سيرغي سكريبال... أحدث ضحايا حرب موسكو على المنشقين والمعارضين

سيرغي سكريبال... أحدث ضحايا حرب موسكو على المنشقين والمعارضين

08 مارس 2018
سكريبال خلال محاكمته في موسكو، أغسطس 2006 (Getty)
+ الخط -
يؤكد تسميم الجاسوس الروسي السابق، اللاجئ في بريطانيا، سيرغي سكريبال، واحتمال وقوف موسكو خلف محاولة الاغتيال، أن الحرب التي تشنها روسيا على المعارضين والمنشقين لا تزال سياسة رسمية معتمدة بالنسبة للكرملين. وأعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، أمبر رود، أمس الأربعاء، أن السلطات البريطانية ستكشف قريباً عن نوع المواد التي أدت إلى الانهيار الغامض لجاسوس روسي سابق وابنته، اللذين عثر عليهما على مقعد عام في جنوب بريطانيا. وترأست رود اجتماعاً للجنة الطوارئ الأمنية التابعة للحكومة (كوبرا) وسط تكهنات حول من الذي يقف وراء التسمم المشتبه به للجاسوس السابق سيرغي سكريبال (66 سنة) وابنته يوليا البالغة من العمر 33 سنة. وكان قد عثر على الأب وابنته فاقدي الوعي على مقعد عام في مدينة سالزبوري الأحد الماضي ولا يزالا في حال حرجة.

وقالت رود، بعد الاجتماع، إنه من المهم الاستجابة ليس للشائعات بل للأدلة. وأضافت "نعلم المزيد عن هذه المادة، وستدلي الشرطة ببيان من أجل توفير مزيد من المعلومات عن هذا الأمر". وتقوم شرطة مكافحة الإرهاب بالتحقيق في القضية. وطوقت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية منطقة جديدة في قضية سكريبال وابنته. وقامت شرطة مدينة لندن بتأمين حديقة سولستيس بارك في أميسبوري بالقرب من ستونهنغ، وهو أثر حجري يعود إلى عصر ما قبل التاريخ ومدرج على لائحة التراث العالمي. وتقع أميسبوري على بعد تسعة أميال تقريباً من سالزبوري حيث تم العثور على سكريبال وابنته يوليا. وتولى أخصائيو مكافحة الإرهاب البريطانيون القضية من الشرطة المحلية في محاولة لكشف سر ما حدث للإثنين. وكان وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، حذر، أول من أمس، من أن بلاده قد لا تشارك "بالطريقة العادية" في كأس العالم لكرة القدم في روسيا إذا ثبت أن موسكو وراء المرض المفاجئ للجاسوس السابق. لكن موسكو ربطت بين مرض سكريبال وابنته والحملة المناهضة لروسيا وزيادة توتر العلاقات بين البلدين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن "ما حدث لسكريبال استخدم على الفور لتسعير الحملة ضد روسيا في وسائل الإعلام الغربية". وأضافت أن المزاعم تهدف إلى "زيادة تفاقم سوء العلاقات بين بلدينا".

وسكريبال هو عقيد سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية جندته الاستخبارات البريطانية. وكان حكم عليه بالسجن في بلاده لمدة 13 سنة بعد انكشاف أمره وإلقاء القبض عليه في العام 2006، واتهامه بـ"الخيانة العظمى" لبيعه معلومات إلى الاستخبارات البريطانية. وقال جهاز الاستخبارات الروسية "أف أس بي" إن سكريبال سلم الاستخبارات البريطانية أسرار دولة ومعلومات سرية وهويات عشرات العملاء الروس يعملون سراً في أوروبا مقابل مال. وأطلق سراح سكريبال في إطار أكبر صفقة تبادل جواسيس بين الغرب وروسيا منذ نهاية الحرب الباردة في العام 2010، بعد أن أصدر الرئيس الروسي حينذاك ديميتري ميدفيديف عفواً عنه. وكان سكريبال من بين أربعة جواسيس غربيين أطلقت روسيا سراحهم مقابل عشرة جواسيس روس قبض عليهم في الولايات المتحدة. وكانت آنا تشابمان من بين الجواسيس الروس الذين أطلقت الولايات المتحدة سراحهم في صفقة التبادل. وكثرت الفرضيات، أمس الأربعاء، حول عملية التسميم في الصحافة البريطانية، اذ أشارت صحيفة "الصن" إلى احتمال استخدام مادة "الثاليوم" السامّة فيما ذكرت صحيفة "التلغراف" أن التسميم حصل عبر غاز الأعصاب "في أكس"، الذي استخدم في عملية قتل الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

وبحسب صحيفة "التايمز"، فإن المحققين سيتطرقون إلى ظروف موت زوجة سيرغي سكريبال، ليودميلا التي توفيت في العام 2012 بعد إصابتها بمرض السرطان، وإلى موت ابنه ألكسندر في سان بطرسبورغ العام الماضي.

ورأى جونسون أن هذه القضية تذكر بتسمم العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو بمادة البولونيوم المشعة في لندن في 2006. وفي السنوات الأخيرة، وجّهت أجهزة الاستخبارات البريطانية أصابع الاتهام للاستخبارات الروسية، بعد أن لقي المعارض الروسي والعميل السابق في الاستخبارات السوفييتية (كي جي بي)، ألكسندر ليتفينينكو، حتفه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2006، بعد أن تناول الشاي في أحد فنادق لندن مع عميل الاستخبارات الروسية أندري لوغوفوي، ورجل الأعمال ديمتري كوفتون. وتوفي الرجل مسمماً بمادة البولونيوم. وفي رسالة كتبها على فراش الموت، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه مَن أمر بقتله، لكن الكرملين نفى هذه التهمة. وبعد ذلك بسنوات، عُثر في 23 مارس/ آذار 2013 على رجل الأعمال الروسي بوريس بيريزوفسكي، الذي كان مطلوباً للمحاكمة في روسيا، مشنوقاً في حمام منزله. كما قتل في ديسمبر/كانون الأول 2014، سكوت يونغ، مساعد بيريزوفسكي، في تبييض الأموال. وعثر على جثة يونغ على الرصيف، بعد وقوعه من الطابق الرابع من مبنى وسط لندن. وتوفي عشرات من الروس البارزين، بمن فيهم صحافيون وخبراء مكافحة الفساد وسياسيون، في ظل ظروف غامضة. ففي العام 2015، عُثر على المدير الإعلامي السابق لشركة الطاقة الروسية "غازبروم"، ميخائيل ليسين، ميتاً في غرفة في فندق في واشنطن. وفي العام ذاته، قتل السياسي، بوريس نيمتسوف بالرصاص قرب الكرملين، بعد ساعات من دعوة إلى مسيرة ضد الحرب الروسية في أوكرانيا. وفي يوليو/تموز2016، قتل الصحافي الروسي، بافل شيريميت، في انفجار سيارة مفخخة في العاصمة الأوكرانية كييف.

(العربي الجديد، أسوشييتد برس)