الجزائر العالقة

الجزائر العالقة

24 ابريل 2018
تساؤلات حول إمكان ترشح بوتفليقة لولاية جديدة(رياض كرمدي/فرانس برس)
+ الخط -
لا توجد دولة تضع مستقبلها في سلة القضاء، وتودع أفقها القادم بين يدي القدر كما الجزائر، يقول جمال ولد عباس، أمين عام حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، جبهة التحرير الوطني، إن ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة أمر "بيد الله". نعم هكذا "بيد الله"، و"بيد الله" هذه أيضاً تدار الدولة ومؤسساتها وشؤون الناس تسييراً وتدبيراً.

أفضل ما يمكن أن يوصف به وضع الجزائر الراهن هو "البلد العالق" المعلّق على باب قضاء ونافذة قدر. لا توجد في الجزائر أي دعامات والمؤشرات التي يمكن أن يتأسس عليها استقراء لواقع أو استشراف لأفق، ذلك أن كل هذا الوضع الراهن هو خارج ممكنات التحليل، وغير قابل للمطابقة مع علوم السياسة وتجارب الحكم والرئاسة في العالم، بقدر ما يقترب إلى الفكر الصوفي الموغل في الغيبيات.

في الجزائر كل شيء صار معلّقاً على قصة واحدة، نيّة الرئيس في الترشح لرئاسيات 2019، وقراره الاستمرار في الحكم من عدمه. يخمّن الجزائريون، شعباً ومحللين، ساسة وأحزاباً أيضاً، ويطرحون السؤال نفسه، هل يصرّ بوتفليقة على مسار يربط بين القصر والقبر، أم يمكن أن يسلّم الحكم لشقيقه، كما فعل الزعيم الكوبي فيديل كاسترو مع شقيقه راوول؟ وإذا لم يحدث هذا أو ذاك، من سيكون الخليفة إذاً، وما علاقة الجيش والكارتل المالي بما سيحدث؟

قبل أسبوع ثار رئيس الحكومة أحمد أويحيى في وجه صحافي عندما سأل إن كان الظهور الأخير لبوتفليقة، هو ظهور وداع أم إعلان ترشح للاستمرار في الحكم. ترفض الحكومة ورئيسها تحمّس الصحافيين لمعرفة موقف بوتفليقة من الترشح للخامسة، لكنها لا تنكر أن الرئيس مريض، وأن صحته لم تعد كما كانت قبل إبريل/ نيسان 2013، ومع ذلك تزيد في لعبة الغموض عندما تدفع أعيان المدن إلى إعلان بيانات مناشدة الرئيس للترشح لولاية خامسة، في مشهد هو أقرب إلى مناشدات تونسية للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أو مصرية للرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي وقبله للمخلوع حسني مبارك.

ليت الأمر توقف عند المناشدة، لكن رئيس الحزب الحاكم يعلن أنه يحمل للرئيس رسائل من 700 ألف مواطن يطالبونه بالبقاء في الحكم، وبصدد صياغة وثيقة من ألفي صفحة لتدوين منجزات "البوتفليقية" وتبرير صرف ألف مليار دولار خلال الولايات الرئاسية الأربع منذ عام 1999. والحقيقة أن مسألة واحدة هي الأكثر حاجة للتبرير، كيف صُرف كل هذا المبلغ، والبلد يصرف على توريد القمح والحليب والدواء وأخيراً اللحوم. يصح على الجزائر وصف "البلد المعلق"، فاللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.

المساهمون