قمة زعماء دول الكومنولث تختتم أعمالها في لندن

قمة زعماء دول الكومنولث تختتم أعمالها في لندن

20 ابريل 2018
بريطانيا تعول على إحياء الرابطة (Getty)
+ الخط -
تختتم اليوم الجمعة قمة زعماء دول الكومنولث في لندن، بحضور 53 زعيماً للدول الأعضاء في الرابطة، التي ترأسها ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية.


وناقش القادة المجتمعون في القمة المقامة في لندن تحت عنوان "نحو مستقبل مشترك" قضايا عالمية وإقليمية ذات صلة، مثل التجارة العالمية والاستثمارات الدولية، إضافة إلى مناقشة قضايا بيئية تشمل التغير المناخي وتأثيراته على عدد من الدول الأعضاء في الكومنولث.

كما اتفق الزعماء باجتماعهم في قلعة وندسور على تسمية أمير ويلز وولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، قائداً لرابطة الكومنولث، ليخلف بذلك والدته إليزابيث، والتي توقفت عن السفر خارج البلاد ولم تزر أياً من دول الرابطة منذ أمد.

وكانت الملكة البريطانية قد قالت في كلمتها أمام الحضور "لقد كان لي الشرف والسعادة في أن أخدم كرأس للكومنولث وأن أراقب بفخر ورضى هذه الشبكة المزدهرة. وأتمنى بإخلاص أن يستمر الكومنولث في توفير الاستقرار والاستمرارية للأجيال المستقبلية، وأن يتفق على أن يقوم أمير ويلز بالعمل المهم الذي باشره والدي عام 1949."

وجرت العادة أن يكون العاهل البريطاني زعيماً لرابطة دول الكومنولث، حيث ترأسها الملك جورج السادس، ولتتبعه الملكة الحالية، ويخلفها ولي العهد. لكن لا يوجد قانون ينص على ضرورة هذا التسلسل، وهو ما دفع ببعض الأصوات المعارضة في الساحة البريطانية، وعلى رأسها زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، إلى رفض أهلية الأمير تشارلز للقيام بهذا الدور الدبلوماسي المهم.

إلا أن أجواء الاجتماع خيمت عليها أزمة "جيل ويندرش" من المهاجرين من دول الكاريبي والتي كانت مستعمرات بريطانية، وهي حالياً أعضاء في رابطة الكومنولث.

كما حاولت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، حشد الدعم لموقف بلادها في وجه روسيا من خلال عرض أدلة استخبارية سرية على زعماء كندا وأستراليا ونيوزيلندا حول الدور الروسي في قضية تسميم العميل الروسي المزدوج، سيرغي سكريبال. وحاولت أيضاً دفع الهند، إلى صفها، بعرض المعلومات السرية الخاصة على رئيس وزرائها ناريندرا مودي.

كما كشفت ماي عن دور "البوتات" الروسية في نشر الأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي حول قضية سكريبال والاعتداء الكيميائي على مدينة دوما السورية. ووثق المختصون الحكوميون أكثر من 45 ألف منشور تنشر الأخبار الكاذبة في الأسبوعين التاليين للاعتداء على دوما في السابع من إبريل/ نيسان.


واضطر رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوسا، إلى مغادرة القمة مبكراً بسبب المظاهرات العنيفة التي تشهدها بلاده حالياً بسبب البطالة وأزمة السكن وانتشار الفساد.

وتسعى الحكومة البريطانية إلى الاستفادة من العلاقات التي تربط دول هذا المنتدى للحصول على اتفاقيات تجارية ثنائية مع بلدانه بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. كما يرى العديدون من أنصار البريكست، على الأقل من اليمين السياسي، أن رابطة الكومنولث بديل طبيعي للاتحاد الأوروبي، نظراً لصلة بلدانه بالإمبراطورية البريطانية سابقا.

وكانت الملكة البريطانية قد أشارت في خطابها إلى ضرورة إحياء الكومنولث ككتلة اقتصادية، وهو ما دفع جهوداً لإقناع رئيس وزراء الهند لحضور القمة في المقام الأول. وتمتلك الهند سابع أكبر اقتصاد عالمي، وبمرتبتين بعد بريطانيا، من حيث الدخل القومي، بينما تحتل كندا المركز العاشر. ويشكل ناتج الدخل القومي للدول كافة 10 تريليونات دولار وهو ما يضعها بجوار الصين في المرتبة الثانية عالمياً، وبعد الولايات المتحدة ذات 19 تريليون دولار من حجم الدخل القومي.

إلا أن الواقع السياسي والاقتصادي يخالفان التطلعات البريطانية. فأغلب دول الرابطة ترفض أن تكون طرفاً في السياسية الداخلية البريطانية، والجدل الدائر فيها حول بريكست، بينما كان رئيس الوزراء الكندي، جستن ترودو، قد عارض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

أما الدول الأصغر في الرابطة، فكانت تعتمد على الصوت البريطاني في دعم مطالبها في الاتحاد الأوروبي، ولكن بعد خروجها من الاتحاد، ستكتفي هذه الدول بالصوتين المالطي والقبرصي في بروكسل.

كما أن الصفقات الاقتصادية التي ترغب في إقامتها دول مثل الهند، ستأتي مقابل تسهيل حصول مواطنيها على تأشيرات الدخول إلى بريطانيا، وهو ما جادل جمهور بريكست ضده في حملته للخروج من الاتحاد الأوروبي وضرورة التحكم بالهجرة.

كما أن الصناعات البريطانية لا تربطها بهذه الكتلة علاقات اقتصادية قوية، فمجموع صادرات بريطانيا لدول الكومنولث يعادل صادراتها لألمانيا وهو نحو 9 في المائة من صادرات بريطانيا الكلية. أما وارداتها منها فلا تتجاوز 8 في المائة، مماثلة للواردات البريطانية من الصين. بينما يشكل الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لبريطانيا حيث يستهلك 50 في المائة من التجارة البريطانية.

وتضم رابطة دول الكومنولث 53 دولة أغلبها من الدول التي نالت استقلالها من بريطانيا خلال القرن الماضي. وتضم القائمة دولاً كبرى مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا والهند وبنغلادش وباكستان وماليزيا، ونيجيريا وأوغندا وسيراليون، إضافة إلى دولتين عضوتين في الاتحاد الأوروبي هما قبرص ومالطا.

إلا أن دولاً لم تكن جزءاً من الإمبراطورية البريطانية قد انضمت إلى الرابطة، حيث طلبت كل من موزامبيق ورواندا الانضمام عامي 1995 و2009 بالترتيب.

كما فقدت المنظمة عدداً من أعضائها مثل المالديف التي انسحبت عام 2016، بينما شهدت تعليق عضوية عدد من الدول مثل باكستان بعد الانقلاب العسكري عام 1999 ولتعود إلى النادي بعد خمس سنوات، وجنوب أفريقيا عام 1961 على خلفية التمييز العنصري فيها، ولتستعيد عضويتها بعد انهيار نظام "الأبارتهايد" فيها عام 1994.

وتشكل رابطة دول الكومنولث ثقلاً كبيراً حيث يبلغ تعداد سكان دولها 2.5 مليار شخص وهو تقريباً ثلث تعداد سكان العالم حالياً، ويأتي نصفهم من الهند.



وعلى الرغم من أن ملكة بريطانيا تترأس رابطة الدول، إلا أنها رأس الدول في 16 دولة فقط، بينما تمتلك 6 دول أخرى أنظمة ملكية خاصة بها، أما الدول 31 المتبقية فتمتلك أنظمة حكم جمهورية.

ووجهت انتقادات للرابطة بأنها إحياء للتراث الاستعماري ولا تمتلك أي تأثير على الصعيد العالمي، حيث كانت غامبيا قد انسحبت عام 2013 من الرابطة واصفة إياها بأنها "مؤسسة نيو استعمارية". ولا تضم الرابطة أية دولة عربية على الرغم من خضوع عدد منها للاستعمار البريطاني.