أجهزة السيسي تنسق دمج الأحزاب... وأفكار لتعديل قانون إنشائها

أجهزة السيسي تنسق دمج الأحزاب... وأفكار لتعديل قانون إنشائها

10 ابريل 2018
يريد السيسي ربط الأحزاب بدائرته المباشرة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

انشغلت وسائل الإعلام والوسط السياسي في مصر، خلال الأيام الماضية، بالجهود المبذولة على مستوى السلطة والأحزاب لتنسيق إنشاء ظهير سياسي واسع للرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس حزب "الوفد" ورئيس اللجنة التشريعية في البرلمان، بهاء أبو شقة، عن قرب "ميلاد 3 أو 4 أحزاب كبرى على الساحة السياسية المصرية"، ودعوته إلى "تكوين ائتلافات بين الأحزاب لجعلها أكثر قوة". هذه التصريحات تؤكد ما كشفته "العربي الجديد"، في فبراير/شباط الماضي وأول إبريل/نيسان الحالي، من تفاصيل خطة الدائرة الخاصة بالرئيس المصري لتخفيض عدد الأحزاب السياسية التي يبلغ عددها حالياً 150 حزباً. وعلى رأس إجراءات هذه الخطة، دمج الأحزاب الصغيرة الموالية للنظام تحت مظلة حزبية واحدة تكون ظهيراً مباشراً للسيسي، فضلاً عن التخلص من أحزاب المعارضة الحقيقية أو التي يمكن أن تمثّل خطراً على النظام، مقابل دعم عدد ضئيل من أحزاب المعارضة الصُورية.

وقال مصدر سياسي في حزب موالٍ للسيسي، إن قيادات أحزاب "مستقبل وطن"، و"حماة الوطن"، و"المؤتمر"، و"مصر بلدي"، و"الشعب الجمهوري"، اجتمعت مرات عدة، مع عدد من ضباط المخابرات العامة والحربية لتنسيق الخطوات التنفيذية لإتمام عملية الدمج، وتم التباحث حول عدد الأعضاء الحاليين في كل حزب، والعدد المستهدف إضافته، بالإضافة إلى المقار الحزبية المستغلة والأماكن الأخرى المملوكة لقيادات الأحزاب في المحافظات الرئيسية، لبحث إمكانية استغلالها كمقار للحزب الكبير.

وأضاف المصدر أن هناك منافسة طبيعية بين قيادات تلك الأحزاب على المناصب القيادية المنتظرة في الحزب الكبير، وهي منافسة تدور بالأساس بين القيادات التي كانت تعمل في السابق ضباطاً في الجيش أو الشرطة، بينما يتوارى بصورة ملحوظة رجال الأعمال، خصوصاً الذين كانوا ينتمون لـ"الحزب الوطني" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فالمرجح أن يبتعدوا عن صورة الصف الأول، مع إبقائهم مصدراً أساسياً للدعم المالي والحشد الجماهيري.

وأشار المصدر إلى أن اللقاءات كشفت عن وجود خلافات على صعيد التحرك الجماهيري، وكذلك على صعيد الدعم المالي، ومشاكل أخرى بين قيادات بعض هذه الأحزاب. كما أن بعض الأحزاب تعتقد أنها تملك رصيداً جماهيرياً أكبر من غيرها، وبالتالي لا ترحب بالاندماج معها، مفضلة إقامة حوار جديد مع أحزاب صغيرة أخرى، الأمر الذي تتداخل فيه اعتبارات شخصية وعائلية وقبلية عدة، بما قد يدفع دائرة السيسي إلى تعديل جزئي للخطة، ليتم دمج الأحزاب في حزبين كبيرين، وليس في حزب واحد، تلافياً للمشاكل البينية، ولضمان كفاءة الإدارة، مع استمرار ارتباط الإدارتين بدائرة السيسي المخابراتية-الرقابية مباشرة.


وارتباطاً بذلك، برزت مقترحات عدة من الأحزاب الصغيرة بدمج كل مجموعة حزبية تنتمي لتوجّه فكري أو طبيعة سياسية واحدة، ليتم جمع الأحزاب القومية المهتمة بالبُعد العربي سوياً، والأحزاب الليبرالية سوياً، والأحزاب الخاصة بقيادات الجيش السابقين سوياً، والأحزاب التي تنتمي قياداتها للقبائل في حزب واحد.

وكشف المصدر أيضاً أن المستشار القانوني للسيسي، محمد بهاء أبو شقة، كوّن مجموعة قانونية صغيرة لإعادة النظر في قانون الأحزاب السياسية وقرارات لجنة الأحزاب الصادرة على ضوئه، في السنوات الست الأخيرة، إذ ترى السلطة الحاكمة أن التعديلات التي أُدخلت على القانون بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 هي من أسباب انفلات المشهد الحزبي وضعف سيطرة الدولة على الأحزاب، وإتاحة الفرصة لظهور أحزاب إسلامية أو يسارية متطرفة تمثل خطراً على أجهزة الدولة، حسب زعمها. هذا الأمر يدفع السلطة حالياً إلى وضع مشروع لتعديل القانون، بما يصعّب شروط إشهار الأحزاب السياسية، ويعيد رقابة الدولة على الأحزاب، مشدداً شروط استمرارها مشهرة للحصول على دعم مالي من الدولة.

يُذكر أن الأحزاب الأخرى التي ستؤدي دور المعارضة في خطة السيسي الجديدة هي "الوفد"، و"المصريين الأحرار"، و"الغد" الذي يرأسه المرشح الرئاسي الصوري الخاسر موسى مصطفى موسى، والذي تُعبّر تصريحاته الأخيرة عن سعيه لمكاسب حزبية بعد الدور الذي لعبه في الانتخابات. إضافة إلى "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" الذي يضم عدداً من أعضاء لجنة الخمسين، ويمثله أعضاء في المجلس القومي لحقوق الإنسان، و"التجمع اليساري" الذي فقد شعبيته وحركيته على الأرض ويقتصر نشاطه حالياً على إصدار صحيفة "الأهالي" الأسبوعية، و"العربي الناصري" الذي ما زالت له بعض الكوادر القديمة في المحافظات، وحزب "المحافظين" الذي يملكه النائب ورجل الأعمال أكمل قرطام.