عودة ظاهرة تغيّب الوزراء عن جلسات البرلمان المغربي

عودة ظاهرة تغيّب الوزراء عن جلسات البرلمان المغربي

19 ابريل 2018
وزراء بعينهم يتغيبون (مصطفى حوبيس/ الأناضول)
+ الخط -

عادت ظاهرة غياب عدد من الوزراء عن جلسات البرلمان المغربي، خاصة في جلسات الأسئلة الشفوية، إلى واجهة المشهد السياسي بالبلاد، بعد أن دعت برلمانية مغربية إلى الاقتطاع من أجور وتعويضات الوزراء المتغيبين عن جلسات مجلسي النواب والمستشارين، على غرار قانون الاقتطاع من تعويضات البرلمانيين المتغيبين.


ودعت ممثلة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (نقابة) في الغرفة الثانية من البرلمان المغربي، ثريا لحرش، يوم الثلاثاء، إلى العمل بقانون الأجرة مقابل العمل، في ما يخص حضور الوزراء إلى جلسات مجلسي البرلمان، مبرزة أن هذا القانون المطبق على المضربين في مختلف الإدارات يتعين تنزيله أيضا على غياب الوزراء عن جلسات المؤسسة التشريعية.

وأدلت البرلمانية المغربية بإحصائيات تظهر غيابا لافتا للوزراء، خاصة من سمتهم "سوبر وزراء"، أي وزراء الداخلية، عبد الوافي لفتيت، والمالية، محمد بوسعيد، والفلاحة، عزيز أخنوش، والخارجية، ناصر بوريطة، عن الحضور للرد على أسئلة النواب والمستشارين، حتى في ملفات ساخنة من قبيل أحداث جرادة والحوار مع النقابات وقضية الصحراء.

وأوردت لحرش بأن هناك وزراء لم يحضروا من بين 30 جلسة في الدورة السابقة سوى مرة أو مرتين وفي أحسن الأحوال أربع مرات، معتبرة أن هذا الغياب المتكرر للوزراء، خاصة الذين يتحملون مسؤولية قطاعات وزراية كبيرة ومحورية، يعطل العمل الرقابي للمؤسسة التشريعية على المؤسسة التنفيذية.

في المقابل، قال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" "إن اتهام الوزراء بالغياب عن جلسات الأسئلة الشفوية بالبرلمان مبالغ فيه، ولا يصل إلى حد الاقتطاع من رواتب الوزير المتغيب"، مضيفا أن "الوزراء يحترمون مؤسسة البرلمان ويحضرون إلى جلساته كلما استدعى الأمر ذلك".

وفي السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، عثمان زياني، أن الدعوة إلى الاقتطاع من رواتب الوزراء المتغيبين عن جلسات البرلمان، تعتبر مسألة معقولة ومنطقية، في ظل عدم وجود مبررات ومسوغات حقيقية لغيابهم عن الخضوع لمراقبة البرلمان لعملهم.

واعتبر زياني في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "هذا الغياب ينم في جوهره على التهرب من المسؤولية وفعل الواجب والاستهانة بالمؤسسة البرلمانية"، مبينا أن "خلق نوع من التمييز بين وزراء الحكومة، من خلال غياب (سوبر وزراء) تحديدا ينافي روح دستور 2011، الذي كرس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ومبدأ التضامن الحكومي".

كما أشار المحلل إلى أن ظاهرة "سوبر وزراء" من شأنها أن "تجعل بعض الوزراء فوق القانون وخارج أدوات المحاسبة والمساءلة، وتفرغ الرقابة البرلمانية من مضمونها وغايتها، خصوصاً فيما يتعلق بالأسئلة الشفوية، كما تعرقل مسارات تطور التواصل الحكومي البرلماني، وتخلق سمات التنافر وعدم الثقة بين الحكومة والبرلمان".

وحذر من أن هذه "الظاهرة في حالة استفحالها قد تسفر عن تناسل تداعيات سلبية على مستوى تدبير السياسات الحكومية التي دائما ما هي بحاجة إلى روادع وضوابط رقابية يكون مصدرها المؤسسة البرلمانية، لكي لا تحيد عن تحقيق المصلحة العامة"، وفق تعبيره.



ودعا زياني إلى "خلق آليات قانونية في حق الوزراء المتغيبين بالموازاة مع ما يلقاه أعضاء البرلمان من اقتطاعات حالة تغيبهم، بالإضافة إلى ضرورة توافر الوازع الأخلاقي لدى الوزراء في أداء أعمالهم والانضباط والاستجابة لما تفرضه اشتراطات الرقابة البرلمانية التي تمارس عليهم من طرف البرلمان".