سباق الانتخابات العراقية: افتتاح مبكر للبازار

سباق الانتخابات العراقية: افتتاح مبكر للبازار

07 مارس 2018
إقليم كردستان مشارك في الانتخابات (هيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من أن الزمن المتبقي لبدء الحملة الانتخابية للمرشحين في العراق ما زال مبكراً، إلا أن الأحزاب والكتل السياسية والمرشحين باشروا فعلاً حملاتهم، منطلقين من مناطق العشوائيات والأرياف والبلدات الفقيرة، فضلاً عن دواوين العشائر ومكاتب رجال الدين ومساجدهم بمختلف طوائفهم ودياناتهم، وكذلك تعليق الصور والشعارات الدينية والوطنية والمناطقية في بعض الأحيان، أملاً باحتكار سكان هذه المنطقة أو تلك. وحددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق العاشر من الشهر المقبل، موعداً لبدء الدعاية الانتخابية في العراق لجميع الكتل والمرشحين، البالغ عددهم نحو سبعة آلاف مرشح، بواقع 21 متنافساً على المقعد البرلماني الواحد، فحدّد عدد أعضاء البرلمان في الدورة الانتخابية الجديدة بـ329 مقعداً بزيادة مقعد واحد عن الانتخابات الماضية عام 2014، فيما تقرّر أن تفتتح صبيحة يوم الاقتراع، 12 مايو/ أيار المقبل، نحو 52 ألف محطة انتخابية بعموم مدن العراق.

وكشف مسؤول في مفوضية الانتخابات العراقية، أمس الثلاثاء، عن توجه لـ"معاقبة كتل سياسية وأحزاب أخلّت بقانون الانتخابات العراقي من خلال بدء دعايتها الانتخابية". وبيّن أن "العقوبات تتضمن توجيه إنذار أو غرامات مالية بسبب قيامها بتعليق صور وبوسترات جدارية، واستخدامها وسائل التواصل الاجتماعي بالترويج لها ولمرشحيها. كما أن زيارة مناطق فقيرة وتوزيع مواد غذائية وبطانيات ومدافئ أو مضايف العشائر ومكاتب رجال الدين، تندرج ضمن الدعاية الانتخابية الواضحة".

واعتبر أن "التردّد على العشوائيات والمناطق الفقيرة جنوب العراق أو مخيمات النازحين في الشمال والغرب، قد يدخل المرشح في استغلال حاجة الناس وابتزازهم من الآن"، لافتاً إلى أن "المفوضية باشرت عبر لجان ميدانية ورقابية رصد حالات استغلال للمال العام من الآن من قبل مسؤولين حكوميين وأعضاء برلمان يستخدمون سيارات الدولة وصفاتهم الرسمية في التنقل، لأجل الترويج لهم انتخابياً. وهذا يخالف نصّ المادة الخامسة من قانون الانتخابات العراقي النافذ في البلاد، وقد يحرم المخالف من البقاء في التنافس الانتخابي". وأكد أن "الأحزاب الإسلامية استأثرت بجميع تلك المخالفات حتى الآن".

ورصد مواطنون عملية رفع لصور أعضاء بالحشد الشعبي وعناصر أمن عراقيين، ممن قتلوا بالحرب الأخيرة مع تنظيم "داعش" كانت معلقة في عدد من شوارع بغداد الرئيسية، تمّ رفعها وتعليق صور مرشحين من التحالف الانتخابي نفسه الذي يمثل الحشد الشعبي (تحالف الفتح).

وقال عمال بلدية في بغداد، أمس، إنهم "لا يجرؤون على رفع تلك الصور، ومن رفعها هم من فصائل الحشد التي تستعد للمشاركة في الانتخابات". وشوهدت صورة كبيرة للمتحدث باسم مليشيا العصائب، نعيم العبودي، في حي الجادرية ببغداد كتب تحتها "لن يخذلكم من حقق النصر لكم"، ووضعت الصورة مكان صورة أحد قتلى الحشد الشعبي الذين سقطوا خلال المواجهات مع تنظيم "داعش".

وفي السياق، قال الموظف في بلدية بغداد حسين السعدي، إن "بعض صور القتلى أُزيلت بالفعل من منطقتي سيد الحليب، وتقاطع الأردن، الواقعتين على الطريق الرئيسي الرابط لوسط بغداد بأحيائها الغربية، فضلاً عن منطقة الجادرية". ولفت إلى أن "مسألة قيام مرشحين بوضع صورهم في الشوارع، تتطلّب تدخلاً رسمياً للتعامل معها، لكن البعض من النافذين المرشحين من زعماء الأحزاب المشاركة بالسلطة يخرق القانون ويتصرف كما يريد".

وأكد المواطن جميل المرشدي، أن "بعض الفصائل المسلحة جاءت بشاشات عرض ووضعتها في بعض مناطق أحياء العامل والرسالة والبياع، جنوب وجنوب غربي بغداد، لإظهار منجزاتها خلال الحرب على تنظيم داعش"، مبيناً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "صور وأسماء المرشحين وُضعت بأحجام كبيرة على الأعمدة والأرصفة مع شعارات تبشر بأن الآتي أفضل".

في مقابل ذلك، أقرّ محمد الكناني، وهو سياسي مقرّب من الحشد الشعبي، بـ"قيام بعض الفصائل بالترويج لمرشحيها منذ الآن"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الأمر وإن كان مخالفاً لقواعد الدعاية الانتخابية، لكنه لم يرتقِ إلى مستوى ما يفعله الآخرون". وتابع "يوجد من يتاجر، يبيع ويشتري بالمقاعد والأصوات"، منتقداً "التركيز على مسألة صور الحشد الشعبي، متناسين منجزاته التي ساهمت في تحرير العراق من أعتى زمرة إرهابية تمثلت بتنظيم داعش". وتوقع الكناني أن "تكون حظوظ قائمة الحشد الشعبي مرتفعة في الانتخابات المقبلة"، مرجّحاً أن "تجتمع كل القوى الشيعية ضمن تحالف واحد كبير للحصول على رئاسة الوزراء مرة أخرى".

في هذه الأثناء، ذكر المحلل السياسي العراقي حميد الطائي، أن "نشر صور المرشحين للانتخابات أمر طبيعي، لكنه يجب أن يكون بموعده المقرر"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السباق نحو البرلمان يبدو محموماً هذه المرة". وأضاف أن "لا أحد ينكر دور الحشد الشعبي خلال مرحلة الحرب على داعش"، مستدركاً "لكن ذلك لا يعطيها الحق أو أي جهة أخرى بخرق القوانين". ولفت إلى أن "الدعاية الانتخابية انطلقت في أماكن أخرى كتلك التي تشهد حملات لتبليط الطرق، وبيع الوعود للجماهير".

مع العلم أن قانون الانتخابات العراقي منح المرشحين حق القيام بالدعاية الانتخابية قبل شهر من موعد الانتخابات التشريعية، وبلغ عدد العراقيين الذين يحقّ لهم التصويت هذا العام 24 مليون شخص في 18 محافظة عراقية، بما فيها إقليم كردستان، لاختيار ممثلين في البرلمان الذي سيختار حكومة جديدة للبلاد لأربع سنوات مقبلة.

وبلغ عدد الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات 205 أحزاب وكيانات سياسية، وهو أقلّ من الدورة السابقة التي كانت 310 أحزاب وكيانات سياسية. ويأتي ذلك نتيجة اندماج العديد من الأحزاب والحركات السياسية معاً وتفكك بعضها أو اختفائها من الساحة في المدن العراقية المحررة شمال وغربي البلاد.

ومن المتوقع مشاركة ما لا يقلّ عن 11 مليون عراقي في هذه الانتخابات، التي قد تسجل مفاجأة من حيث الكتل الفائزة، تحديداً بما يتعلق بالتيار المدني العراقي، الذي تصاعدت شعبيته أخيراً بشكل كبير، خصوصاً في بغداد ومدن مهمة مثل البصرة والموصل وكربلاء وذي قار.