لبنان: نيابة رئاسة البرلمان تُحسم غداً قبل ماراثون الحكومة

لبنان: نيابة رئاسة البرلمان تُحسم غداً قبل ماراثون الحكومة

22 مايو 2018
بري المرشح الوحيد لرئاسة البرلمان (حسين بيضون)
+ الخط -
دخلت الحكومة اللبنانية مرحلة تصريف الأعمال، أمس الاثنين، مع تركيز كل الأطراف السياسية، على جلسة البرلمان غداً الأربعاء، والتي سيتمّ فيها انتخاب الرئيس الحالي للمجلس النيابي، نبيه بري، لولاية جديدة، هي السادسة له منذ عام 1992 من دون انقطاع، بينما يستمرّ الصراع بين الثلاثي إيلي الفرزلي والياس بو صعب (تكتل التيار الوطني الحرّ) وأنيس نصّار (القوات اللبنانية)، على مقعد نيابة رئاسة البرلمان المخصص بحسب التوزيع الطائفي السياسي في لبنان، لطائفة الروم الأرثوذكس. وفي الوقت الذي بدا فيه الحديث خافتاً عن الحكومة وحقائبها، بدا أن العنوان الأساسي في تشكيلها هو حزب الله، في ظلّ الانعكاس المحتمل للعقوبات الأميركية ــ الخليجية الجديدة على إيران وعليه بجناحيه السياسي والعسكري على تركيبة الحكومة.

في معركة نيابة رئاسة البرلمان، بدا موقفان أخيران لافتين. الأول لرئيس الحكومة المستقيلة، سعد الحريري، الذي لمّح في خطاب أخيرٍ له إلى احتمال "عدم انتخاب الفرزلي لنيابة رئاسة البرلمان لارتباطه بالنظام السوري". مع العلم أن الحريري نفسه سينتخب وكتلته، بري الدائر في الفلك السوري، رئيساً للبرلمان. الموقف الآخر هو للنائب السابق، وليد جنبلاط، الذي "سيوصي" كتلة نجله النائب تيمور، بالتصويت للفرزلي، رغم أن جنبلاط كان حليفاً للقوات في الانتخابات، لا بل إن نصّار بالذات فائز عن دائرة عاليه ـ الشوف باسم التحالف بين القوات وجنبلاط من جهة، كما أن الفرزلي كان خصماً في الانتخابات، في البقاع الغربي ـ راشيا، ضد لوائح جنبلاط من جهة أخرى.

أما بالنسبة للتيار الوطني الحرّ، فيبدو أنه على طريق المصالحة مع حركة أمل، مع إعلان رئيس التيار، وزير الخارجية المستقيل، جبران باسيل، أن "سلوكياتنا لا تسمح بأن نتصرف في جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب كما تم التصرف مع العماد ميشال عون"، في إشارة إلى عدم انتخاب بري لعون رئيساً للجمهورية، مكتفياً بالأوراق البيضاء، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016. على أنه بعد انتخابات المجلس، سيعود الجميع لمعركة الحصص الحكومية، في ظلّ تشبث أطراف عدة، في المبدأ، بحقائب محددة وسيادية (الدفاع، الداخلية، الخارجية، المالية). فالتيار الوطني الحرّ الذي تمسك بوزارة الطاقة أولاً، لمّح إلى التخلّي عن وزارة الخارجية، لكسب وزارة الداخلية، كما يسعى لخطف وزارة الشؤون الاجتماعية من القوات اللبنانية، وهي الوزارة المعنية الأساسية بكل ما له علاقة بملف اللاجئين السوريين والذين يريد التيار العوني (29 نائباً) ترحيلهم إلى سورية فوراً، ويتهم القوات اللبنانية بالتعاطي مع ملف اللاجئين (الذين يسميهم تيار عون وباسيل نازحين للتهرب من أي واجبات على لبنان تجاههم) بـ"مرونة". أما القوات اللبنانية، فتطالب بوزارة الطاقة التي كادت تصبح بأهمية الوزارات السيادية نظراً إلى أنها مسؤولة عن ملفات فيها أموال كثيرة كالنفط والكهرباء... وتطالب القوات بهذه الوزارة على قاعدة أنه يحقّ لها بوزارة سيادية، نسبة لتكتلها النيابي الكبير (15 نائباً). أما حركة أمل (16 نائباً)، فأعربت عن تمسكها بوزارة المالية، من دون طلب أي حقيبة أخرى. في المقابل، فإن تيار المستقبل (21 نائباً)، بدا أقرب إلى تمسكه بوزارة الداخلية كوزارة سيادية.

أما الأهم فهو موقف حزب الله (13 نائباً بلا الحلفاء)، فبعد العقوبات الخليجية والأميركية الأخيرة عليه، وتصنيفه "إرهابياً"، باتت مشاركته في الحكومة أمراً مربكاً. الحزب لم يتراجع بل أصرّ على موقفه بالمشاركة الحكومية، لا بل بحصوله أيضاً على "وزارة أساسية". ويدعم التيار الوطني الحرّ، موقف حزب الله، بينما يبدو مهماً كيفية تعامل المجتمع الدولي مع الحكومة العتيدة، في ظلّ اعتبار الحزب بجناحه السياسي أيضاً، "إرهابياً"، بعد أن كان في أسوأ الاحتمال يُصنّف جناحه العسكري فقط بـ"الإرهابي"، وعدم شمول التوصيف للجناح السياسي.

ومن شأن دخول حزب الله الحكومة طرح احتمالات عدة، حول مواصلة أطراف مؤتمر "سيدر" (باريس 4) تمويلهم للبنان، أو حتى في شأن اعتبار بعض الدول أن "لبنان بات في ظلال حزب إرهابي"، مع ما قد يعنيه من قطع للعلاقات أو سحب الودائع المالية أو منع السياح من زيارة البلاد. هنا، يبدو موقف الحريري صعباً، فالرجل أضحى في مكان ما، في مستوى آخر من علاقاته الداخلية في سياق تياره، في ظلّ الإقالات التي قام بها، عقب انتهاء الانتخابات النيابية في 6 مايو/أيار الحالي، أو في سياق العلاقة المتجددة مع السعودية، والتي تُرجمت بإفطار أخير للسفارة السعودية في بيروت، كان الحريري نجمه الأول. كما أن الحريري أمامه ملف أساسي وهو اللاجئون السوريون، والذي تفيد المعلومات بأن الرباعي، حزب الله وأمل والتيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، موافق على التحاور مع حكومة النظام السوري لعودة اللاجئين إلى ديارهم، بينما يبدو الحريري متردداً في فكرة التحاور مع النظام السوري.