الخارجية اللبنانية تهاجم مفوضية اللاجئين دفاعاً عن الأسد

الخارجية اللبنانية تهاجم مفوضية اللاجئين دفاعاً عن النظام السوري

بيروت

عبد الرحمن عرابي

avata
عبد الرحمن عرابي
20 ابريل 2018
+ الخط -
بعد يوم من إعادة نحو 500 لاجئ سوري كانوا يقيمون في بلدة شبعا، جنوبي لبنان، إلى بلدتهم بيت جن، في الجنوب السوري، أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً هاجمت فيه "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" التابعة للأمم المتحدة، إثر تعليق المفوضية على عملية نقل اللاجئين التي نظمها مُقربون من النظام السوري، ومن دون أي إشراف أُممي، أو من قبل جمعيات معنية بحقوق الإنسان.

وقد تذرّعت الخارجية اللبنانية بـ"الوضع المُلتبس"، لتدعو في بيانها، الذي أصدرته مساء الخميس، إلى "إعادة تقييم عمل المفوضية"، واعتبرت أن "مضمون البيان الذي صدر عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن عودة حوالي 500 نازح سوري من شبعا إلى بيت جن السورية، لا يشجع حتى على نموذج صغير للعودة الطوعية الآمنة والكريمة التي تتوافق مع جميع المبادئ الإنسانية والأعراف الدولية، لا بل تخوّف النازحين من أية عودة في هذه المرحلة، بسبب ما تذكره من وضع أمني غير مستقر".

وعلى الرغم من توثيق جمعيات معنية بحقوق الإنسان، كـ"هيومن رايتس ووتش"، عدم طوعية عودة اللاجئين السوريين الذين كانوا يقيمون في لبنان خلال عمليات سابقة نظمها "حزب الله"، أصرّت الخارجية اللبنانية في بيانها على انتقاد بيان المفوضية، الذي "يتضمن إصراراً على رفض أي مؤشر إيجابي للعودة، وعلى إخافة السوريين منها، على الرغم من استقرار الحالة الأمنية في كثير من المدن السورية، وعودة الحياة الطبيعية إليها"، بحسب الخارجية اللبنانية.

ولم يخل البيان الصادر عن الوزارة التي يتولّاها رئيس "التيار الوطني الحر"، جبران باسيل، من إعادة تخويف اللبنانيين من "خطر توطين اللاجئين، عبر زرع الخوف والتردد في قلوبهم، وتعمّد عرقلة أية جهود جدية لعودتهم والتخفيف من معاناتهم، وحل مشكلة من يستطيع الرجوع سياسياً وأمنياً إلى سورية، كون العودة الآمنة والكريمة هي الحل الوحيد لأزمة النزوح".

يشار إلى أن باسيل قدّم مجموعة مشاريع قوانين تحمل أبعاداً عنصرية ضد السوريين والفلسطينيين، وضد اللبنانيات المتزوجات من حَمَلة هاتين الجنسيتين تحديداً. 

ويُصر الوزير على تحويل مخاوف فريقه السياسي إلى موقف رسمي لبناني، عبر التعبير عنها من منبر الخارجية اللبنانية في الداخل وفي المؤتمرات الدولية التي يشارك فيها باسم لبنان. 

وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قد أصدرت بيانات ذات مضمون مُشابه، تناولت فيها كافة عمليات نقل المدنيين السوريين اللاجئين في لبنان إلى مناطق مُختلفة في سورية، نتيجة عمليات تبادل نظمها "حزب الله" مع فصائل سورية وأُخرى تابعة لـ"جبهة النصرة" و"داعش". 

وقد أشارت المفوضية، في بيانها الأخير، إلى أنها "لا تشارك في تنظيم هذه العودة أو غيرها من حركات العودة في هذه المرحلة، نظراً للوضع الإنساني والأمني السائد في سورية". 

وأكدت أنها "تحترم القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى بلدهم الأصلي، عندما تُتخذ من دون ضغوط لا مبرر لها، وبعد تقييمهم المعلومات المتاحة لهم بعناية".

وكانت مصادر محلية في بلدة شبعا قد أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس بلدية بيت جن السابق، هيثم حمودي، هدّد العائلات السورية بمنعهم من العودة إلى سورية "إلى الأبد" في حال رفضوا العودة الآن، كما توعّدهم بتسليط جهاز الأمن العام اللبناني عليهم "لتوقيفهم وعرقلة حياتهم في لبنان". ​

وبعيد إصدار بيان الخارجية، استدعى مدير الشؤون السياسية والقنصلية، السفير غادي الخوري، ممثلة مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ميراي جيرار.

وأثار السفير الخوري مسألة سلوك المفوضية لجهة إصدارها بياناً "مخالفاً للسياسة العامة اللبنانية المنسجمة بالكامل مع المبادئ الإنسانية والقانون الدولي، التي تقضي بالعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين إلى بلدهم"، مشيراً إلى أن مضمون البيان "يزرع الخوف والتردد في نفوس النازحين السوريين الذين قرروا طوعياً وبملء إرادتهم العودة إلى بلدهم، كون الوضع الأمني في معظم مناطق سورية بات يسمح بالعودة". 

ودعا السفير جيرار إلى "وجوب أن تتماهى البيانات الصادرة عن المفوضية مع مستجدات الوضع السوري وأولويات الحكومة اللبنانية، وعلى وجوب الامتثال للأصول الدبلوماسية، وتحفظ المفوضية عن إصدار بيانات تعرقل عملية العودة". 

واليوم يأتي بيان الخارجية اللبنانية كهجوم سياسي على دور مفوضية اللاجئين، بعد أن نجح "حزب الله" في تحييدها عن متابعة عملية إعادة توزيع السوريين بين لبنان وسورية، وإخلاء مدن وبلدات حدودية، كالقصير والزبداني، من سكانها، ونقل لاجئين من بلدات لبنانية إلى مناطق سيطرة "النصرة" و"داعش" في إدلب وقرب الحدود السورية - العراقية، علماً أنه سبق لـ"حزب الله" أن نظّم عودة آلاف اللاجئين السوريين من عدة بلدات حدودية لبنانية مع سورية إلى الداخل السوري، خلال العامين الماضيين، من دون تنسيق مع السلطات اللبنانية أو مع الجهات الدولية والأممية المعنية بملف اللاجئين.

ومن أبرز تلك العمليات إجلاء نحو ستة آلاف لاجئ من بلدة عرسال باتجاه محافظة إدلب في الداخل السوري، بعيد انتهاء المعارك التي خاضها الحزب مع تنظيمي "النصرة" و"داعش" في الجرود المُتداخلة بين لبنان وسورية، العام الماضي. 

وقد وثّقت تقارير حقوقية دولية "عدم طوعية" هذه العودة، واستمرار التهديدات على حياة اللاجئين في إدلب بسبب الأعمال القتالية.

ذات صلة

الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
محمد حبوب.. إعاقة ونزوح بسبب الحرب السورية (عامر السيد علي)

مجتمع

خلفت الحرب السورية مآسي مروعة بكل تفاصيلها، طاولت مدنا وبلدات وعائلات بأكملها، وشكلت تلك المآسي انقلابا في حياة الكثير من السوريين
الصورة
غسان النجار أمين سر نقابة المهندسين في حلب 1980 متحدثا للعربي الجديد (العربي الجديد)

سياسة

واجه نظام الرئيس حافظ الاسد عام 1980 انتفاضة شعبية في مدينة حلب سبقها صراع مسلح مع الطليعة المقاتلة واستغل النظام هذا الصراع للقضاء على اخر صوت للحرية في البلاد
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.