انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي يثير استياء الإيرانيين

انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي يثير استياء الإيرانيين

11 مايو 2018
الإيرانيون يرفضون قرار ترامب (فرانس برس)
+ الخط -
خرج آلاف الإيرانيين عقب صلاة الجمعة في العاصمة طهران، ومدن إيرانية أخرى في مظاهرات رددوا خلالها شعارات تندد بقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات عليهم، مستخدمين شعارات "الموت لأميركا"، "الموت لإسرائيل" و"الموت لترامب".

وحمل المشاركون لافتات كتب عليها "ترامب أنت ترتكب حماقة"، فيما بدى المتشددون منهم والمحسوبون أكثر على التيار المحافظ غاضبين من إجراءات الحكومة التي تقبل التفاوض مع الغرب وأعطته فرصة أخيرة للحفاظ على الاتفاق، مرددين شعار: "سنحارب ونموت ولن نقبل التطبيع".

وبعد الإعلان عن القرار الأميركي، اجتمع أغلب الإيرانيين على موقف واحد مضاد لترامب، رغم اختلاف موقفهم بشأن رد حكومة الرئيس حسن روحاني على قرار ترامب، كما تباينت حالة القلق بين شرائح المجتمع الإيراني، بينما اتفق الجميع على رفض الإملاءات الخارجية.

ويقول أحد المشاركين في المظاهرات، ويدعى علي رضا محسني، لـ"العربي الجديد"، إنه "كان ومازال مقتنعا بأنه لا يمكن الثقة بالولايات المتحدة، ولم يكن متفائلا بالأساس من الاتفاق النووي"، لكن زوجته التي كانت ترافقه اعتبرت أن الاتفاق على الأقل أكد للمجتمع الدولي أن إيران تقبل الحوار وأنها لا تريد امتلاك قنبلة نووية، ومع ذلك أصرت أميركا على الضغط على بلادها، حسب تعبيرها.

ويلحظ كذلك وجود حالة من الاستياء وخاصة حينما يطرح تساؤل عما إذا كان الشارع الإيراني يقبل التفاوض حول الصواريخ، فمن الواضح وجود تباين في وجهات النظر ترتبط بالحوار حول النووي مع الغرب عموما ومع الولايات المتحدة بشكل خاص، لكن حينما يرتبط الأمر بالمنظومة الصاروخية يؤيد كثر مسألة حقيقة وجود ضغوط لجعل إيران منزوعة السلاح، وهو ما قد يعني تهديدها عسكريا في أي لحظة، كما يشاع في الشارع.

يؤكد على وجهة النظر هذه السيد مرادي، وهو في العقد الخامس من العمر، ويقول إنه "شهد على الحرب العراقية الإيرانية، وفي ذاك الحين كانت إيران قد خرجت للتو من الثورة، ومازالت غير قادرة على رفع قوة ردعها"، معتبرا أن الحرب شيء سيئ، وأنه لا يحبذ وقوعها في إيران مجددا".

ويضيف أن "الزمن قد اختلف، ومن حق إيران الموجودة وسط منطقة حروب وأزمات أن تمتلك منظومة عسكرية وصاروخية، وهو ما قد يمنع ضربها أو شن حرب عليها بسهولة دون أن يحسب أعداؤها ما قد تحمله هذه الخطوة من نتائج".

يوافق على ذلك غلام علي ويقول إنه لا يحق لأي طرف التدخل في مسألة المنظومة الدفاعية لأي طرف آخر، ووصف خطوة ترامب بأنها محاولة لجر إيران نحو حرب، وهو الأمر الذي يغضب عددا من الإيرانيين.

وفي سؤال يتعلق بمدى تخوف الإيرانيين من عودة أجواء الاحتقان، ومن عودة العقوبات الأميركية بعد أن جربوا الحياة مع الاتفاق ودون عقوبات اقتصادية كانت قد أرهقتهم في السابق، تقول الشابة الجامعية، نسترن، إنها "دعمت ومازالت تدعم الحوار مع الغرب لإنقاذ الاتفاق، فمن حق الشباب الإيرانيين الحياة بانفتاح ودون عقوبات بما يهيئ لهم ظروفا اقتصادية جيدة"، معتبرة أن خطوة ترامب مستفزة للغاية، رغم أن الرئيس روحاني مازال يتحدث عن ضرورة الحوار، حسب رأيها.

أما حمزه دوستي، وهو بائع خضر، فيرى أنه خلال العامين الماضيين لم يلمس أساسا أي انتعاش حقيقي في الوضع الاقتصادي، باستثناء حصول استقرار نسبي في الأسعار، فلا يعتبر أن خطوة ترامب الأخيرة قد تغير الكثير في الداخل الإيراني، فاستهان بما فعله، لكنه قال إنه يجهز نفسه لارتفاع جديد في الأسعار.

وخلال جولة صغيرة في أحد الشوارع التجارية في العاصمة طهران، يلحظ أن الأسعار بدأت بالزيادة، وعند السؤال عن السبب، يرمي الكل بالمسؤولية على ارتفاع سعر الدولار أمام الريال الإيراني، وهو الذي بدأ يصعد قبيل قرار ترامب، واستمر بعده وبشدة.



تقول السيدة شبنم باكري إن "قرار ترامب يبعث على الاستياء بالفعل، لا بل ويزيد القلق، مما سيحمله المستقبل لإيران"، وأوضحت أنها لا تخشى سيناريو الحرب كثيرا، ولكنها قلقة من تدهور الوضع المعيشي.