قمّتا أنقرة: أردوغان وبوتين وروحاني يثبّتون الحلف الشرقي المؤقت

قمّتا أنقرة: أردوغان وبوتين وروحاني يثبّتون الحلف الشرقي المؤقت

03 ابريل 2018
عُقدت القمة الثلاثية الأخيرة في نوفمبرالماضي (ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
يبدأ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة، لمدة يومين، بغية تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين، ووضع حجر الأساس لأحد أهم المشاريع المشتركة بين الطرفين المتمثلة بمفاعل أك كويو النووي، وكذلك مناقشة مختلف جوانب التعاون في ما يخص القضية السورية بحضور الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي سينضم للرئيسين، يوم غد الأربعاء، في القمة التي ستجمعهم في مدينة أنقرة، في إطار لقاء الدول الضامنة المنبثق عن مسار أستانة.

وتأتي زيارة الرئيس الروسي، في ظلّ التخلي شبه النهائي لموسكو عن قوات "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، بعد السماح للجيش التركي بتنفيذ عملياته في منطقة عفرين. ما فتح الباب واسعاً أمام تعزيز التعاون بين أنقرة وموسكو، في ظلّ الهجوم الغربي على موسكو وكذلك على طهران، رغبة في تعديل الاتفاق النووي الإيراني.

وبحسب المركز الصحافي التابع للرئاسة التركية، فإن "الرئيسين التركي والروسي سيرأسان المجلس الأعلى للتعاون التركي الروسي، الذي سيعقد في القصر الرئاسي في أنقرة، وسيتناولان مختلف جوانب علاقات التعاون الاقتصادي والسياسي والدفاعي بين الجانبين". وأضاف المركز "سيقوم الرئيسان بعد ذلك بوضع حجر الأساس لمفاعل أك كويو النووي الذي تشرف روسيا على إقامته في ولاية مرسين التركية على البحر المتوسط، بعد أن أنهى عدد من الأتراك التدريبات اللازمة لتشغيل المفاعل في روسيا".

وكشف مصدر تركي لـ"العربي الجديد"، أنه "من المفترض أن يشهد الاجتماع إعفاء روسيا المستثمرين الأتراك من التأشيرات أو تخفيف شروط الحصول عليها، وبذلك ستكون آخر خطوات إعادة تطبيع العلاقات، إضافة إلى بعض تفاصيل التعاون الاقتصادي".

ومن المنتظر أن يكون القضاء على حليف الأميركيين بالنسبة لطهران وموسكو وعدو الأمن القومي التركي بالنسبة لأنقرة، ممثلاً بـ"العمال" الكردستاني، على رأس أجندة مباحثات الضامنين الثلاثة في أنقرة، مع نجاح أنقرة إثر عمليات "غصن الزيتون"، وبعد جهد جهيد، بإيجاد حلفاء لها ضد "الكردستاني" وجناحه السوري "الاتحاد الديمقراطي"، بعد أن كان الأخير محط جهود كبيرة لجذبه من قبل كل القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في القضية السورية.

وتمكنت الإدارة التركية بعد التنسيق العالي مع كل من طهران وموسكو من توجيه ضربات كبيرة لـ"الكردستاني" في كل من سورية والعراق، وتمّت السيطرة على منطقة عفرين بالتعاون مع الروس. وعبر التعاون والتنسيق مع كل من طهران وبغداد، تمكنت أنقرة، من دفع الجيش العراقي لطرد "الكردستاني" من منطقة سنجار التابعة لولاية نينوى العراقية التي كان من المقرر أن تكون بديلاً لمقرات الحزب في قنديل في شمال العراق، والتي تعرضت بدورها لواحدة من أعتى الهجمات من قبل الجيش التركي. وسيطرت القوات التركية على كل من منطقتي خاكورك وخاني رش في إقليم كردستان العراق، التي كانت خاضعة لـ"الكردستاني" منذ التسعينيات، وتمّ استخدامها لشن الهجمات في العمق التركي، بل بدأت العمل على إنشاء ثلاث قواعد عسكرية دائمة فيها. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، عن "وجود ألف من عناصر الجيش التركي، في المنطقتين، إضافة إلى باقي القواعد العسكرية والمكاتب الاستخباراتية التركية الموزعة في مختلف مناطق الإقليم".

ومع هذه التطورات الأخيرة، اتضحت الاستراتيجية التركية في الحرب على "الكردستاني"، متمثلة بضرب مناطق نفوذ الأخير في العراق وغرب الفرات وحصاره في المناطق السورية شرق نهر الفرات، وهي مناطق سهلية، حيث سيكون من المستحيل على "الكردستاني" استخدام تكتيكات حرب العصابات المُعتاد عليها في المناطق الجبلية.

وإضافة إلى التباحث فيما يخص منطقة تل رفعت التي يصر الأتراك على السيطرة عليها، من المنتظر أن يتباحث الأطراف الثلاثة في جهودهم المستمرة لتصفية مناطق خفض التصعيد، وسط رغبة تركية بإحكام قبضتها على منطقة إدلب التي نشرت فيها 8 نقاط مراقبة والقضاء على تنظيم "القاعدة" ممثلاً بـ"هيئة تحرير الشام"، وذلك في ظلّ رغبة روسية إيرانية بإتمام السيطرة على الجيب المعارض في منطقة القلمون وريف حمص الشمالي وكذلك أجزاء من ريف حماة الشمالي. كما يفترض أن يتم التباحث في مصير قوات المعارضة السورية التي تم تهجيرها من غوطة دمشق، في وقتٍ "يبدو فيه" استمرار نظام الأسد في حكم سورية "أمراً بديهياً".
وتأتي قمة أنقرة وسط توتر في علاقات الضامنين الثلاثة مع الغرب، بعد الموقف الفرنسي الداعم لـ"قوات الاتحاد الديمقراطي" وانتشار المزيد من الجنود والدوريات الأميركية والفرنسية في منطقة منبج، وكذلك تفاقم أزمة الدبلوماسيين بين روسيا والغرب بعد قيام موسكو باغتيال أحد العملاء المزدوجين في بريطانيا، وأيضاً في ظلّ الضغوطات الأميركية والغربية التي تتعرّض لها طهران فيما يخص الاتفاق النووي وملف تطوير الصواريخ والنفوذ الإيراني المتعاظم في المنطقة.

وإن كانت التحركات الأميركية في سورية لا توحي بقرب تنفيذ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب نيته سحب قوات بلاده منها بأسرع وقت ممكن، إلا أن من المنتظر أن يناقش الضامنون الثلاثة تقاسم الفراغ الذي سيخلفه الأميركيون خلفهم، في حال تم الانسحاب، وسط إصرار تركي على السيطرة على المناطق الحدودية السورية بعمق 30 كيلومتراً، ورغبة روسية إيرانية جامحة للسيطرة على المناطق الغنية بالنفط في ريف دير الزور وتأمين خط طهران بغداد دمشق بيروت.

المساهمون