لماذا تبخرت أعداد المتظاهرين في العراق؟

من الآلاف إلى بضع عشرات... ماذا جرى لأعداد المتظاهرين في العراق؟

22 مارس 2018
من تظاهرات "سائرون للإصلاح" (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
مرّت 3 سنوات على تظاهرات التيار المدني العراقي في العاصمة بغداد، أي منذ انطلاق شرارة الاحتجاجات في يوليو/تموز 2015، التي نادى خلالها المحتجون بتحسين الواقع الخدماتي في مدينتهم، فجرّت وراءها مطالب أخرى شملت الإصلاح السياسي وتبديل الوجوه الحاكمة في البلاد وصولاً إلى اقتحام المنطقة الخضراء وهي مقرّ الحكومة العراقية، في أبريل/ نيسان 2016، وليس انتهاءً بمحاسبة المتسببين بسقوط مدينة الموصل، مع إشارة كثر لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، المتهم الأول بملف سقوط نينوى، ثاني أكبر محافظات العراق.

ومنذ ذلك الحين، استمرت التظاهرات الشعبية بوجود آلاف المحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد، ومحافظات العراق الوسطى والجنوبية، لكنها شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال الشهرين الماضيين. وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان تحالف "سائرون للإصلاح" الذي ضمّ شخصيات من التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، وبعض الجهات المدنية والحركات الشعبية أبرزها "الحزب الشيوعي العراقي".

وأعلن وزير الداخلية العراقية قاسم الأعرجي، يوم الجمعة الماضي، عن "إحصاء يفيد بخروج 1500 متظاهر فقط في محافظات وسط العراق وجنوبه". وأضاف في بيان أن "موقف التظاهرات في بغداد والمحافظات كالآتي: في العاصمة بغداد تحديداً ساحة التحرير 400 شخص، وفي مركز مدينة كربلاء 150 شخصاً، وفي محافظة ذي قار في ساحة الحبوبي 60 شخصاً"، مشيراً إلى أن "محافظة المثنى خرج منها 150 شخصاً، وفي بابل 350 شخصاً، وفي الديوانية أمام جامع المصطفى 50 شخصاً، وفي ميسان شارع دجلة 300 شخص، وفي البصرة أمام ديوان المحافظة 50 شخصاً".

ووصلت أعداد المتظاهرين خلال العام الماضي، في أيام الجمعة، وهو اليوم الذي خصصته اللجنة المشرفة على التظاهرات، إلى مئات الآلاف، والتي حصلت إبان دعوة الصدر إلى "تظاهرات مليونية". وأعادت اللجنة التنسيقية للتظاهرات، انخفاض أعداد المتظاهرين المطالبين بـ"الإصلاح" في بغداد وباقي المحافظات إلى اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 12 مايو/أيار المقبل.

وقال عضو اللجنة إبراهيم الجابري إن "اقتراب موعد الانتخابات النيابية ساهم في قلة توافد المتظاهرين إلى ساحة التحرير ببغداد، وباقي الساحات في المحافظات الأخرى والمطالبة بالإصلاح ومحاسبة المقصرين وسارقب المال العام". وأضاف أن "الأهم في العملية الاحتجاجية هو بقاء المتظاهرين بتوافد مستمر حتى وإن قلّ عددهم، لإيصال الرسالة الشعبية المهمة، وهي أن الشعب ما زال يعاني من سوء خدمات وسياسة فاشلة في إدارة الدول". ولم يستبعد الجابري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تتوقف التظاهرات خلال الشهر المقبل بسبب الانتخابات، "وبعد الانتهاء من العملية الانتخابية التي من المؤمل ان تجلب لنا وجوهاً جديدة تصلح ما خربته الأحزاب الحاكمة منذ 15 عاماً، وهو ما سيدفع الناشطين إلى معاودة احتجاجاتهم حتى تتحقق مطالبهم كافة".

من جانبه، نفى حسين النجار وهو ناشط مدني ومرشح للانتخابات البرلمانية المقبلة عن تحالف "سائرون"، علاقة الخطوات الانتخابية الجديدة التي أعلن عن تأسيسها المدنيون والصدريون، وتشكيل تحالف "سائرون للإصلاح"، قائلاً "لا علاقة حقيقية بين التظاهرات وقوتها وعديدها بتحالف سائرون، فلكل منهما وظيفته، والحركة الاحتجاجية مستمرة، أما التحالف فيعمل على المنافسة الانتخابية الشريفة".

وأضاف النجار أن "الأعداد المتواجدة حالياً في الساحات العراقية من المتظاهرين، شهدت تراجعاً وانخفاضاً لكنها ليست بالدرجة التي تسمّى انخفاضاً كبيراً"، مشيراً إلى أن "الغضب الشعبي في بغداد ما زال حاضراً وبقوة، فمنذ ثلاث سنوات لم تتوقف التظاهرات، بل أن تظاهرات جديدة انطلقت في العاصمة خلال الأسابيع الماضية، تمثلت بخروج المئات من أهالي مناطق شمالي بغداد، والتنديد بما يحصل في مناطقهم من إهمال حكومي للقطاع الخدمي".

ولفت إلى أن "التحالف المدني ــ الصدري هو أمر طبيعي، وهو نتيجة لسنوات من التنسيق في العمل الاحتجاجي"، مؤكداً اتفاق الطرفين، على "الاستمرار بالتظاهر حتى تحقيق مطالب الشعب، ومحاسبة المتسببين بالأزمات الاجتماعية والأمنية التي عصفت بالبلاد، من احتلال العراق في 2003 وحتى الآن".

بدوره، رفض الصحافي منتظر الحسناوي، وهو من المشاركين بالتظاهرات منذ انطلاقتها الأولى وحتى الآن، استبعاد "اقتحام المنطقة الخضراء مرة ثانية ومرة ثالثة". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة العراقية لم تتفاعل مع مطالب المتظاهرين منذ ثلاث سنوات، بسبب سلمية التظاهرات، ولأنها صارت متيقنة من كون التظاهرات لا يحدث خلالها أي خرق أمني، تُركت المطالب من دون أي اهتمام"، مشيراً إلى أن "الاهمال الذي تمارسه الحكومة لأصوات المتظاهرين سيقود حتماً إلى اقتحام المنطقة الخضراء التي يسكنها غالبية سارقي المال العام، والسيطرة عليها، فقد تحقق الاقتحام مرة، وبالإمكان تكراره".