العنصرية تلاحق "الكتائب" اللبنانية بعد رفع لافتات ضد السوريين

العنصرية تلاحق "الكتائب" اللبنانية بعد رفع لافتات ضد السوريين

26 ابريل 2018
استحضر مجهولون بشير الجميل عبر ثلاث لافتات (العربي الجديد)
+ الخط -

أعادت لافتاتٌ عنصرية مرفوعة في العاصمة اللبنانية بيروت فتح النقاش الداخلي حول استخدام قوى سياسية لبنانية خطاباً تحريضياً ضد اللاجئين السوريين "يضرب على الوترين" الاقتصادي والاجتماعي خصوصاً، بالإضافة إلى السياسي، وصولاً إلى تحويل هذا الملف إلى مادة انتخابية دسمة قبل تسعة أيام من موعد الانتخابات البرلمانية في البلاد.

واستحضر مجهولون بشير الجميل عبر ثلاث لافتات رفعوها في ساعات متأخرة من ليل الأربعاء - الخميس في ساحة ساسين في منطقة الأشرفية، تحمل عبارات موجهة ضد السوريين، من خطابات الرجل الذي انتُخب رئيساً للجمهورية عام 1982، بعد تطبيع سياسي وتنسيق ميداني وعسكري بين مليشيا "القوات اللبنانية" وإسرائيل.

وقد تعرّض الجميل للاغتيال بعد ثلاثة أسابيع من انتخابه، ويتهم عناصر من "الحزب القومي السوري الاجتماعي" بتنفيذ العملية.

"سيأتي يوم نقول فيه للسوري اجمع أغراضك وما سرقت وارحل"، و"حاول السوريون تقسيم لبنان، فجاء اليوم من يُقسّم بلادهم". هذه هي العبارات التي ارتفعت جنباً إلى جنب مع صور مرشحين للانتخابات النيابية المقبلة، ما أثار غضب ناشطين لبنانيين وصفوها بالعنصرية. كذلك اتهم هؤلاء الناشطون حزب "الكتائب" الذي أسسه والد بشير، بيار، باستغلال العناوين الإقليمية، لخوض الانتخابات النيابية.

ورأى الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بسام خواجة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "استخدام هذه المصطلحات التي تشير إلى القوات السورية، في ظلّ المناخ السياسي الحالي في لبنان الداعي لعودة اللاجئين السوريين إلى سورية، يشير إلى أن المُستهدف من هذه اللافتات هم اللاجئون السوريون هذه المرة".

كذلك ربط خواجة بين اللافتات وبين مشاركة لبنان في مؤتمر بروكسل، وطلبه دعماً مالياً لإدارة ملف اللجوء، وهو ما يطرح، بحسب خواجة، تساؤلات عن جدّية القوى السياسية اللبنانية في حماية حقوق اللاجئين، "في وقت تلجأ فيه لاستخدام خطاب كراهية ضدهم".

وسريعاً، تحوّل النقاش العام حول اللافتات إلى مشادة كلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بين المذيعة في قناة "أم تي في" والمرشحة للانتخابات البرلمانية في التحالف مع "القوات اللبنانية"، جيسيكا عازار، وبين المذيعة في قناة "ال بي سي"، ديما صادق.

فبعدما وصفت صادق اللافتات بالعنصرية، ردّت عازار دفاعاً عن الجميل وعن العبارات الواردة، قبل أن يتحوّل النقاش إلى تبادل للاتهامات الشخصية، وهو ما جذب انتباه الرأي العام اللبناني، الذي توزّع بين مؤيد لعازار ومؤيد لصادق.

من جهته، رفض نجل بشير الجميل، النائب الحالي والمرشح للانتخابات النيابية، نديم الجميل، في اتصال مع "العربي الجديد"، وصف اللافتات بالعنصرية، نافياً أن تكون موجهة ضد الشعب السوري أو ضد اللاجئين.

وقال الجميل إن "الشعب السوري يعاني معاناة الشعب اللبناني ذاتها، في ظلّ هذا النظام الاستبدادي والإرهابي الذي يذبح شعبه". واعتبر أن "سوء الظن يهدف إلى تغيير عنوان وهدف اللافتات، وهو أمرٌ لا نجده مثلاً عندما يتحدث أحدهم عن الأميركيين أو عن أي شعب آخر، ويكون القصد دائماً الإدارة السياسية أو النظام السياسي لهذه الشعوب"، على حدّ تعبيره.

وأكد أن هذه اللافتات "رُفعت في ذكرى انسحاب الجيش السوري من لبنان في إبريل/ نيسان 2005، بوجه كل من يحاول أن ينسي اللبنانيين هذه الذكرى العظيمة"، معتبراً أن "خوض الانتخابات يجب أن يكون تحت هذا العنوان، وضد النظام السوري، وضد كل حلفائه الذين يريدون العودة إلى لبنان من شباك مجلس النواب، بعدما طردتهم ثورة الأرز عام 2005 من الباب".

وجدّد الجميل رفضه لـ"أيرنة وسيرنة لبنان (نسبة إلى إيران وسورية)"، على حد تعبيره.

وقد تزامن النقاش حول اللافتات مع تسجيل وزير الخارجية اللبناني ورئيس "التيار الوطني الحر" وصهر رئيس الجمهورية، جبران باسيل، موقفاً جديداً ينتقد فيه الإجماع الدولي حول اللاجئين السوريين.

وفي هذا الإطار، اعتبر باسيل، بعد جلسة مجلس الوزراء، اليوم الخميس، أن "ما حصل في مؤتمر بروكسل لا يمكن السكوت عنه"، مضيفاً أن "مفوضية النازحين أصدرت بياناً يخيف السوريين من العودة، وهذه التصرفات مشبوهة".

كذلك اعتبر باسيل أن المجتمع الدولي "يعتقد أنه إذا عاد السوريون وتجددت الاشتباكات في بلدهم، عندها قد يغادرون إلى أوروبا، لذا بقاؤهم في لبنان أفضل بالنسبة إليه، كما أن أحد الأسباب أيضاً مرتبطٌ بالانتخابات السورية".

ودعا وزير الخارجية اللبنانية المجتمع الدولي إلى "الكفّ عن تشجيع السوريين على البقاء في لبنان وعدم عودتهم إلى سورية"، مؤكداً أن هذا المجتمع الدولي "لا يستطيع إعطاءنا دروساً بالإنسانية".

وشدد باسيل على أنه لم يقبل يوماً بكلمة "العودة الطوعية" في البيانات الدولية، والجديد اليوم هو عبارة "عودة طوعية ومؤقتة، مع إبقاء خيار البقاء لهم في لبنان".