ما بعد الضربة الثلاثية

ما بعد الضربة الثلاثية

15 ابريل 2018
استهدفت الضربة تسعة مواقع في سورية (فرانس برس)
+ الخط -

وضعت الولايات المتحدة حداً للتكهنات والتحليلات التي ملأت وسائل الإعلام حول ماهية الضربة وأبعادها، والتي ذهب بعضها إلى حد التكهن بتسببها بحرب عالمية. فجاءت الضربة على تسعة مواقع، يعتقد أنها تنتج سلاحاً كيميائياً، تم استهدافها جميعاً في أقل من ساعة، وهي أهداف كان يتوقع النظام ضربها، كما تم إخبار الجانب الروسي بها قبيل تنفيذها، ما يجعل احتمالية تأثير الضربة بالحدود الدنيا بسبب الاستعداد لها. إلا أن التصريحات التي صدرت عن الدول التي نفذت الضربة، والتي أكدت أنها انتهت عند هذا الحد، بدأت تتحدث عن وجوب العودة إلى مسار الحل السياسي من خلال جنيف، الأمر الذي يوحي بتوجه غربي واضح إلى إنجاز حل سياسي، لكنه يبدو غير مكتمل المعالم بعد لدى الدول التي نفذت الضربة.

فالولايات المتحدة، من جهة، لا تمتلك استراتيجية واضحة حيال سورية، كما أنها كانت تلوح قبيل الضربة بالانسحاب منها، ومن جهة أخرى تهدف إلى توجيه رسالة قوية للروس من خلال الضربة بعد أن استفردوا برسم الحل في سورية بشكل يخالف التفاهمات مع الأميركيين، ولكن بشرط ألا تؤدي هذه الرسالة إلى صدام عسكري مع موسكو، الأمر الذي جعل الضربة العسكرية الثلاثية هي أقرب للرسالة السياسية التي تعبر عن توافر إرادة دولية لدى المجتمع الدولي من أجل إنتاج حل سياسي من خلال العودة إلى جنيف، بعد أن أفرغ الروس كل المفاوضات من محتواها وحولوها إلى مسارات أخرى أدارتها موسكو.

وبالتالي، فإن الدول التي قامت بالضربة يبدو أنها وجدت في استخدام النظام للسلاح الكيميائي، "كونها المرة الخمسين التي يستخدم بها النظام السلاح الكيميائي ضد السوريين"، سبباً في تشكيل تحالف جديد، من أجل منع استفراد الروس بالحل في سورية ووضع حد للنفوذ الإيراني، والعودة إلى طاولة المفاوضات. إلا أن توقيت هذه الضربة جاء بعد أن مكن الروس وإيران النظام من السيطرة على قسم كبير من الأراضي السورية، وتهجير مئات الآلاف منهم تنفيذاً لمخطط التغيير الديمغرافي، مقابل استمرار الضغط على المعارضة من أجل تقديم المزيد من التنازلات. كل هذه المعطيات تجعل من الصعب التكهن بشكل الحل السياسي، وبمدى قدرة الحلف، الذي نفذ وأيد الضربة، على فرض حل سياسي وفق بيان جنيف واحد وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات لا دور لبشار الأسد فيها.

المساهمون