هل لـ"حماس" ما يمكن أن تبحث عنه في القاهرة؟

هل لـ"حماس" ما يمكن أن تبحث عنه في القاهرة؟

18 مايو 2018
من تظاهرات غزة أمس الخميس (رحيم خطيب/الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من أن قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، حاول في مقابلته مع قناة الجزيرة مساء الأربعاء الماضي، تكريس الانطباع بأن "حركته تراهن على التنسيق مع مصر في محاولة دفع إسرائيل للاستجابة لمطالب حراك مسيرات العودة، لا سيما رفع الحصار"، إلا أن هذا الرهان لا يبدو واقعياً.

وقد كان من المفارقة، أنه في الوقت الذي كان السنوار يجري المقابلة مع الجزيرة، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوضح بشكل لا يقبل التأويل بأنه "لا يوجد لدى القاهرة ما تفعله لصالح الفلسطينيين". ورداً على سؤال وُجّه له أثناء لقاء جمعه بمجموعة من الشباب المصري، قال السيسي صراحة إنه "لا يوجد لدى مصر أكثر من توجيه رسالة للفلسطينيين بأن يحتجوا على نقل السفارة بطريقة لا تؤدي إلى سقوط ضحايا، وأدعو الإسرائيليين للحرص على أرواح الفلسطينيين خلال ردود فعلهم المشروعة".

ويبدو إقرار السيسي الصريح منسجماً مع إرث العلاقة التي تكرست بين نظامه وحكومة اليمين المتطرف في تل أبيب. وإذا تمّ تجاوز التسريبات التي زخرت بها وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية بشأن مظاهر الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وتل أبيب، والتي طاولت المقاومة الفلسطينية أيضاً، فإن سلوك النظام إزاء حراك العودة لا يدل على أن هناك ما يسوغ الرهان الفلسطيني عليه.

ويرفض نظام السيسي نقل الجرحى الذين أصيبوا بجراح بالغة للعلاج عبر معبر رفح، في حين لم يصدر عن القاهرة أي رد على تأكيد الحكومة التركية بأن مصر ترفض السماح بهبوط طائرات تركية لنقل الجرحى الفلسطينيين بهدف معالجتهم في المستشفيات التركية. إلى جانب ذلك، فإن نظام السيسي لا يبدو مستعداً لاستخدام أوراق القوة التي يملكها في إقناع إسرائيل بتغيير سياساتها تجاه الفلسطينيين، حتى عندما تهدد هذه السياسات المصالح المصرية نفسها.



فقد نقل المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت في تقرير نشره أخيراً في النسخة العبرية من موقع "المونيتور" عن دبلوماسي غربي قوله إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخلّ بتعهّد قدمه للسيسي بشأن دعم الوساطة المصرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، مع علمه أن الاتفاق يستجيب بشكل أساسي للمصالح المصرية الاستراتيجية".

وعلى الرغم من أن الدبلوماسي الغربي عدّد الإجراءات التي أقدم عليها نتنياهو من أجل إفشال تطبيق المصالحة، إلا أن نظام السيسي تجنب توجيه أي لوم لإسرائيل، ملتزماً الصمت. وقد عمد نتنياهو قبل ذلك لإفشال "المبادرة المصرية" التي أطلقها السيسي في الخطاب الذي ألقاه في أسيوط بتاريخ 17 مايو/أيار 2016 لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتنكر للتعهدات التي قدمها للرئيس المصري في الاجتماع السري الذي جمعه به في القاهرة في نفس العام والذي حضره أيضا زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هيرتزوغ. وبدلاً من الوفاء بهذه التعهدات أقدم نتنياهو على ضم أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "يسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف لحكومته وتنصيبه وزيراً للحرب.

وتعود مسايرة القاهرة لحكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، أو على الأقل عدم تحديها، في كل ما يتعلق بالموقف من أي شأن فلسطيني، إلى إدراك إقرار نظام السيسي بالدور الذي أداه نتنياهو تحديداً في تأمين شرعية دولية للنظام، لاسيما بعيد الانقلاب، الذي قاد إلى عزل الرئيس محمد مرسي. إلى جانب وعي السيسي بأن الحفاظ على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنظامه يوجب عدم تحدي إسرائيل. ولعل أكثر ما يعكس المسافة التي قطعها نظام السيسي في عدم إغضاب إسرائيل حتى عندما تتعمد إحراجه على نحو كبير، حقيقة تجاهل النظام تعمد مسؤولين إسرائيليين كبار الكشف عن التفاهمات السرية بين تل أبيب والقاهرة إزاء الفلسطينيين، بشكل يحرج النظام. فعلى سبيل المثال، التزمت القاهرة الصمت عندما كشف وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قبل أسبوعين أن مصر تفتح معبر رفح الحدودي مع القطاع وتغلقه فقط بالتنسيق المسبق مع إسرائيل.

وسبق لمصر أن التزمت الصمت عندما كشف وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس عن أن الجيش المصري قام بتدمير الأنفاق بين مصر وقطاع غزة بناء على طلب تل أبيب. وعلى الرغم من أن قيادة حركة حماس تدرك طابع العلاقة بين نظام السيسي وتل أبيب، إلا أنها تستغل التواصل مع القاهرة في نقل الرسائل إلى إسرائيل. من هنا، لم يكن من سبيل الصدفة أن السنوار قد أكد أن "حركته قد أبلغت الجانب المصري بأنها لن تتردد في خوض مواجهة شاملة مع إسرائيل في حال لم تستجب لمطالب حراك العودة، لاسيما في كل ما يتعلق برفع الحصار".



المساهمون