هادي العامري... مرشح "الحشد" الإيراني لرئاسة الحكومة العراقية

هادي العامري... مرشح "الحشد الشعبي" الإيراني لرئاسة الحكومة العراقية

13 ابريل 2018
الانتهاكات والتعذيب يلاحقان العامري (فيسبوك)
+ الخط -
في الانتخابات العراقية المرتقبة بنسختها الرابعة منذ عام 2003 والثانية منذ انسحاب قوات الاحتلال الأميركية منه عام 2011، تعكف كتل "التحالف الوطني" الحاكم في العراق على طرح أسماء عديدة لمنصب رئيس الوزراء المقبل، وفقا للنظام الداخلي في التحالف الذي تأسس قبل نحو 10 سنوات، إلا أنه يبرز اسم هادي العامري، كمرشح لشغل منصب رئيس الوزراء، رغم تورطه في انتهاكات كبيرة.

هادي العامري، الملقب بـ"أبو الحسن العامري"، ولد عام 1954 في محافظة ديالى (شرق العراق)، وكان منذ شبابه ذا ميول إسلامية، وأصبح من أتباع المرجع الديني محمد باقر الصدر، مؤسس "حزب الدعوة الإسلامية".

يملك العامري جنسية إيرانية ومتزوج من إيرانية أيضا، ويتمتع بعلاقة وطيدة مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، كما يدين بالولاء للمرشد الإيراني، علي خامنئي.

حصل على بكالوريوس في الإحصاء من جامعة بغداد عام 1976، قبل أن يبدأ مشواره مع قوى المعارضة لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في ثمانينيات القرن الماضي، حين غادر العراق إلى سورية ثم إلى إيران، بعد ارتباطه بـ"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق"، وشارك في تأسيس "فيلق بدر" هناك، الذي تحوّل لاحقا إلى مليشيا "بدر" الحالية، والتي يتزعمها العامري حتى الآن.

ونفّذ "فيلق بدر" عمليات اغتيال ضد مسؤولين وضباط وجنود عراقيين في بغداد وجنوب العراق، فضلا عن استهداف "منظمة مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة التي كانت تمارس أعمالها في العراق بدعم من نظام صدام حسين، كما اتهم عناصر في بدر بتنفيذ عمليات تعذيب وتنكيل بحق الأسرى العراقيين في إيران.

وبعد الاحتلال الأميركي للعراق، عاد العامري إلى العراق، وأصبح زعيما لمليشيا "بدر" التي انشقت عن "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"، قبل أن يتولى منصب وزير النقل في حكومة نوري المالكي الثانية 2010-2014، وشابَ فترة وجوده في الوزارة كثير من المشاكل المتعلقة بتعيين مقربين منه، وتحكّم أفراد من أسرته في أمور الطيران في العراق. ومن أبرز حوادث تلك الفترة منع طائرة تابعة لشركة "طيران الشرق الأوسط" اللبنانية من الهبوط في مطار بغداد الدولي عام 2014، لعدم نقلها ابن العامري الذي كان موجودا في بيروت.

وتدخل كتل التحالف الخمس الرئيسية: "النصر" و"الفتح" و"دولة القانون" و"سائرون" و"الحكمة"، متفرقة لأول مرة في الانتخابات، رغم ترجيحات بعودة توحّدها داخل قبة البرلمان المقبل، وذلك للحصول على صفة الكتلة الأكبر التي يخولها الدستور تشكيل الحكومة.

وتشير مصادر مقربة داخل تحالف "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "كتل (الفتح) و(سائرون) و(الحكمة) تسعى إلى كسر احتكار حزب (الدعوة) لمنصب رئيس الوزراء، الذي يدخل عامه الثالث عشر في كنف الحزب، وسط إخفاق واضح له في تنفيذ برامجه الانتخابية، والفشل الذي ضرب مؤسسات الدولة العراقية والفساد المستشري وثراء قياداته ومفكريه الفاحش".

ووفقا للمصادر نفسها، فإن كل كتلة باتت تقدم اسم مرشح عنها لشغل المنصب في حال أخفق رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، في الانتخابات، أو رفعت إيران في وجهه "الكارت الأحمر".

تحالف "الفتح" التابع لمليشيا "الحشد الشعبي"، والذي يشارك في الانتخابات العراقية العامة، وسط عاصفة من الجدل المحلي والدولي حيال ذلك، يتخطى التوقعات اليوم بتقديم زعيمه هادي العامري داخل دوائر ضيقة في التحالف الوطني الحاكم كمرشح لرئاسة الوزراء.

العامري مرشح إيران بالإضافة إلى آخرين (فيسبوك)

ورغم وجود تحفّظ كبير من قبل أطراف عدة داخل "التحالف الوطني"، فضلا عن أطراف خارجه كالأكراد والعرب السنة بسبب تاريخ الرجل الحافل واتهامه بجرائم قتل وتعذيب بحق عراقيين خلال تزعّمه الميداني لمليشيا "بدر"، فضلا عن اعترافات سابقة له بدعم الجيش الإيراني خلال حربه ضد العراقيين في ثمانينيات القرن الماضي، إلا أن التحالف (الفتح) ما زال متمسكا بهذا الترشيح، وفقا لمصادر مقربة من "التحالف الوطني" الحاكم.

وقبيل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 30 إبريل/نيسان 2014 دخل العامري ومنظمته "بدر" الانتخابات في تحالف مع رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، في تحالف وصفه حينها العامري بـ"الكاثوليكي"، وحصل العامري وأتباعه على 22 مقعدا برلمانيا ضمن ائتلاف المالكي.

وبعد سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على الموصل ومدن ومناطق عراقية أخرى منتصف عام 2014 غادر العامري قاعات مجلس النواب مرتديا الزي العسكري لقيادة مليشيا "بدر" المنضوية ضمن فصائل "الحشد الشعبي".

وقاد العامري معارك عدة ضد عناصر تنظيم "داعش" في محافظة ديالى، ومحافظات صلاح الدين ونينوى (شمال العراق) والأنبار (غربا)، ووجهت اتهامات للمليشيا التي يقودها بارتكاب قتل واختطاف وتغييب لمدنيين في المناطق المحررة.

ومع اقتراب المعركة مع تنظيم "داعش" من نهايتها، العام الماضي، كشف العامري عن طموحه بتولي منصب رئيس الوزراء في مقابلة متلفزة على محطة فضائية عراقية، في يونيو/حزيران 2017، مؤكدا وجود جهات تضغط عليه لإقناعه بالقبول بالمنصب.

وفي آخر تصريحاته، أكد العامري أن منصب رئاسة الوزراء لن يخرج من يد التحالفات "الشيعية".

مصادر داخل في "ائتلاف دولة القانون"، الذي يتزعمه المالكي أكدت لـ"العربي الجديد" أن الأخير يتنافس مع العامري على كسب تأييد إيران وانتزاع بطاقة مرشحها الوحيد للمنصب مثل الانتخابات السابقة.

حظوظ العامري أو المالكي في الوصول إلى المنصب تعترض برفض أميركي غربي، وكذلك محيط عربي واسع، عدا عن التحفظ الداخلي للعرب السنة والأكراد، وهو ما يجعل من أمر وصولهما للمنصب صعبا للغاية، لكن ليس مستحيلا مع النفوذ الإيراني القوي في العراق الذي اتخذ، خلال سنوات الحرب مع "داعش"، شكلا من أشكال الانتداب.