انطلاق الماراثون الانتخابي العراقي: حملات دعائية بمبالغ خيالية ورشى

انطلاق الماراثون الانتخابي العراقي: حملات دعائية بمبالغ خيالية ورشى

14 ابريل 2018
تبدأ الحملة الانتخابية رسمياً اليوم (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

تنطلق الحملة الانتخابية في العراق، اليوم السبت، وسط توقعات بأن تشهد خروقاً ومخالفات قانونية من قبل الأحزاب المتنافسة في الانتخابات العراقية المقررة في 12 مايو/أيار المقبل بنسختها الرابعة، منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 والثانية منذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011. ويُنتظر من هذه الانتخابات أن تثمر عن حكومة وبرلمان جديدين ورئيس شرفي بلا صلاحيات للبلاد، وفقاً لما نصّ عليه الدستور العراقي الجديد المكتوب عام 2005.

وتشارك في الانتخابات، وفقاً لقاعدة بيانات المفوضية العليا للانتخابات المسؤولة عن عملية الاقتراع وإعلان النتائج، 204 أحزاب وكيانات سياسية و71 تحالفاً انتخابياً كبيراً وبعدد مرشحين بلغ 7188 مرشحاً، من بينهم أكثر من ألفي مرشحة يتنافسون على 329 مقعداً بالبرلمان العراقي.

ويبلغ عدد العراقيين الذين يحقّ لهم التصويت في الانتخابات 24 مليونا و33 ألف مواطن، من بينهم أربعة ملايين ونصف مليون يصوّتون للمرة الأولى بعد اجتيازهم سن الثامنة عشرة، موزّعين على 52 ألف محطة انتخابية في 18 محافظة، ينتخبون في كل محافظة نوابا ممثلين عنهم بالبرلمان بواقع نائب لكل 100 ألف نسمة، فيما تم تخصيص 8 مقاعد للمسيحيين، والصابئة والأيزيديين والشبك.

وتنطلق الحملة الانتخابية وسط إهمال كبير لقانون الأحزاب المقرّ برلمانياً قبل نحو ثلاث سنوات، خصوصاً فيما يتعلق بمصادر تمويل تلك الأحزاب. كذلك ضعف رقابة مفوضية الانتخابات في الدعاية الانتخابية التي بدأت فعليا قبل أسابيع من خلال طرق ملتوية للمرشحين انطلقت من المناطق الفقيرة والعشوائيات جنوب العراق، ومن المدن المحررة من تنظيم "داعش" شمال العراق وغربه. وسجلت منظمة شبه حكومية عشرات الخروق لأحزاب قالت إنها استغلت حرمان الناس هناك لشراء أصواتهم.

وتترقب كتل سياسية عدة فتاوى دينية من مراجع مختلفة تحرم بيع وشراء أصوات الناخبين وتجرّم ذلك، إثر صدور تقرير يفيد بأن "عشرات الآلاف من الأصوات التي تعود لفقراء عراقيين غرب العراق وجنوبه، تم شراؤها مسبقاً من قبل أحزاب إسلامية وقبلية عربية شيعية وسنية ببطانيات وأطعمة ومبالغ مالية تصل إلى 100 ألف دينار (نحو 90 دولاراً)، أو بوعود توظيف في دوائر الدولة". وأكد مسؤول بمفوضية الانتخابات ذلك لـ"العربي الجديد"، وأن "قدرات المفوضية بدائية في إثبات ذلك وتقديم المتورطين للقضاء وطردهم من السباق الانتخابي".

ووفقاً للمسؤول ذاته فإن "الأحزاب الإسلامية الكبيرة في العراق وهي نفسها الممسكة بزمام السلطة منذ عام 2003، تنفق مبالغ خيالية في حملتها، تصل إلى عشرات ملايين الدولارات، وغالبيتها تذهب لرجال المؤسسة الدينية والقبلية ومناطق الفقراء الراغبين بكسب أصواتهم منذ أسبوعين، وبشكل غير قانوني".



وبيّن أن "ائتلاف نوري المالكي (دولة القانون) والحكمة بزعامة عمار الحكيم والفتح بزعامة هادي العامري التي تمثل الحشد الشعبي في هذه الانتخابات، هي الأعلى إنفاقاً تليها قوائم حيدر العبادي والصدر وإياد علاوي وسليم الجبوري ومحمد الكربولي، بينما القوائم المدنية أو العلمانية تستخدم حملات راجلة لمرشحيها في زيارة المناطق العامة ببغداد والمحافظات واللقاء بالناس والتحدث معهم مع صور وبوسترات متواضعة في الطباعة وأماكن نشرها أيضاً ببغداد، حيث يتفاوت سعر الإعلان في العاصمة بين مكان وآخر".

بدوره، يقول المتحدث الرسمي باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كريم التميمي لـ"العربي الجديد"، إنه "تمّ نشر لجان رصد في كافة مكاتب المحافظات ترصد حملات الأحزاب والمرشحين، وسوف نتخذ إجراءات قانونية بحقهم وفق النظام والقانون، يصل بعضها إلى طردهم من السباق الانتخابي". ويضيف "حتى الآن إن المخالفات الانتخابية والإدارية لم تصل إلى الجريمة الانتخابية. هناك مخالفات نعم، لكنها لا ترقى لدرجة الجرائم الانتخابية، مثل تعليق صور والبدء بالحملة مبكراً واستخدام أساليب غير صحيحة. وهذه تعتبر مخالفات انتخابية". وتحتل محافظات الأنبار وديالى ثم بغداد والبصرة والنجف صدارة المخالفات الانتخابية، وفقاً لتأكيدات مسؤولين بالمفوضية لـ"العربي الجديد". ونقلت وسائل إعلام عراقية، أمس الجمعة، عن نواب وسياسيين شكاوى من عمليات فساد ومخالفات في الحملة الدعائية للمرشحين. وكشف النائب عن محافظة بابل علي العلاق، عن "سعي بعض المرشحين للدورة المقبلة لشراء أصوات الناخبين مقابل مبالغ مالية في المحافظة"، لافتاً إلى أن "بعض المرشحين اشتروا فعلاً أصوات الناخبين بخمسين ألف دينار فقط للصوت الواحد (نحو 40 دولاراً)". وبيّن أن "ظاهرة تزوير الانتخابات وشراء أصوات الناخبين تزايدت في أغلب المحافظات مع قرب موعد الانتخابات النيابية". وأضاف أن "المفوضية يقع على عاتقها رصد حالات شراء الذمم الانتخابية للحد من ظاهرة التزوير الانتخابي". كما كشف النائب الكردي عبد الباري محمد زيباري، عن "سعي بعض المرشحين لشراء الأصوات الانتخابية من مواطني الموصل النازحين والمتواجدين في مخيمات النزوح بإقليم كردستان".

بدوره، يقول النائب عن التحالف الوطني، صالح الحسناوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك مخاوف من استغلال الناس خلال الحملات الانتخابية"، مؤكداً أنّ "التأثيرات الانتخابية موجودة في كل الحملات، وأنّ المال السياسي يؤدي دوراً أيضاً، والقطاع الخاص ومال القطاع الخاص كلها تؤدي دوراً في الحملات الانتخابية، وهي واضحة مع بداية الحملة الانتخابية". وحمّل مفوضية الانتخابات "مسؤولية متابعة هذه الخروقات ومحاسبة المخالفين".

من جهته، عبّر القيادي في تحالف القوى، النائب محمد نوري العبد ربه، في حديثه مع "العربي الجديد"، عن مخاوفه "الكبيرة من الانتخابات، خصوصاً مع استغلال المال العام في الترويج لجهات معينة"، مبيناً أن "هناك بعض السياسيين يستغلون احتياجات المواطنين ويقدمون لهم بعض المساعدات والأموال، ويعبّدون بعض الطرق وما إلى ذلك من دعاية انتخابية غير قانونية". وعدّ، الحملة الدعائية الحالية "حملة نصب واحتيال للشعب العراقي"، مؤكداً أنّ "المال أصبح يؤدي دوراً بنسبة 70 في المائة، في الترويج للمرشح".

ومن جانبه، قال النائب عن محافظة الأنبار، فارس الفارس لـ"العربي الجديد"، إنّ "أكثر الكتل السياسية بدأت باستغلال العوز الموجود لدى الناس، وقلة الخدمات، فالسياسيون نهبوا وسرقوا أموال وخدمات الشعب واليوم يعطونهم بعضها لأجل الحصول على الأصوات". وأشار إلى أن "هناك بيعا لبطاقات الناخب مما أدى إلى صعود مفاجئ في سعر البطاقة، فقد أصبح الصوت له سعر بل بورصة ليَصل سعر الصوت الواحد إلى 150 ألف دينار عراقي".