خيارات غربية محدودة للتصعيد مع روسيا في قضية سكريبال

خيارات غربية محدودة للتصعيد مع روسيا في قضية سكريبال

01 ابريل 2018
قضية سكريبال تتفاعل (كريس جيه راتكليف/Getty)
+ الخط -
أثارت موجة جديدة من تبادل طرد الدبلوماسيين بين روسيا وعدد من الدول الغربية التي تضامنت مع بريطانيا في قضية تسميم العميل المزدوج الروسي، سيرغي سكريبال، تساؤلات حول حدود التصعيد الغربي ضد روسيا ومدى واقعيته في ظل المصالح الاقتصادية والاستثمارية والروابط في قطاع الطاقة التي تربط روسيا بأوروبا.

في هذا الإطار، يشير المحلل السياسي، فاليري سولوفيه، إلى أن "طرد الدبلوماسيين في حد ذاته لا يشكل خطورة على روسيا، بينما لا يزال اعتماد عقوبات اقتصادية جدية مرهوناً بإرادة سياسية وتنسيق أكبر بين الدول الغربية". ويضيف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تنسيق طرد الدبلوماسيين هو مجرد التعبير عن التضامن مع موقف بريطانيا، وهو، بالطبع، يضر بسمعة روسيا، ولكنه لا يشكل أي خطورة عليها".

وحول العوائق التي تحول دون تشديد بريطانيا موقفها من قضية سكريبال، يقول سولوفيه: "ماذا يمكن لبريطانيا أن تفعل؟ إذا وجهت ضربة إلى الأوليغارشيين الروس، فكيف سيكون رد فعل الأثرياء الصينيين والعرب المقيمين فيها؟ حتى دون ذلك أثيرت ضجة بأن بريطانيا لم تعد ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال، مما قد يتسبب لها في مشكلات كبيرة وبدء خروجها".

ومع ذلك، يوضح الخبير الروسي أن "الغرب لا تزال لديه آليات لإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الروسي مثل فرض حظر، ولو جزئياً، على شراء النفط الروسي، والحظر الكامل على الاستثمار في السندات الروسية وعلى تزويد روسيا بالتكنولوجيا".

وفي ما يتعلق بواقعية مثل هذا السيناريو المتشدد، يتابع: "يتطلب تحقيقه استعدادات وتنسيقا بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، وهذه مسألة الإرادة السياسية. لم تدخل هذه الإجراءات مرحلة المناقشة الجادة بعد، ولكنها قد تبدأ الآن".

وبعد ضم شبه جزيرة القرم واحتدام القتال شرقي أوكرانيا قبل أربع سنوات، بدأت عشرات الدول الغربية بفرض عقوبات على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الروس وحتى على قطاعات كاملة من الاقتصاد الروسي. وأُغلقت أسواق التمويل الخارجية أمامها، مما تسبب في خروج مئات مليارات الدولارات من روسيا سواء نتيجة لسداد أقساط القروض السابقة أو بسبب تراجع ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لم تمس هذه العقوبات أي قطاعات حيوية للاقتصاد الروسي، وعلى رأسها تصدير النفط والغاز.

وحتى بعد التصعيد في قضية سكريبال وتضامن فرنسا مع بريطانيا، لم يعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن إلغاء زيارته إلى روسيا في مايو/أيار المقبل للمشاركة في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، ما يأتي أيضاً كمؤشر على قوة الروابط الاقتصادية بصرف النظر عن الظروف السياسية.

وعلى عكس العقوبات الأميركية بحق روسيا التي تم تثبيتها على مستوى القانون، لا يزال الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته بحق موسكو كل ستة أشهر، وهو أمر يترك له مجالاً للمناورة وتخفيفها في أي وقت يراه.



وفي هذا السياق، رأى رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، فيودور لوكيانوف، أن "قيام الولايات المتحدة بطرد 60 دبلوماسيا روسياً مقابل 23 فقط من بريطانيا، يكشف من هو المتحكم الفعلي والمستفيد الأكبر من الأزمة في العلاقات بين روسيا والغرب".

وفي مقال بعنوان "حرب باردة جديدة" نُشر في صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي"، توقع لوكيانوف تصاعداً للخلاف الحالي في المجال الاقتصادي، إذ باتت روسيا، على عكس الاتحاد السوفييتي السابق، جزءاً من الاقتصاد العالمي متأثرة بكل ضربة.

وحول الرد المتوقع من جانب موسكو، أشار إلى "عدم امتلاكها آليات الضغط الاقتصادي على الدول الغربية باستثناء قطاع الطاقة، ولكن الخلافات فيه ستلحق خسائر بروسيا أيضا، فلا يبقى أمامها سوى استعراض القوة العسكرية". وخلص إلى أن "رد الدول الغربية التي تزيد من وجودها العسكري بالقرب من الحدود الروسية، سيستعيد تدريجياً التهديدات العسكرية المرتبطة في الأذهان بالحرب الباردة".

هذا واندلعت الأزمة الدبلوماسية بين روسيا وبريطانيا منذ تسميم سكريبال، وابنته يوليا، في مدينة سالزبري البريطانية مطلع مارس/آذار الماضي بغاز أعصاب من نوع "إيه-234" (نوفيتشوك)، وتوجيه بريطانيا اتهامات صريحة إلى روسيا بالوقوف وراء الواقعة، بينما نفت موسكو ذلك بشدة.

وعلى إثر هذه الأزمة بين موسكو ولندن، التي اعتُبرت الكبرى منذ تسميم الضابط السابق في الاستخبارات الروسية، ألكسندر ليتفيننكو، عام 2006، أعلنت الدول الغربية عن إقصاء عدد من الدبلوماسيين الروس تضامناً مع بريطانيا. الرد الروسي لم يتأخر، لتستدعي وزارة الخارجية الروسية سفراء الدول المعنية لإبلاغهم بالرد بالمثل.

وفي واقعة جديدة من نوعها، تعرضت طائرة ركاب تابعة لشركة "أيروفلوت" الروسية يوم الجمعة، لتفتيش مفاجئ من قبل الشرطة البريطانية في مطار هيثرو في لندن، ما أثار احتجاج الناقل القومي الروسي والخارجية الروسية على حد سواء.



المساهمون