هجمة قياسية للمستوطنين على القدس... والأقصى بخطر مجدداً

هجمة قياسية للمستوطنين على القدس... والأقصى بخطر مجدداً

القدس المحتلة

محمد محسن

محمد محسن
03 ابريل 2018
+ الخط -
ينبئ المشهد في البلدة القديمة من القدس المحتلة، وفي المسجد الأقصى ومحيطه على وجه التحديد، أمس الإثنين، بمزيد من الأخطار التي تتهدد هذا المسجد، مع اقتحام أكثر من 600 مستوطن لباحاته على مدى الأيام الثلاثة الماضية، واستباحة آلاف المستوطنين لباحة البراق التي تشكل جزءاً من الجدار الغربي للمسجد الأقصى احتفالاً بالفصح اليهودي.

وبسبب ذلك، غالباً ما يدفع المقدسيون ثمناً إضافياً من المعاناة تفرضها عليهم سلطات الاحتلال من تقييد لحرية الحركة والتنقل، في مقابل تصاعد اعتداءات المستوطنين، ليس فقط باقتحامهم اليومي للأقصى، بل أيضاً باعتدائهم على المواطنين وممتلكاتهم، وتحويل عقارات استولوا عليها في السابق، إلى محال تجارية وسط أسواق فلسطينية مزدحمة، كما حدث، أخيراً، في شارع الواد، شريان الحركة الرئيس إلى المسجد الأقصى داخل البلدة القديمة.

وبالقرب من المكان الذي لقي فيه مستوطن يهودي مصرعه طعناً بالسكين من قبل شاب فلسطيني من نابلس، هو عبد الرحمن بني فاضل، والذي ارتقى شهيداً في الهجوم ذاته قبل نحو أسبوعين، دشن المستوطنون محلاً تجارياً، ورفعوا عليه الأعلام الإسرائيلية، ويرتاده مستوطنون وجنود وعناصر شرطة. ويقع المحل في المنطقة ذاتها التي نفذ فيها الشهيد مهند الحلبي، قبل نحو ثلاث سنوات، عمليته الفدائية بقتله مستوطنين وإصابة آخرين، ما اعتبره المقدسيون واحدة من أجرأ العمليات التي نفذها مقاوم، وتقديراً له أطلق نشطاء على الشارع اسم "شارع الشهيد مهند الحلبي"، في حين انتقمت سلطات الاحتلال من تجار هذا الشارع وسكانه بفرض ضرائب ومخالفات لم يسبق لها مثيل. وفرضت سلطات الاحتلال على العديد من التجار المقدسيين في هذا الشارع، غرامات تراوحت ما بين 500 و1000 شيقل، بادعاء مخالفة أنظمة البلدية في ما يتعلق بالتدخين، أو وضع البضائع أمام المحلات. وشاركت في هذه الحملة أيضاً عناصر ضريبة الدخل التي نفذت حجوزات بالجملة على التجار هناك بزعم ديون مستحقة لها، في الوقت الذي يشكو فيه التجار من ركود الحركة التجارية منذ اندلاع هبة القدس في العام 2014، وما سبقها من أحداث.

وعلى خلاف ما هو عليه الحال في شارع الواد، وفي أسواق البلدة القديمة عموماً، فإن "حارة الشرف"، أو ما يعرف بـ"الحي اليهودي" الآن، تشهد حركة تجارية نشطة للغاية، خصوصاً في سوق "كاردو"، حيث العديد من المطاعم السياحية ومحلات "السنتواري" التي ازدحمت منذ يومين بالآلاف من السياح الأجانب والمستوطنين. وبدا هذا الشطر من البلدة القديمة، المطل على الأقصى مباشرة من ناحية الغرب، عالماً آخر منفصل تماماً عن سائر أحياء البلدة القديمة التي كانت حركة السياحة بطيئة فيها، بسبب عشرات الحواجز التي أقيمت على مداخل كنيسة القيامة، ما اضطر السياح للوقوف طويلاً أمام تلك الحواجز، بينهم المئات من الحجاج الأقباط، غالبيتهم قدموا إلى القدس من مصر بعد أن منحهم النظام هناك الضوء الأخضر لزيارة القدس، على خلاف الموقف التاريخي الذي كانت تتبناه البطريركية بعدم زيارة القدس طالما الاحتلال الإسرائيلي قائم فيها.



وبينما اتخذت أعداد كبيرة من السياح مقاعد لها في مطاعم مقدسية ومنصات جلوس في سوق الدباغة، المعروف بسوق "أفتيموس"، ويملك معظمها مقدسيون، كانت ساحة القيامة تنتظر دخول أفواج السياحة برفقة أدلاء سياحة إسرائيليين، كانوا يلقون على مسامع هؤلاء السياح روايات محرّفة وغير دقيقة عن تاريخ المدينة وأماكنها المقدسة، الإسلامية والمسيحية، بينما يتحكم عناصر شرطة وحرس حدود بحركة الدخول والخروج من كنيسة القيامة، ما أعاق احتفالات الطوائف المسيحية التي تسير على الحسابين الغربي والشرقي بأعياد الجمعة العظيمة، وسبت النور، والفصح. وقال رجل دين مسيحي من طائفة الروم الأرثوذكس، التقته "العربي الجديد"، على مدخل كنيسة القيامة، إن "هذه القيود تتكرر كل عام بوجهنا. علينا، نحن أصحاب هذا المكان الشرعيين، أن ننتظر طويلاً قبل أن يسمح لنا بالوصول إلى كنيستنا وأداء صلواتنا وطقوسنا الدينية". في حين قال الناشط المسيحي مصطفى كركر إن "الاحتلال يختار دوماً أن ينغّص علينا احتفالاتنا. فإغلاق محاور الطرق المؤدية إلى (كنيسة) القيامة يصّعب علينا الوصول قبل الموعد المحدد للصلاة وبدء الاحتفالات، بينما يسهّلون حركة المستوطنين إلى البلدة القديمة، خصوصاً ساحة البراق، وهو ما شاهدناه بتوافد أعداد كبيرة منهم إلى ساحة البراق". ما يقوله كركر تؤكده الوقائع على الأرض في ساحة باب الخليل، التي ازدحمت بأعداد كبيرة من المستوطنين شقوا طريقهم إلى الحي اليهودي، ومنه إلى ساحة البراق، بينما اختار آخرون طرقات أخرى في قلب الحيين المسيحي والإسلامي، ابتداءً من باب الخليل مروراً بسوقي البازار والحصر، ثم سوق الباشورة، فشارع السلسلة، ومنه إلى ساحة البراق، وإقامة حلقات الرقص قرب باب السلسلة، أحد أبواب الأقصى، بعد انتهاء اقتحاماتهم له كما حدث خلال اليومين الماضيين.

لكنّ الأبرز في ما يجري من استهداف للأقصى، عدا اقتحاماته المكثفة، هو الإنشاءات الإسرائيلية الجارية، وعلى مدار الساعة، في محيطه الجنوبي، حيث منطقة القصور الأموية، التي حولها الاحتلال إلى منصات لإقامة الاحتفالات الفنية والطقوس الدينية، ومنها التمارين التي يجريها من يسمون أنفسهم "تلاميذ الهيكل" على ذبح "القرابين" برعاية وإشراف بعض كبار الحاخامات. كما تتواصل الحفريات، على نطاق واسع، إلى الغرب من ساحة البراق وأسفل المباني التي ينتصب فوقها شمعدان ذهبي ضخم، وتقع بالقرب منه مدارس ومعاهد تلمودية تدرّس طلابها تاريخ "الهيكل" المزعوم، وتنفذ فيها تدريبات على إدارته مستقبلاً بعد أن يبنى على أنقاض الأقصى.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أكد المدير العام لأوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، أن ممارسات الاحتلال الأخيرة خطيرة للغاية، ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية لا تعطي بالاً أو اهتماماً لتحذيرات الأوقاف بهذا الخصوص، حيث تصعّد من انتهاكاتها وانتهاكات المستوطنين للأقصى ولسائر المقدسات. وأضاف "ما جرى الإثنين من تحليق لطائرة تابعة لشرطة الاحتلال على ارتفاع منخفض في سماء المسجد الأقصى، بالتزامن مع اقتحام نحو 250 مستوطناً لباحات المسجد، ومنع مسؤول الإعلام في الأوقاف، فراس الدبس، من دخول باحات الأقصى حتى إشعار آخر، ومنعها لأحد الحراس، وهو محمد بدران، من الالتحاق بعمله في الأقصى، مؤشر على الاتجاه التصعيدي للأمور، ما يستوجب تحركاً عربياً وإسلامياً عاجلاً يمنع تدهور الأوضاع إلى ما هو أخطر". وكشف الخطيب عن حجم الممارسات الاحتلالية ضد الوجود الفلسطيني في القدس، عبر اتباع القبضة الحديدية ضد كل مظاهر هذا الوجود، ومحاربة دلالاته السياسية، كما حدث أخيراً بمنع رفع الأعلام الفلسطينية في المناسبات الدينية والوطنية، وفي باب العامود خلال إحياء يوم الأرض، وما حدث في مسيرة أحد الشعانين، إضافة إلى منع عقد المؤتمرات وإقامة الفعاليات الفنية والثقافية. وقال ناشط فلسطيني، أفرج عنه أخيراً بعد أن أمضى عدة سنوات في المعتقل، إن "محققي الاحتلال هددوه بمنع أي مظاهر احتفالية بتحرره يتخللها رفع العلم" الفلسطيني، مشيراً إلى أن أحد المحققين قال له بالحرف "من الآن فصاعداً محظور عليكم القيام بأي نشاط أياً كانت طبيعته، حيث لا سيادة هنا إلا السيادة الإسرائيلية".

ذات صلة

الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة

مجتمع

قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الخميس، إنّ قوات الاحتلال تقتل حوالي 4 أطفال كل ساعة في قطاع غزة فيما يعيش 43,349 طفلاً دون والديهم أو دون أحدهما..
الصورة

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعليق مغادرة جنود الوحدات القتالية ثكناتهم العسكرية مؤقتاً، وذلك بناء على تقييمه للوضع، مؤكداً أنه في حالة حرب
الصورة
هيبرت أمام البيت الأبيض وهو يضع لافتة للتنديد بالإبادة الجارية في غزة (العربي الجديد)

سياسة

لليوم الثاني على التوالي يواصل الطيار في القوات الجوية، لاري هيبرت، إضرابه عن الطعام أمام البيت الأبيض في واشنطن لتسليط الضوء على معاناة أطفال غزة.

المساهمون