أرقام الجيش حول حرب سيناء: تشكيك له ما يبرره

أرقام الجيش حول حرب سيناء: تشكيك له ما يبرره

21 مارس 2018
أرقام الجيش غير صحيحة بالنسبة لمراقبين (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

بعد نحو ستة أسابيع تقريباً على انطلاق عملية "سيناء 2018"، التي أعلن عنها الجيش المصري لمواجهة العناصر المسلحة في الاتجاهات الاستراتيجية وتحديداً في سيناء، بدا وكأن تضارب الأرقام سمة متكررة في بيانات الجيش.

في هذا السياق، اعتبر مراقبون أن هناك مبالغة في تقدير الخسائر والأرقام ونتائج العملية. ففي الأسابيع الماضية، كشفت بيانات المتحدث العسكري، العقيد تامر الرفاعي، عن تدمير نحو 3400 من الأهداف والأوكار الخاصة بتنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش" في سيناء. وظهرت علامات استفهام كثيرة حول العدد المبالغ فيه من الأهداف التي تم تدميرها في سيناء، لدرجة وصلت إلى حد التشكيك في صحتها. وبدت حملات التشكيك منطقية، خصوصاً مع وضعها في الاعتبار المقارنة مع بيانات سابقة للمتحدث العسكري، والتي أعلن خلالها عن مقتل "تكفيريين"، ثم تبيّن في أوقات لاحقة من هذه البيانات، أن الضحايا هم شباب من سيناء كانوا مختفين قسراً بعد اعتقالهم بشكل عشوائي.

في هذا الإطار، قال باحث في الحركات الإسلامية، إن "حجم المخابئ والأوكار التي جاءت في بيان المتحدث العسكري مريب للغاية، إذ يكشف جزءاً من التقصير العسكري والأمني في ملاحقة التنظيم الإرهابي، بما يعني أن العمليات السابقة كانت وهمية غير حقيقية". وأضاف الباحث، لـ"العربي الجديد"، أن "هذا العدد الكبير المعلن في بيان المتحدث العسكري، يتناقض مع ما يصدره الجيش والشرطة، عن تواجد عناصر قليلة للغاية من التنظيم المسلح في سيناء، وهذا بالطبع ينعكس على التناول الإعلامي للأوضاع في سيناء، من دون ذكر حقيقة الموقف هناك".

وتساءل: "أين عناصر التنظيم الإرهابي؟ في كل اكتشاف وكر أو مخبأ للأسلحة والذخائر، لا يتم الإعلان عن القبض أو قتل عناصر مسلحة"، مشدّداً على أن "التنظيم لن يترك أسلحته ويهرب، وإذا حدث ذلك أين ذهبوا؟". وأوضح أن "الأوكار التي أعلن عنها كفيلة بشن حرب صغيرة على الجيش المصري. وعلى الرغم من ذلك، فإن التنظيم المسلح تراجعت عملياته الكبيرة في سيناء، متأثراً بضعف التمويل، بعد سقوط التنظيم الأم في مراكز ثقله في العراق وسورية، فمن أين جاءت كل هذه الأسلحة التي ظهرت في بيانات المتحدث العسكري، ولماذا لا يستخدمها المسلحون؟".



وتساءل الباحث أن "ما تم العثور عليه هو أسلحة خفيفة في معظمها، ووفقاً للصور فإنها قديمة للغاية، فأين الأسلحة الثقيلة ومنصات الصواريخ الأرضية والأخرى المحمولة على الكتف التي تواجه الطائرات القتالية؟"، معتبراً أن "ما تم العثور عليه ليس السلاح الفعلي للتنظيم الإرهابي، بما يكشف جانباً من القصور في العملية العسكرية". واعتبر أن "عدد الملاجئ والأوكار والأسلحة يؤكد اقتراب الإجهاز على التنظيم المسلح تماماً، خصوصاً أن العملية مستمرة وليس لها سقف زمني واضح حتى الآن، ولكن هذا الأمر مختلف عن الواقع، كون ولاية سيناء أقدموا مراراً على تنفيذ عمليات ضد الجيش والتصدي لبعض من تلك الحملات".

من جانبه، قال شيخ قبلي إن "العملية الشاملة لم تقض على جزء كبير من عناصر التنظيم بحسب ما يصوره الجيش والإعلام المصري، ولكن ما حدث فقط هو تحجيم تحركات التنظيم إلى حد كبير". وأضاف الشيخ القبلي لـ"العربي الجديد"، أن "المسلحين في سيناء يدركون وجود حملة عسكرية قبلها بفترة، وهذا ليس سرا، ولكن أعلن عنه (الرئيس عبد الفتاح) السيسي بنفسه من خلال تكليف رئيس أركان الجيش المصري الجديد ووزارة الداخلية، وبالتالي في مثل هذه الأحداث يأخذ احتياطه".

وتابع أنه "لا شك استفاد الجيش من بعض المعلومات التي وصلت إليه من بعض المنشقين عن التنظيم، والذين ذهبوا لبعض المتعاونين مع الجيش، لكي يحصلوا على الحماية، ولكن لم يتمكن من القضاء على تنظيم ولاية سيناء". وحول أعداد الأوكار والمخابئ التي تم اكتشافها، قلّل من هذه الأرقام، مشيراً إلى أن "سيناء مليئة بالمخابئ في الصحراء، والتي يستخدمها المهربون، وبالتأكيد ليست كلها تابعة للتنظيم المسلح، خصوصاً أنه لم يتم العثور داخلها على أسلحة كثيرة".

وأكد أن "أهالي سيناء من يدفع الثمن من خلال نقص المواد الغذائية وألبان الأطفال، بما يضاعف من الأزمات المعيشية عن ذي قبل"، مندداً بـ"الاعتقالات العشوائية التي تشنها قوات الشرطة، وتحديداً في مدينة العريش، بدعوى تعاون بعضهم مع المسلحين". وتساءل: "طالما الوضع في سيناء خطير لهذه الدرجة، لماذا لم تُقدم قوات الجيش على هذه الحملة الكبيرة خلال الأعوام القليلة الماضية؟"، متوقعاً أن "يكون توقيت العملية مرتبطا فقط بتسويق سياسي للنظام الحالي والسيسي، بدعوى مكافحة الإرهاب، وحمايته الشعب المصري من هذا الخطر".