"الحشد الشعبي" ينالون امتيازات وحقوق الجيش... وقائدهم رئيس الوزراء

قانون عراقي يقرّ لمسلّحي "الحشد الشعبي" امتيازاتٍ وحقوقاً كالجيش... وقائدهم رئيس الوزراء

09 مارس 2018
يوفر القانون امتيازات غير مسبوقة لـ"الحشد" (getty)
+ الخط -
بعد ساعات قليلة من نشر الحكومة العراقية إعلانًا كشفت من خلاله عن امتيازات جديدة وغير مسبوقة لفصائل الحشد الشعبي في البلاد، أكد مسؤولون عراقيون وأعضاء في البرلمان، لـ"العربي الجديد"، أن القرار يشمل أكثر من 120 ألف عنصر من المليشيات المنضوية ضمن الحشد، وبواقع 69 مليشيا، بينما يوجد نحو 30 ألفًا لم يتم إدراجهم لغاية الآن، وتعمل الحكومة على معالجة ملفهم.

ويعتبر القانون الجديد الثاني من نوعه بعد إقرار البرلمان، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، قانونًا يقضي باعتبار "الحشد الشعبي"، وهو عبارة عن مليشيات مسلحة تشكلت بفتوى دينية من المرجع الديني علي السيستاني إثر اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي مدن شمال وغرب العراق والسيطرة عليها، كيانًا قانونيًا بوصفه قوات رديفة ومساندة للقوات الأمنية العراقية.

ويقضي المرسوم الحكومي الجديد بحصول أفراد مليشيات الحشد على كل الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها أفراد المؤسسة العسكرية العراقية. وسيحصل المقاتلون على رواتب تتساوى مع ما يتقاضاه أقرانهم من أفراد الجيش، كما ستطبق عليهم قوانين الخدمة العسكرية، ولهم الحق في التقاعد والتعليم والامتيازات الأخرى، واشتراط التحصيل الدراسي الأدنى هو القراءة والكتابة.

ووفقًا للقانون، الذي يعد نافذًا اعتبارًا من بعد غد الأحد، فإن القائد الأعلى للحشد هو رئيس الوزراء، ويسمي رئيسًا للهيئة، وله الحق في منحه صلاحيات تنظيمية، وتحدد مراتب ودرجات ذلك وفقًا لنظام: آمر تشكيل، وآمر قوة قتالية، وآمر مجموعة قتالية، وآمر مفرزة قتالية، ومقاتلون، ومتطوعون، ومبلغون دينيون، وموظفون، وتحدد المناصب المذكورة من قبل رئيس الوزراء نفسه الذي يمنحه الدستور العراقي صفة القائد العام للقوات المسلحة العراقية.

القانون الجديد، الذي كان متوقعًا منذ أيام في ظل عملية رخي وشد بين الحشد ورئيس الوزراء بخصوص التواجد الأميركي في العراق، وموازنة المليشيا لهذا العام، والتي حددها بنحو 80 مليون دولار لأغراض التسليح والتدريب والتجهيز، وأبقى مرتباتهم ضمن الموازنة العامة للبلاد كباقي الموظفين ومنتسبي الأجهزة الأمنية والجيش، رسّخ موضوع استقلالية "الحشد الشعبي"، وعدم ارتباطها، تنظيميًا، بأي مؤسسة عسكرية أخرى، وإن كان رئيس الوزراء هو من يعيّن آمريها، في سيناريو مشابه للحرس الثوري الإيراني.

وقال مسؤولون عراقيون في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن المشمولين بقرار ليلة لخميس يتجاوزون حاجز الـ120 ألف مقاتل، من بينهم مئات يتواجدون حاليًا في سورية لدعم نظام الأسد.

ووفقًا لوزير عراقي، تحدث عبر الهاتف لـ"العربي الجديد"، فإن هناك 30 ألف متطوع أيضًا ما زال مصيرهم معلقًا بين الانضمام إلى الحشد أو الرفض، وهم ممن انضم عام 2016 وما بعده إلى الحشد، وليس منذ البداية، لافتًا إلى أن القرار أو القانون يحتاج تفصيلات كثيرة سيتم الإعلان عنها في بيان لاحق.

وفي أول تعليق على القانون، قال زعيم مليشيا "العصائب"، التي تتمتع بدعم كبير من فيلق القدس الإيراني، قيس الخزعلي: "في الوقت الذي نشكر فيه رئيس الوزراء، حيدر العبادي، على الاستجابة السريعة عبر مساواة رواتب الحشد الشعبي بأقرانهم في القوات الأمنية؛ فإننا ننبه إلى أن الشيطان يكمن في التفاصيل"، مشددًا على أن "تثبيت أعداد الحشد الشعبي، كما هو موجود في قانون الموازنة، والبالغ عددهم 122 ألف منتسب"، داعيًا إلى ضرورة أن "يكون قادة وآمرو ومسؤولو الحشد الشعبي من نفس الحشد وليس من بقية التشكيلات الأخرى".

واعتبر الخزعلي أنه "من دون تنفيذ هذين المطلبين، فإن ما جرى يعتبر محاولة خداع واستهدافًا للحشد"، مطالبًا بـ"الإبقاء على الجهوزية للمطالبة بتثبيت حقوق الحشد الشعبي وبقاء هذا التشكيل".

من جانبه، قال الخبير الأمني العراقي، هشام الهاشمي، الجمعة، إن "التعليمات التي أصدرها العبادي، حول وصف الهيكل التنظيمي لهيئة الحشد الشعبي، والوصف الوظيفي المدني والعسكري، وتحديد الرواتب، والحقوق التقاعدية، والفئات العمرية، والصفات الجسدية، والضوابط السلوكية، والرتب العسكرية الفخرية، كانت من أجل تنشيط العمل بقانون الحشد الشعبي الذي صوت عليه البرلمان نهاية 2016".

وتابع قائلًا "يؤخذ على التعليمات أنها أهملت إعادة بناء الهيكلية القيادية من جديد، وفقًا لضوابط القوات الخاصة والشروط العسكرية الصارمة"، مستدركًا: "يبدو أن هذه التعليمات دونت بعد مشاورات ونقاشات معقدة وطويلة، اعتمدت على ركيزة أساسية لإصدار تعليمات، تؤكد على شكر تضحيات قوات الحشد كفعل طوعي، وبتفاهم وطني يساهم بالاستقرار والتعافي الشامل من مشكلة السلاح السائب، والواجبات المناطة بعناصر الحشد بعد انتهاء المعارك ضد داعش".

وأشار إلى أن التعليمات "أغفلت محددات تُعتبر عقدة الخلاف بين قيادات هيئة الحشد، والقائد العام للقوات المسلحة، مثل قدرات وأنواع الأسلحة للحشد وأداورها العسكرية، كما لم يتم تحديد مساحة حركات الحشد العسكرية، وهل هي قوات فدرالية أم هي قوات محلية".

وقال إنه "لم يتم تحديد الموقف من الذين لم يتم إبرام العقود معهم، وعديدهم 32 ألف، وكذلك لم يتم تحديد الآلية الخاصة بنزع السلاح الثقيل أو التخصصي، والذي تعود ملكيته لفصائل الحشد، وجزء منه غنائم من المعارك مع داعش، والجزء الآخر شراء من السوق المحلية بالإضافة إلى كميات كبيرة أعطيت لهم كمساعدات إيرانية".

وأكد أن "التعليمات لم تحدد الموقف من المخازن والمعسكرات الخاصة بكل فصيل داخل المدن الحضرية، ولم تحدد الموقف من فصائل الحشد الشعبي التي لديها إرادة القتال خارج حدود العراق، نصرة للمذهب والعقيدة الدينية".

ورافقت تلك المليشيات، منذ تأسيسها ولغاية الآن، اتهامات بارتكاب جرائم قتل وتعذيب وسرقة ممتلكات عراقيين خلال المعارك وبعدها بدوافع طائفية، وتحظى بدعم إيراني واسع من قبل فيلق القدس الإيراني، الذي أشرف على تدريبها وتجهيزها بالسلاح.

وتعهد رئيس الوزراء بمحاسبة المتورطين بتلك الجرائم، إلا أن أيًا من المتهمين لم يقدم للمحاكمة حتى اليوم، رغم تقديم دلائل وقرائن على تلك الجرائم، بينها مقاطع فيديو موثقة.

المساهمون