مؤشرات تجميد الأزمة الخليجية... بلا تصعيد ولا حلّ

مؤشرات تجميد الأزمة الخليجية... بلا تصعيد ولا حلّ

21 ابريل 2018
لم تفاجئ المشاركة القطرية في "درع الخليج1" المراقبين بالدوحة(الأناضول)
+ الخط -

يصعب فصل المشاركة القطرية في "تمرين درع الخليج 1"، بين 21 مارس/ آذار الماضي و16 إبريل/ نيسان الحالي، في المنطقة الشرقية من السعودية، عن محطات أخرى سُجّلت في الأيام الماضية، مثل مشاركة قطر في القمة العربية في الظهران، وإن بتمثيل منخفض تمثّل في المندوب القطري لدى جامعة الدول العربية، سيف بن مقدم البوعينين. وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن هذه الأحداث تندرج في إطار تجميد الأزمة الخليجية عند النقطة التي وصلت إليها، من دون تصعيد ولا حلحلة، بل مجرّد تجميد، في انتظار تطورات ربما تكسر عناد دول الحصار في مواصلة محاصرة دولة قطر، لعقود مقبلة ربما، مثلما أوحت به تصريحات ولي عهد السعودية محمد بن سلمان أخيراً، والموظفين المكلفين تكرار مواقفه في الإعلام، أكان عبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أو مسؤولي الجيش الإلكتروني التابع للديوان الملكي السعودي عملياً.

وفي مقابل الحدثين، سجّلت الأيام الماضية أيضاً أحداثاً تؤكد انعدام وجود نية لدى معسكر الحصار لحلّ الأزمة مع الدوحة، مثل تأجيل القمة الأميركية ــ الخليجية إلى سبتمبر/ أيلول المقبل، لإعطاء فرصة للدول المعنية بالأزمة لحلها "قبل أن يتدخّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، مثلما نشر الإعلام الأميركي، بعدما كان مقرراً أن تعقد القمة في مايو/ أيار المقبل، وذلك بموازاة الأنباء (وربما الشائعات) التي تبدو السعودية والإمارات مصرتين على بثها عبر إعلامهما الرسمي أو شبه الرسمي، حول بدء أعمال الحفر عند الحدود البرية السعودية ــ القطرية بهدف إنشاء قناة مائية تحوّل قطر بالفعل إلى جزيرة معزولة جغرافياً عن أي برّ خليجي.

وبحسب المعلومات، فقد نجحت الضغوط الأميركية التي مورست على دول الحصار، في استئناف التعاون والتنسيق العسكري الخليجي المشترك، ولو بحدوده الدنيا، وفصله عن تطورات الأزمة الخليجية التي شارفت على دخول عامها الأول. ولم تفاجئ المشاركة القطرية في "تمرين درع الخليج 1" في السعودية، المراقبين في الدوحة، وفق ما يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة قطر الدكتور ماجد الأنصاري، لـ"العربي الجديد"، موضحاً أنها "ليست المرة الأولى التي تشارك فيها قطر في فعاليات عسكرية مع دول الحصار، منذ اندلاع الأزمة الخليجية، فقد سبق أن شارك وفد عسكري قطري في التحضير لهذا التمرين في اجتماع عقد في الدمام، كما شارك رئيس الأركان القطري، الفريق الركن طيار غانم بن شاهين الغانم، في اجتماعات شارك فيها رؤساء أركان للقوات المسلحة لدول الخليج العربية في واشنطن قبل أشهر، وبالتالي المشاركة القطرية ليست مفاجئة أو مستغربة".

وأعلنت وزارة الدفاع القطرية، يوم الأربعاء الماضي، عودة الوفد العسكري الذي مثَّل قطر في "تمرين درع الخليج 1" المشترك بالسعودية، وأكدت في بيان أصدرته، أن المشاركة القطرية في التمرين كانت لـ"تعزيز أواصر الأخوة وتبادل الخبرات والمشاركة في كل ما من شأنه المحافظة على أمن واستقرار دول مجلس التعاون والمنطقة العربية الإسلامية".


ويعتقد الأنصاري أنّ "ضغطاً أميركياً مورس على دول الحصار، مفاده أنه لا يفترض بأزمة الخليج أن تؤثّر على الوضع العسكري والتعاون بين حلفاء أميركا". ويذكر الأنصاري أنه "بعد فترة من وقوع الأزمة الخليجية، كانت هناك محاولة سعودية لإظهار أن هناك علاقات طبيعية على المستوى العسكري بينها وبين وقطر، إذ تمّت استضافة وفد قطري عسكري للترتيب لـ"تمرين درع الخليج 1"، ثمّ أتت المشاركة العسكرية القطرية، وحضور رئيس هيئة الأركان القطرية في ختام التمرين، كأمر برتوكولي ودبلوماسي"، معبراً عن اعتقاده بأنّ "المشاركة العسكرية القطرية في هذا التمرين، لا تغيّر شيئاً بالنسبة للأزمة الخليجية، واتجاه حلها".

في المقابل، يرى الإعلامي والمحلل السياسي جابر الحرمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قطر جزء من التحالف، والتمرين هو لجميع الدول المعنية ولا يمكن استبعاد قطر من تمرين يُعنى بأمن واستقرار الخليج"، مضيفاً أنّ "قطر ركيزة أساسية في هذا الجانب، ولا تستطيع دول الحصار القفز عن هذه الحقيقة". ويلفت الحرمي إلى أنّ "المرحلة المقبلة تحمل استحقاقات ملزمة لجميع دول مجلس التعاون، مثل القمة الخليجية التي ستعقد في السعودية أيضاً، وقطر لن تتخلّف عنها، وقبلها القمة الأميركية الخليجية في سبتمبر/ أيلول المقبل".

ويستند مراقبون في الدوحة، في كلامهم عن الضغوط الأميركية على دول الحصار، إلى ما نشرته أخيراً صحيفة "ذا هيل" الأميركية، عن إعادة الرياض لضابط الارتباط السعودي إلى قاعدة "العديد" في الدوحة للعمل مع القوات الأميركية والقطرية، وهي العودة التي تمّت من دون إعلان رسمي، سواء من السعودية أو قطر. وكانت القيادة العسكرية المركزية الأميركية قد أعلنت قبل أشهر أنها أوقفت عدداً من تدريباتها مع دول خليجية بسبب الأزمة الخليجية. ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية عن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، جون توماس، قوله إن "القيادة سوف توقف بعض التدريبات مع دول بمجلس التعاون الخليجي احتراماً لمفهوم الشمولية والمصالح الإقليمية المشتركة، وسنواصل تشجيع جميع الأطراف على العمل معاً للتوصّل إلى نوع من الحلول المشتركة التي تمكّن من تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".

ومن الواضح أنّ القرار الأميركي بإيقاف التدريبات العسكرية المشتركة مع دول الخليج على خلفية الأزمة، دفع بدول الحصار، وخصوصاً السعودية، إلى استئناف التعاون والتنسيق العسكري مع قطر، رغم استمرار الأزمة الخليجية، والجمود الذي بات يلفها. وكانت القوات المسلحة القطرية قد كشفت في بيان، أن رئيس الأركان القطري، الفريق الركن طيار غانم بن شاهين الغانم، حضر مراسم اختتام تدريبات "درع الخليج"، يوم الاثنين، والتي حضرها الملك سلمان بن عبد العزيز وعدد آخر من قادة الدول، وشددت على أن مشاركة رئيس أركان القوات المسلحة القطرية جاءت "بناءً على دعوة تلقاها من نظيره السعودي".

وشاركت 25 دولة عربية وغربية في مناورات "درع الخليج المشترك 1" التي استمرت شهراً كاملاً، وهي بالإضافة إلى السعودية، قطر والأردن وأفغانستان والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان والبحرين وبنغلاديش وبوركينا فاسو وتركيا وتشاد وجيبوتي والسودان وسلطنة عُمان وزامبيا وغينيا والكويت ومصر وماليزيا وموريتانيا والنيجر واليمن وجمهورية جزر القمر.

المساهمون