد لأن يجعل من التطبيع مع المغتصب تعايشاً.

عندما يجلس حاكم عربي مع إسرائيليين وقادة منظمات يهودية في واشنطن، ويتهم الفلسطينيين بتخريب مساعي السلام ويتعهّد بإجبارهم على قبول خطة التسوية بالتصفية، يصبح هذا الأخير أبو رغال مجدداً. وعندما يطبِق حاكم عربي الحصار على غزة ويفتح أنابيب الغاز على إسرائيل، يصبح هذا أبو رغال آخر. وعندما يقضي حاكم عربي أياماً بلياليها في واشنطن، ويعتكف عن حضور ساعات فقط في القمة الإسلامية في اسطنبول المخصصة للقدس ودعم الشعب الفلسطيني، يصبح هذا أبو رغال أيضاً. حسنة مكة في ذاك الزمن الغابر أنّه كان بها أبو رغال واحد، وذنب القدس الآن أن حولها أكثر من أبو رغال.

المساهمون