"داعش" يفقد ثلثي قياداته: عمليات انتقامية وفتاوى تكفير

"داعش" يفقد ثلثي قياداته: عمليات انتقامية وفتاوى تكفير

31 مارس 2018
عودة "داعش" إلى الواجهة في العراق (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -


تكشف هجمات تنظيم "داعش" الأخيرة في مناطق عدة من شمال العراق وغربه تطوراً واضحاً وكبيراً في أسلوب الهجمات ونوعية الأهداف التي يتم مهاجمتها. تغيير لا يقتصر على الجانب العسكري فقط بل يتعدى إلى الفكري منه، لناحية التوسع بفتاوى التكفير الجماعي التي تظهر أخيراً في خطاب التنظيم، وتنعكس ميدانياً عليه، والتي تعتبر كل متعاون مع القوات العراقية في عمليات التحرير من العراقيين السنّة "مرتداً عن الإسلام"، لاستباحة دمائهم وأموالهم.

وفي مقابل التطور الأخير، برزت تقارير استخباراتية عراقية أكدت أن "داعش خسر أكثر من ثلثي قياداته الميدانية، أي الجيل المؤسس أو الرعيل الأول، وذلك خلال معارك التنظيم مع العراقيين أو خلال القصف الجوي للتحالف الدولي". وكشف مسؤول عسكري فحوى أحد تلك التقارير الصادر عن مديرية الاستخبارات العسكرية العراقية، لـ"العربي الجديد"، بأن "البغدادي لا يجد من يعتمد عليه وأن أغلب من يحيط به حالياً شبان لا يمتلكون مهارات القيادة التي كانت لدى من سبقهم، من الذين جرت تصفيتهم خلال السنوات الأربع الماضية". وبيّن أن "التقرير رصد من خلال العمليات الإرهابية الأخيرة للتنظيم تغليب روح الانتقام على النهج الديني المتشدد الذي كان يسير عليه". وأكد أن "هناك خلافات وجدالا بين من تبقى من أعضاء التنظيم البارزين، وتفرّدا بالقرارات من قبل الجيل الثاني بالتنظيم وغالبيتهم عراقيون وسوريون".

كما أظهرت بيانات وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش"، والتي وجدت في فضاء "تلغرام" مساحة أوسع من منصة "تويتر" في نشر بياناتهم وتسجيلاتهم، سلسلة عمليات وُصفت بـ"الهستيرية" و"الانتقامية"، نفّذها التنظيم أخيراً في مناطق العرب السنّة، شملت عمليات حرق منازل وقتل مدنيين ومختاري مناطق وزعماء عشائر ورجال دين. وهو ما وضع القوات العراقية ومقاتلي العشائر أمام تحد جديد من نوعه.

في هذا السياق، أفاد عقيد في مديرية الاستخبارات العراقية "العربي الجديد"، بأن "هجمات التنظيم تستهدف كل من تعاون مع القوات العراقية في عمليات التحرير ولو بكلمة، وكذلك من يتعاون معهم استخباراتياً بالمعلومات. وأخيراً طاولت مدنيا اتهمه التنظيم بأنه قدم للجنود العراقيين الماء البارد عند دخولهم بلدة غربي العراق، تم تحريرها نهاية العام الماضي واعتبروه مرتداً". وأضاف أن "المتابع لبيانات التنظيم يعرف أن عبارة (مرتدّ) يَقصد بهم العراقيين السنّة. وهذه العمليات تكون سهلة للتنظيم تنفيذاً، لكنها تكبّد المدنيين خسائر كبيرة بالأرواح".



من جهته، اعتبر أحد زعماء العشائر في الأنبار، غربي العراق، الشيخ حميد الدليمي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم يملك قاعدة كبيرة، يطلق من خلالها فتاوى التكفير وحالياً هو يكفّر كل من ساهم في طرده وكسر شوكته". وبيّن أن "الدولة مطالبة بحماية السكان ومن حمايتهم توفير دعم للعشائر كي تمنع أي هجمات للتنظيم".

أما مقرّر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حامد المطلك، فأوضح لـ"العربي الجديد"، بأن "الانتصار لم يكن انتصاراً متكاملاً على داعش، فالأخير ما زال يملك معاقل وبقايا مناطق له نفوذ بها بالعراق". وكشف أن "هناك سياسيين يساعدون داعش من خلال إذكاء الخلافات والتناحر". واتهم المطلك الحكومة بـ"التقصير"، مؤكداً أن "التقصير ناجم عن ضعف متابعة من تعاون مع داعش سابقاً وبنفس الوقت ترك عشرات الآلاف من الأبرياء قابعين بالسجون". واعتبر أن "العمليات الانتقامية هذه قد تكون جزءاً من مشروع تفتيت العراق الجديد".

بدوره، أوضح عضو البرلمان عن العرب السنّة، عبد الكريم عبطان، أن "المعركة مع داعش انتهت لكن خلايا داعش لم تنتهِ"، لافتاً إلى أن "استمرار هذه الهجمات يعني الفشل الأمني وهذا ما لا يتمناه العراقيون". وأكد أن "تعدّد صنّاع القرار الأمني قد يكون سبباً في استمرار تلك الهجمات الإرهابية، ويجب البدء فوراً بمعالجة ذلك وهو من قبل الدولة".

في المقابل، أوضح قيادي بارز في التحالف الوطني الحاكم بالعراق لـ"العربي الجديد"، بأن "هناك خوفا في الأوساط السياسية العراقية وخبراء أمنيين عراقيين، فضلاً عن معلومات وتقارير تتحدث عن استخدام أطراف سياسية دولية ومحلية أيضاً لرفاة داعش بالعراق". وأضاف أن "هناك حديثا عن أن الأميركيين اخترقوا فعلاً داعش، وكذلك إيران. لذلك قد تكون هناك هجمات واعتداءات تخفي وراءها مخططات ذات أبعاد سياسية تريد للعراق البقاء في دائرة الفوضى، وكذلك جهات سياسية قد تمرر مشاريع محلية من قبل جهات مسلحة وتلصق بالنهاية التهمة ضد داعش". واعتبر أن "العراق سيحتاج الكثير للقول أنه خرج فعلاً من مرحلة الخطر والتهديد الأمني، فالنصر على داعش وتحرير المدن ليس نهاية المسرحية".