العراق: حزب "الدعوة" يحضّر لاختيار رئيس وزراء جديد

العراق: حزب "الدعوة" يحضّر لاختيار رئيس وزراء جديد

25 مارس 2018
يتمسك المالكي بتشكيل حكومة أغلبية بعد الانتخابات(علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -
مع بدء العد العكسي للانتخابات التشريعية في العراق، المقرر أن تجرى بعد نحو سبعة أسابيع، تشهد كواليس "حزب الدعوة" الحاكم في العراق حراكاً واسعاً، للتوصل إلى اسم الشخصية التي ستطرح لتولي منصب رئيس الوزراء المقبل.

وأكد مصدر سياسي مطلع مقرّب من "الدعوة"، وجود حوارات مكثفة يجريها الصف الأول من قيادات الحزب، من أجل التوصل إلى الشخصية التي سيتم طرحها لتولي منصب رئيس الوزراء. موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أنه لم يتم الاتفاق، حتى الآن، على هذه الشخصية. وأشار إلى أن الخلاف لا يزال محتدماً بين معسكري رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ونائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، حول أحقية تمثيل "حزب الدعوة" في الانتخابات، لافتاً إلى فشل جميع الجهود التي بذلت، خلال الأسابيع الماضية، للتقريب بين الطرفين.

وأوضح المصدر أن "مجلس شورى حزب الدعوة" يبذل، منذ مدة ليست بالقصيرة، جهوداً كبيرة، للتوصل إلى صيغة مناسبة ترضي جميع الأطراف، وتضمن عدم خروج منصب رئيس الوزراء من قبضة "الدعوة". وأكد المصدر أن قيادات بارزة في الحزب، مثل طارق نجم وعبد الحليم الزهيري، تقوم بدور كبير لمساعدة الأطراف المتنافسة في الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الحكومة. وأضاف أن "المعضلة تكمن في اختلاف برنامجي العبادي والمالكي". مبيناً ان رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، يصرّ على تشكيل حكومة أغلبية بعد الانتخابات، وهو ما اعتبر إقصاءً لبقية المكونات، بحسب رأي رئيس "تحالف النصر"، حيدر العبادي، الذي يؤكد أن برنامجه يتضمن تشكيل حكومة توافقية حقيقية.


ويأتي هذا الحراك في وقت يُجري فيه المالكي جولات ولقاءات مع مراجع دينية لإقناعهم بمشروع الأغلبية السياسية الذي يتبناه. كما يقوم المالكي بحراك واسع، بمساعدة نواب ائتلافه، من أجل الترويج لحكومة الأغلبية السياسية التي يطالب بتشكيلها بعد الانتخابات المقبلة. وأكد المالكي، خلال اجتماعه بالمرجع الديني إسحاق الفياض، في مدينة النجف، أنه مصمم على تجاوز الماضي وإحداث التغيير وإنهاء نهج المحاصصة الذي لم يأت للعراق بشيء، مطالباً رجال الدين والعلماء بحثّ الناس على المشاركة الواسعة في الانتخابات، والمجيء بحكومة تسعى لتقديم الخدمات وتلبية مطالب جميع العراقيين. وأكد بيان لمكتب المالكي أن الأخير "ناقش مع الفياض دور رجال الدين في تنوير المجتمع ونشر الوعي"، معتبراً أن "الدين من أكبر الدعائم البشرية المؤدية للإصلاح والتغيير".
كما أكد المالكي، خلال لقاء منفصل مع وفد من محافظة النجف، أنه يعمل على تشكيل حكومة قوية قادرة على إكمال عملية البناء والتقدم، موضحاً أنه لن يسمح بعرقلة المشاريع الخدمية التي تهم المواطنين لأسباب سياسية، مشيراً إلى أنه لن يسمح بالعودة إلى الماضي.

وقالت عضوة البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون"، زينب الخزرجي، إن "ائتلافها لن يقبل بتشكيل حكومة للشراكة والمحاصصة"، مشددة على "ضرورة تشكيل حكومة أغلبية". وأوضحت، في بيان، أن "شعار الأغلبية سيعمل على إنقاذ البلد وخلاصه". وأشارت إلى أن "المحاصصة المقيتة نخرت جسد البلاد"، مؤكدة أن "على القوى السياسية أن تؤمن بشعار الأغلبية السياسية، الذي أطلقه ائتلاف دولة القانون، وعدم العودة إلى الشراكة التي لن تقدم شيئاً، بل ستزيد الأوضاع سوءاً" على حد قولها. على الجانب الآخر، رفض العبادي تشكيل حكومة أغلبية تقصي الأخرين. مبيناً، خلال مؤتمر في بغداد الأسبوع الماضي، أن الأغلبية تستبعد الشركاء.

والصراع المعلن بين المالكي والعبادي بشأن مشروع الحكومة ما هو إلا انعكاس لصراع خفي يجري داخل أروقة "حزب الدعوة"، الذي ينتمي الرجلان إليه، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، الذي يعبّر عن اعتقاده أن القنوات الخلفية للحزب هي التي ستحدد هوية الرئيس المقبل للحكومة. وقال العيداني إن "المالكي لم يكن معروفاً إلا بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، والعبادي لم يكن مؤثراً قبل أن يتولى رئاسة الحكومة"، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أن رغبات "حزب الدعوة"، ومدى قدرته على تحقيق الإجماع أو الأغلبية داخله، هي التي ستحسم الأمر في اللحظات الأخيرة، لا سيما أن للحزب سوابق في هذا المجال. وتابع أن "التكهن باسم رئيس الوزراء المقبل أمر صعب جداً، إن لم يكن مستحيلاً، بسبب وجود عوامل عدة دافعة ومعرقلة لاختيار بعض الأشخاص"، مبيناً أن الأمر الذي أصبح شبه مؤكد هو أن "حزب الدعوة" سيبقى في السلطة بعد أن دخل الانتخابات بقائمتين، إحداهما للمالكي والأخرى للعبادي، وكلتا القائمتين تحظى بتأييد طيف واسع من الجماهير "الشيعية". يشار إلى أن "حزب الدعوة الإسلامية"، المقرب من إيران، يتربع على حكم العراق منذ عام 2005، إذ تولى القيادي في الحزب إبراهيم الجعفري رئاسة الحكومة العراقية المؤقتة التي تشكلت مطلع 2005 ولعام واحد، قبل أن يسلم رئاسة الوزراء إلى الأمين العام لـ"حزب الدعوة"، نوري المالكي، الذي حكم العراق بين 2006 و2014، بعدها اختير حيدر العبادي، وهو قيادي في "الدعوة" أيضاً، ليكون رئيساً للحكومة العراقية.