لا حلّ مرتقباً للأزمة الخليجية: قطر تلجأ للمحاكم الدولية

لا حلّ مرتقباً للأزمة الخليجية: قطر تلجأ للمحاكم الدولية

23 مارس 2018
تعددت محاولات إلحاق الأذى بالمجتمع القطري (كريم جعفر/فرانس برس)
+ الخط -
تدخل الخطوات التي تتخذها قطر لمواجهة إجراءات دول الحصار مرحلة جديدة، مع شعور عام في الدوحة يفيد بأن لا حلّ سياسياً مرتقباً في المدى القريب للأزمة الخليجية، لا لناحية الوساطة الكويتية، ولا لجهة ما كان يمكن أن تنتجه اللقاءات الأميركية ــ الخليجية الحالية والمقبلة في واشنطن، بدليل تصريحات ولي عهد السعودية محمد بن سلمان التصعيدية مثلاً. بناء على هذه المعطيات، تنوي الدوحة تفعيل خيار اللجوء إلى المحاكم الدولية، لمحاسبة المتسببين بانتهاكات الحصار الذي يوشك على دخول شهره العاشر.

وقالت مصادر خليجية لـ"العربي الجديد" إن "الأسابيع القليلة المقبلة، ستشهد مزيداً من القضايا المرفوعة ضد حكومات دول الحصار أو جهات رسمية فيها للمطالبة بتقديم تعويضات لآلاف المواطنين القطريين والمقيمين، ممن تضرروا بسبب الحصار المفروض على قطر".


ويأتي هذا التحرك بعد أكثر من ثمانية أشهر على تأسيس "اللجنة المركزية للمطالبة بالتعويضات"، التي ترأسها النائب العام القطري علي بن فطيس المري وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارتي العدل والخارجية القطريتين، وعقب تأكيد أكثر من مسؤول قطري أن الدوحة تعتزم مقاضاة دول الحصار أمام المحاكم الدولية.

وتقدم الآلاف من المواطنين والمقيمين في قطر خلال الشهور القليلة الماضية بشكاوى إلى لجنة التعويضات الحكومية للمطالبة بتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم، بسبب الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار، ومنها إغلاق الحدود، ومنع السفر والإقامة، وتلقي التعليم والعلاج في مستشفيات دول الحصار فضلاً عن فقدان الممتلكات والاستثمارات والمنع من أداء فريضة الحج والعمرة.

وبلغ عدد الشكاوى "الاستثمارية والاقتصادية" التي تقدمت بها الشركات القطرية المتضررة إلى لجنة المطالبة بالتعويضات أكثر من 6300 شكوى. وهي شركات لحق بها الضرر جراء فرض دول الحصار ممارسات غير قانونية على استثمارات القطريين لديها، عبر أسلوب "وضع اليد" على هذه الاستثمارات. كما قدمت مئات الشكاوى الأخرى لمواطنين ومقيمين تضرروا من الحصار، إذ حرموا من تلقي التعليم أو العلاج أو السفر.

ويأتي التحرك القانوني لقطر بعد طلبها رسمياً يوم الأحد الماضي من جهات رقابية في الولايات المتحدة التحقيق في معاملات مالية مشبوهة في سوق الصرف الأجنبي أجرتها الوحدة الأميركية لأكبر بنك إماراتي، بهدف الإضرار بالاقتصاد القطري وعملته الوطنية في إطار الحصار الذي تفرضه دول خليجية على الدوحة. ووجه مصرف قطر المركزي، عبر مكتب محاماة دولي، خطاباً إلى وزارة الخزانة الأميركية ولجنة تداول عقود السلع الآجلة، يطالبهما فيه بالتحقيق في قيام وحدة لبنك أبو ظبي الأول في الولايات المتحدة بالتلاعب بعملة قطر الوطنية الريال، وأسواق الأوراق المالية القطرية. وأرسل مكتب المحاماة الدولي، الممثل لمصرف قطر المركزي، خطاباً إلى وزارة الخزانة الأميركية يطلب فيه التحقيق مع الوحدة الأميركية لبنك أبو ظبي الأول الذي تملك حكومة أبو ظبي حصة أغلبية في أسهمه.

كما أعلن مكتب الاتصال الحكومي في قطر عن رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأميركية، ضد أشخاص يشنون حملة غير قانونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لنشر معلومات كاذبة عن حكومة قطر، تشمل الترويج لمعاقبتها.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، ماجد الأنصاري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التحرك القانوني لدولة قطر وتقديمها لشكاوى ضد دول الحصار، يهدف إلى توضيح المنطلقات التي تتحرك على أساسها دول الحصار أمام المجتمع الدولي، خصوصاً أن هذه الدول تستخدم شركات العلاقات العامة لمجرد تشويه سمعة قطر، وهو ما يدل على أن هذه الدول لا تريد المنفعة حتى لبلادها. ولفت إلى أن الحملات التي تشنها دول الحصار ضد قطر لا تخدم الإمارات أو السعودية ولكنها تسيء إلى قطر، ما يؤكد مجدداً أن هذه الدول ليست لديها أدلة على اتهاماتها ضد قطر، لذلك تلجأ إلى التحايل والخداع والغش وشركات علاقات عامة من الواضح أنها تقوم بأعمال غير قانونية.

ووفقاً للأنصاري، فإن الممارسات التي تقوم بها دول الحصار من خلال استهداف الاقتصاد القطري، تدل على حالة الحقد التي تتملك دول الحصار تجاه قطر. وأوضح أن المسألة ليست خلافاً سياسياً حول قضايا معينة أو خروج قطر عن "السرب الخليجي"، كما يحاولون التسويق، بل محاولة لإلحاق الأذى بالمجتمع القطري لضرب الدولة وإضعاف قطر وإخضاعها لإرادة دول الحصار. لكن، وبحسب الأنصاري، فإن جميع إجراءات دول الحصار باءت بالفشل، فالاقتصاد في قطر لا يزال قوياً، والنمو في البلاد أعلى من النمو في دول الحصار.

ولفت الأنصاري إلى أن التطور الجديد في الأزمة الخليجية عبر بدء قطر بتحرك قانوني يؤكد أنها لن تتنازل عن حقوقها، وهي تتحرك مباشرة للتبيان أمام المجتمع الدولي حقيقة استهدافها وإظهار خطورة ما تقوم به دول الحصار على الأمن في المنطقة.

وبعدما أشار الأنصاري إلى أنه "لا يبدو أن هناك أفقاً لحل الأزمة في ظل تعنت دول الحصار"، أوضح أن "قطر لن تقف مكتوفةً بانتظار حل الأزمة، لذلك هي تتحرك لوضع حد لما تقوم به دول الحصار من ممارسات ضدها".

ولا يعد لجوء الدوحة إلى مقاضاة دول الحصار مفاجئاً، إذ سبق أن أعلن نائب رئيس الوزراء، وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، في شهر يوليو/ تموز من العام الماضي "أن بلاده قد تقاضي دول الحصار أمام محكمة العدل الدولية"، معتبراً الإجراءات التي استهدفت بلاده خلال الأزمة الخليجية ترقى لأن تكون محاولة انقلاب.

كما أعلن وزير الاقتصاد والتجارة، الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، في نفس الشهر، عزم بلاده على مقاضاة دول الحصار أمام المحاكم الدولية وطلب تعويضات عن الخسائر التي خلفتها إجراءات تلك الدول، منذ الخامس من يونيو/ حزيران الماضي. وقال خلال لقائه مع مجموعة من المحامين المختصين، وعدد من رؤساء المنظمات الاقتصادية والتجارية الدولية في جنيف السويسرية، إن بلاده "ستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة وتلجأ إلى المنظمات والمحاكم الدولية والإقليمية لمقاضاة دول الحصار".

المساهمون