70 عاماً على النكبة... مقاربة مختلفة بمؤتمر "المركز العربي"

سبعون عاماً على نكبة فلسطين... مقاربة مختلفة في مؤتمر المركز العربي

12 مايو 2018
يشارك في المؤتمر 47 باحثاً عربياً وأجنبياً (معتصم الناصر)
+ الخط -



انطلقت في الدوحة، اليوم السبت، أعمال المؤتمر الخامس للدراسات التاريخية، تحت عنوان، "سبعون عاماً على نكبة فلسطين... الذاكرة والتاريخ"، الذي يعقده "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، على مدى ثلاثة أيام بمشاركة 47 باحثاً عربياً وأجنبياً.

وتتضمن أعمال المؤتمر، محاضرة عامة يلقيها المفكر العربي ومدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، عزمي بشارة، مساء اليوم بعنوان: "سبعون عاماً على النكبة: مستقبل القضية الفلسطينية ومآلاتها".

وعرض بشارة، خلال إدارته الجلسة الأولى، صباح اليوم، برنامج المؤتمر، ومقاربته تجاه "النكبة الفلسطينية"، من خلال جلسات موزعة على ثلاثة محاور هي: "الكتابة التاريخية العربية عن النكبة، ونتائج المشروع البحثي عن الموضوع الفلسطيني في المناهج الرسمية العربية ما قبل التعليم الجامعي، إلى جانب عرض نتائج المشروع البحثي عن الشتات الفلسطيني، واتجاهات الرأي العام العربي حيال القضية الفلسطينية استناداً إلى نتائج الاستطلاع السنوي للمؤشر العربي، الذي تجريه وحدة "قياس الرأي العامّ العربي"، في "المركز العربي".


وناقشت الجلسة الأولى، "المذكرات كمصادر لكتابة تاريخ النكبة والقضية الفلسطينية"، حيث عرض الباحث، معين الطاهر، واقع النخب الفلسطينية وانقساماتها وتعدد ولاءاتها خلال تلك المرحلة من خلال "قراءة وثائق رئيس الوزراء الأردني السابق قاسم الريماوي، والمؤرخ الفلسطيني أكرم زعيتر؛ بخاصة بعد استشهاد القائد عبد القادر الحسيني، ومعركة باب الواد".




ولفت الطاهر إلى "الدور الكبير الذي لعبه الفلاحون الفلسطينيون في القرى الفلسطينية في الدفاع عن القدس خلال نكبة فلسطين عام 1948، والاعتقاد الذي كان سائداً بأن تحرير فلسطين لن يستغرق أكثر من عدّة أيام بعد دخول الجيوش العربية، لكن ما حصل أن الجيوش العربية توقفت قبل خطوط القتال، ولم تشتبك مع العصابات الصهيونية".

بدوره، عرض الباحث أليكس وايندر، في الجلسة ذاتها، يوميات النكبة: "أبعاد الزمن والمدى في الكتابات التاريخية"، مستنداً إلى يوميات تروي نكبة فلسطين، أهمها مذكرات الأديب الفلسطيني خليل السكاكيني، ومذكرات الفلسطيني محمد عبد الهادي الشروف، والتي "تبين أهمية الشبكات الأسرية والاجتماعية، وإنتاج الفضاء، والتجارب العاطفية وتجسيد النكبة، حيث تكشف أن النكبة خليط متنوع من الكوارث الفردية والمجتمعية، تتكشف بصورة غير متساوية وملتبسة، وتنتج خبرات ومخاوف مختلفة ترتكز على الفضاءات المعيشية التي تتكون منها فلسطين".


فيما ناقش الباحث، أحمد عزم، أثر النكبة في الشخصية الفلسطينية، من خلال أوراق أهم قادة حركة "فتح" كمال عدوان، مستعرضاً فصولاً من سيرته الذاتية ومواقفه السياسية، حيث كشفت المصادر المنقولة، "اليوميات، الرسائل، رواية له عام 1958، عن كمال عدوان في بدايات حياته السياسية أن تلافي مصائب النكبة يقوم على بناء الذات والاتجاه للإيديولوجيا بهدف صناعة المعنى وتحقيق الذات".



وخرج كمال عدوان، وفقاً للمصادر المنقولة، من حركة "الإخوان المسلمين"، لأن حرية الفرد تذوب في اختيارات انتماءاته، وركز على الفكرة الوطنية بعيداً من الإيديولوجيات؛ فالمهم عنده هو أن تكون فلسطينياً، فانتسب لحركة "فتح". كما رأى أن التعويل على الرئيس المصري جمال عبد الناصر لتحرير فلسطين ليس صائباً، فقد كان يعتقد بأنه يضع المصالح المصرية أولوية في سياساته الخارجية بعيداً من الإيديولوجيا، لكنه في الوقت ذاته، رفض القطيعة مع مصر.



الوثائق والصور والتاريخ الشفوي


وبحثت الجلسة الثانية، التي أدارها الباحث خالد زيادة، في الوثائق والصور والتاريخ الشفوي كمصادر لكتابة تاريخ النكبة.

وعرض الباحث توم ريكس، في ورقته ذكريات الأحداث التاريخية في فلسطين أثناء الانتداب البريطاني، مع التركيز بخاصة على ذكريات الفتيان والفتيات الفلسطينيين في المدارس الابتدائية والثانوية الفلسطينية والبريطانية والمدارس التبشيرية الأجنبية في القدس القديمة والحديثة، معتبراً أنّ التاريخ الشفوي للنكبة كثيراً ما أُخطئ فهمه أو توظيفه.

ويقدم شهود التاريخ الشفوي، وفقاً لريكس، عدداً من الروايات غير الواضحة، لكن تأثيرها لا يزال عالقاً في ذاكرتهم، وهي ذكريات الألم والمأساة.

وأكّد ريكس أنّ "تاريخ النكبة ليس تاريخاً عابراً، فلا يزال مستمراً في الذاكرة والكيان لدى الفلسطينيين حتى الآن، وسرديات الفلسطينيين في قرى رام الله حول النكبة متشابهة بين قرية وأخرى".

من جهته، قال الباحث عصام نصار، الذي قدم ورقة عمل عن الصور الفوتوغرافية وإشكالية إغفالها في التأريخ للنكبة؛ إنّ "معظم مؤرخي النكبة الفلسطينية يستندون إلى الوثائق المكتوبة، وإن هناك اهتماماً بالتاريخ الشفوي، لكن قلما يستخدمون وسائل غير تقليدية تغني معرفتنا بهذا التاريخ، كالاعتماد على الصور الفوتوغرافية"، والتي يرى أنها لم تأخذ حقها كاملاً.

وأضاف نصار أنّ "الكتب أيضاً التي استخدمت الصور، استخدمتها استخداماً شكلياً دون توضيح بيانات مهمة حول الصورة، والآن في الشبكات الاجتماعية يتم استخدام الصور استخداماً "نوستالجياً" وغير دقيق، فالصورة ليست كافية وحدها لإعطاء تاريخ شامل، لكن الصور هي جزء من الوثائق الهامة التي تمكن الاستفادة منها".

ولفت إلى أنه "في ظل غياب أرشيفات عربية كبيرة لصور النكبة، فإن هناك أرشيفين إسرائيليين فيهما قدر هائل من تلك الصور، لكن الإشكالية أن الوصول إليهما صعب جداً لغير الإسرائيليين".

وأوضح أن "ليست هوية المصور هي القضية الأساسية، سواء كان عربياً أو يهودياً أو أرمنياً، فالمهم هو نوع المنتج أو الوثيقة نفسها، وكيفية توثيقها وتحليلها".

أما الباحث بلال شلش، فقدم ورقة عمل بحثت في" التأريخ بنصوص المهزومين"، وثائق حماة يافا، واعتبر أن "مذكرات الهزيمة حال اعتمادها كمصدر لتأريخ عام 48-49 تتحول إلى نصوص لائحة اتهام أو لائحة دفاع. وفي ظل ذلك، يتكثف النسيان ويتكثف الاختيار في التذكر".

وقال إنّ "نصوص هذه السير والمذكِّرات كتبت بعيون المهزومين، حضرت فيها هزيمة المدينة وأيامها الأخيرة، كما تضاعف تأثير الهزيمة لتأثرهم بالهزيمة الكبرى التي تجلت في نهاية الحرب، وفقدان ديارهم وتشريدهم عنها. فكان لذلك تأثير سلبي في دقة ما قدمته السّير والمذكِّرات من معلومات وملاحظات واستنتاجات وتقييمات".