الحرس الثوري والصمت الغريب

الحرس الثوري والصمت الغريب

14 مايو 2018
اتهمت إسرائيل قاسم سليماني باستهدافها(عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -
كان لافتاً أن الحرس الثوري الإيراني لم يرد ولم يعلق على الضربات الإسرائيلية الأخيرة لمواقع في سورية والتي جاءت بالأصل رداً على ضرب مواقع لها في الجولان السوري المحتل بصواريخ إيرانية، بحسب إسرائيل نفسها. لم يخرج أي تعليق ولا تصريح لا بالنفي ولا بالتأكيد على لسان الحرس أو حتى ممن هم محسوبون على جهات عسكرية أخرى في القوات المسلحة الإيرانية.

 اكتفت طهران ببيان خرج على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، والذي جاء متأخراً كذلك، قال فيه إن ضرب إسرائيل لسورية يستند لذرائع واهية، وأن ما حصل مجرد محاولة لقلب التوازنات الميدانية.

أما التصريحات الإسرائيلية فركزت على ثلاث نقاط، الأولى اتهام الحرس الثوري بقصف مواقع إسرائيلية في الجولان السوري المحتل، والثانية تتعلق بالرد من خلال قصف قواعد إيرانية في سورية، والأخيرة هي المرتبطة باتهام قائد فيلق القدس قاسم سليماني باستهداف إسرائيل.

 واكتفت لجنة الأمن القومي الإيرانية في تصريحات صدرت عن رئيسها علاء الدين بروجردي، ولم تلق صدى كبيراً في الداخل الإيراني، بالقول إنه لا قواعد عسكرية لإيران في سورية، والتواجد هناك منحصر بحضور مستشارين عسكريين.

كل هذا يبدو متعمداً، لكن السؤال المطروح يتعلق بما وراء الصمت الغريب للحرس الثوري الإيراني، فهل الأمر مرتبط بضعف الحرس وعدم القدرة على الرد؟ وهذا مستبعد، لأن الحرس يستطيع جر الأمور لساحة مشتعلة بغض النظر عن نتائجها، أم أن الأمر يرتبط بحقيقة أن القصف لم يبدأ من الطرف السوري نحو الجولان، وكانت هناك محاولة لجرّ إيران إلى مواجهة حقيقية على الأرض السورية تتزامن والتصعيد الإسرائيلي الأميركي ضدها، وهو ما قد يعني محاصرتها هناك؟

وهناك تساؤل آخر يتبادر للأذهان، فإذا ما كانت الصواريخ قد انطلقت بالفعل نحو الجولان أولاً، وإسرائيل ردت عليها، فهل عدم تعليق الحرس على كل هذا يعني محاولة لوضع عناوين للمرحلة المقبلة، تشبه تلك التي تحدثت عنها إيران وحلفاؤها في سورية بعد إسقاط المقاتلة الإسرائيلية؟

أم أن الحرس الثوري قد صمت في محاولة لترهيب إسرائيل أكثر من الرد الآتي على قصف مطار تيفور العسكري والذي أودى بحياة عسكريين إيرانيين، منهم ضباط رفيعو المستوى؟

وأياً كانت الاحتمالات، لكن الأهم قد يتعلق بأن ما حدث تزامن وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي، ولربما أدرك الحرس اقتراب موعد مواجهة عسكرية شاملة يبدو أنه لا يريدها في الوقت الراهن، خصوصاً أن الأمور تصبّ لصالح إيران في سورية، وحتى في لبنان والعراق، وتأجيل المواجهة مع ترسيم الخطوط قد يجعلها تكسب الكثير رغم أن الحرس بارك خروج أميركا من الاتفاق وأبدى عدم تفاؤله بالحوار مع الغرب لتحصيل ضمانات البقاء فيه التي يبحث عنها دبلوماسيو طهران بعيداً عن الحرس الذي يقول الكلمة الفصل في بعض ملفات الإقليم، وهنا يبرز الخلاف بين الطرفين ولربما توزيع الأدوار!

 

 

المساهمون