النظام يواصل تدمير اليرموك... ويقترب من إخضاع محيط دمشق

النظام يواصل تدمير اليرموك... ويقترب من إخضاع محيط دمشق

21 ابريل 2018
طفلان سوريان في دوما (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ النظام السوري بمساندة روسية عملية تهجير آخر قطاعين جغرافيين في كل من محافظتي دمشق وريف دمشق، وذلك من خلال تمكّن حلفائه الروس من فرض اتفاقيات تهجير على كل من مناطق القلمون الشرقي، شمال شرق العاصمة، ومناطق جنوب دمشق (مخيمي اليرموك وفلسطين ومنطقة الحجر الأسود)، إذ تم يوم أمس الجمعة، تهجير الدفعة الأولى من مسلحي الفصائل وعائلاتهم من الضمير إلى الشمال السوري، وذلك بالتزامن مع التوصّل لاتفاق تهجير مع باقي مناطق القلمون الشرقي، عدا مدينة الرحيبة التي تحاصرها قوات النظام بهدف فرض اتفاق تهجير بحقّ أهاليها كغيرها من باقي مدن القلمون الشرقي، في وقت يبدو فيه أن اتفاق التهجير في منطقة جنوب دمشق قد فشل ليعود القصف والاشتباكات إلى المنطقة.

ووصلت، يوم أمس الجمعة، قافلة مهجري مدينة الضمير في القلمون الشرقي إلى ريف حلب الشمالي، في وقت تستعد قوافل جديدة من مدن القلمون الأخرى للمغادرة، بعد توصّلها لاتفاق مع النظام السوري وروسيا مشابه لاتفاق الضمير.


وقال الناشط الإعلامي مروان القاضي، لـ"العربي الجديد"، إن مجموع المقاتلين في مدينة الضمير يراوح بين 500 و600 مقاتل من "جيش الإسلام " و"قوات الشهيد أحمد العبدو"، مشيراً إلى أنّ المقاتلين "خرجوا مع سلاح فردي وثلاثة مخازن بمرافقة ستّ سيارات خاصة وشاحنة كبيرة و250 خيمة مع مواد إغاثية". وأوضح القاضي أن من بقي في المدينة سوف يخضع إلى تسوية مع قوات النظام، التي منحت مهلة تراوح بين ثلاثة وستة أشهر للعسكريين وحاملي السلاح، للالتحاق بالقطع العسكرية و"تسوية" أوضاعهم، فيما ضمن الجانب الروسي عدم دخول المليشيات الشيعية إلى المدينة وعدم تنفيذ اعتقالات عشوائية.

وبثّ تلفزيون النظام لقطات لدخول قوات الأمن التابعة للنظام إلى مدينة الضمير بعد الانتهاء من خروج مقاتلي المعارضة، حيث تم رفع علم النظام على المباني في المدينة.

إلى ذلك، تمّ التوصل إلى اتفاق مشابه لاتفاق الضمير، بين قوات النظام وكامل الفصائل المسلحة في القلمون الشرقي بوساطة روسية، يقضي بنقلهم إلى الشمال السوري خلال الأيام المقبلة. وقالت مصادر من المنطقة لـ"العربي الجديد"، إنه بموجب الاتفاق "سوف يسلّم مقاتلو المعارضة، اليوم السبت، أسلحتهم الثقيلة والمعدات العسكرية إلى قوات النظام"، موضحةً أنّ الاتفاق "نصّ على نشر الشرطة الروسية على مداخل المدن، وعدم دخول قوات النظام إلى مدن المنطقة، إلى جانب تسوية أوضاع من يرغب بالبقاء من خلال مركز داخل المنطقة، على أن تفتّش القوافل لمرة واحدة قبل المغادرة بوجود عنصر أمن روسي". وتضمّن الاتفاق أيضاً "الحفاظ على أملاك المدنيين المهجرين لناحية عدم مسّها أو مصادرتها، ويحق للمهجرين حمل أمتعتهم الشخصية التي يمكنهم حملها في الحافلة مع السلاح الفردي".

وبحسب بنود الاتفاق، يتمّ تشكيل لجنة مدنية مشتركة ثلاثية لتسيير أمور المنطقة وحلّ قضايا المعتقلين والموقوفين، بينما يمنح المتخلّفون عن الخدمة العسكرية مهلة ستة أشهر قابلة للتمديد لسنة، في حين يقوم القضاء العسكري بإصدار عفو خاص عنهم، شرط أن يلتحقوا خلال 15 يوماً أو يغادروا منطقة القلمون.


في غضون ذلك، لا تزال مدينة الرحيبة الوحيدة التي لم توقّع اتفاق تهجير رغم فرض قوات النظام حصاراً كاملاً عليها، وسط غارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي عنيف. وقالت مصادر محلية إن "قوات الأسد طوّقت البلدة وفصلتها عن باقي قرى وبلدات القلمون الشرقي"، مشيرةً إلى أنّ قوات النظام سيطرت على أرض الخرنوبة و"الكتيبة النارية"، بعد انسحاب الفصائل باتجاه مواقعها الخلفية.


وفي جنوب دمشق، ورغم تأكيد وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يقضي بخروج معظم مقاتلي الفصائل في المنطقة وتسوية أوضاع الباقين، إلا أنّ الناشط الإعلامي في جنوب دمشق أيهم العمر، قال لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يتم التوصّل إلى اتفاق واضح حتى الآن"، مؤكداً أنّ المنطقة "لا تزال تشهد قصفاً عنيفاً يستهدف الأحياء السكنية، فيما تحاول قوات النظام التقدّم على أطراف حي التضامن، بالإضافة لمحاولة المليشيات الفلسطينية الموالية للنظام اقتحام حي الريجة الخاضع لسيطرة هيئة تحرير الشام". وأكد العمر خروج مشفى فلسطين، الوحيد في منطقة مخيم اليرموك، عن الخدمة بسبب القصف الجوي. كذلك، أشار إلى سقوط عدد من القتلى لقوات النظام خلال الاشتباكات الدائرة على الجبهات مع "داعش".

ويتهم معارضون النظام السوري برغبته في إزالة مخيم اليرموك الذي يقع داخل التقسيم العقاري للعاصمة دمشق، وهو ما يفسّر، بحسب المعارضين، طريقة تعاطيه مع المخيم والمناطق المحيطة به، لناحية السماح ضمنياً بتغلغل "داعش" والمسلحين المحسوبين عليه في المخيم، لتوفير مبرّر صالح يجيز له مواصلة تدمير المخيم ليتصرف في أراضيه الشاسعة والاستراتيجية حسب مصالحه الديمغرافية والمالية والمصلحية.

وكان التلفزيون الرسمي التابع للنظام ذكر أنّ العمليات العسكرية سوف تتواصل إلى حين التأكّد من التزام من سمّاها "الفصائل الإرهابية" بالاتفاق. وقال "إن بعض المجموعات الإرهابية قد تراوغ وتعرقل بعض البنود، ولذلك العملية العسكرية ستستمر إلى حين الانتهاء من تفاصيل بنود الاتفاق كاملاً".

وتحدثت مصادر مقربة من النظام عن أن الاتفاق يقضي بخروج مقاتلي تنظيم "داعش" إلى البادية السورية، حيث يوجد جيب للتنظيم هناك، بينما يغادر مقاتلو "هيئة تحرير الشام" باتجاه محافظة إدلب في الشمال السوري. وبالنسبة للفصائل الموجودة في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، قالت المصادر إن الاتفاق معها يتضمّن بقاء من يوافق على تسوية أوضاعه وخروج من يرفض باتجاه الشمال السوري.

وكانت قوات النظام بدأت، منذ أول أمس، عملية عسكرية واسعة في مناطق جنوب دمشق تخلّلها شنّ نحو مائة غارة جوية، وإطلاق مئات القذائف والصواريخ على مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في الحجر الأسود ومخيم اليرموك وأجزاء من حيي التضامن والقدم، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين.