مصر: لجنة "تحسين صورة النظام" تعطل قضية التمويل الأجنبي

مصر: لجنة "تحسين صورة النظام" تعطل قضية التمويل الأجنبي

21 مارس 2018
السيسي يفشل في تصحيح صورة النظام (ميناسي وونديمو هايلو/الأناضول)
+ الخط -


كشفت مصادر دبلوماسية مصرية أن "اللجنة المركزية السرية التي شكلها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أخيراً لتحسين صورة مصر في الخارج، أصدرت تعليماتها لسلطة التحقيق في القضية المعروفة إعلامياً بالتمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، باستمرار التحقيق وعدم إحالة المتهمين للمحاكمة حالياً"، وذلك على الرغم من أنه قد مضى 4 سنوات على انتداب قضاة التحقيق الحاليين في هذه القضية، بشكل مخالف للقواعد المنصوص عليها في انتداب قضاة التحقيق في قانون الإجراءات الجنائية.

وواصلت هيئة التحقيق في القضية استدعاء عدد من المتهمين خلال الشهر الماضي لمناقشتهم في تقارير الشرطة والاستخبارات بشأن تلقيهم أموالاً من الخارج بين عامي 2005 و2015، من دون إصدار أي قرار جديد بالتحفظ على الأموال أو المنع من السفر، وذلك في الوقت الذي واصلت فيه لجنة مشكلة من البنك المركزي والنيابة العامة فحص الحسابات البنكية للمنظمات والناشطين فيها.

وكشفت مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد"، أن "اللجنة المركزية التابعة للسيسي أصدرت تلك التعليمات على ضوء تقارير دبلوماسية تفيد استمرار ورود تساؤلات وانتقادات من دوائر غربية لملف العمل الأهلي والحقوقي في مصر، والذي كان وما زال من الملفات المثيرة للمتاعب في علاقة السيسي بالغرب، خصوصاً بسبب عدم وفاء السيسي بتعهده الذي قطعه على نفسه في زيارته العام الماضي للولايات المتحدة بتعديل قانون العمل الأهلي الجديد الذي كانت الدول الأوروبية ترغب في عرقلة إصداره".

وعلى الرغم من نجاح نظام السيسي في الربع الأخير من العام الماضي في تعطيل عمل المنظمات والمؤسسات الأميركية والأوروبية المانحة لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومية في مصر، بحجة وجوب توفيق أوضاع هذه المنظمات المصرية أولاً التزاماً بقانون الجمعيات الأهلية الجديد الصادر في مايو/أيار الماضي، إلاّ أن المنظمات الأجنبية أبلغت سفارات دولها بمصر بمحاولة تخفيف القيود التي يفرضها السيسي على المجال العام لتمكينها من العمل في الأنشطة التعليمية والثقافية والاجتماعية.

وبحسب المصادر فإن "اللجنة تبينت ضرورة طمأنة الدول الغربية خصوصاً بعد تزايد الانتقادات الدولية للممارسات الحكومية في مجالي الأمن والحقوق السياسية، مما دعاها لمحاولة محاصرة المخاوف الأجنبية من تحريك القضية بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية أو بعد التجديد للسيسي مباشرة".



وأشارت المصادر إلى أن "مستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي الوزيرة السابقة فايزة أبوالنجا، كانت قد أعدت بالتعاون مع الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية والبنك المركزي المصري ووزارة التضامن الاجتماعي قائمة بأبرز المنظمات والمؤسسات الأميركية التي تدعم مالياً الأنشطة السياسية والتثقيفية والاجتماعية في مصر، بما في ذلك المنظمات التي تقدم الدعم المالي رأساً لجهات حكومية أو تعليمية مصرية. وتمت مخاطبة واشنطن لتعطيل الدعم المتدفق منها كافة مؤقتاً لحين انتهاء المهلة المحددة في قانون الجمعيات الأهلية لتوفيق الأوضاع".

وترتب على ذلك مطالبة بعض المنظمات الأجنبية للجمعيات المصرية الداعمة لها، إجراء تعديل عاجل في سياساتها ونطاق عملها للتركيز على الأنشطة التعليمية والتثقيفية والابتعاد عن القضايا السياسية الخلافية مع النظام خشية تعطيل أعمالها في مصر. وكذلك الابتعاد عن التواصل مع جماعات الضغط السياسي من الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية غير المعترف بها من قبل الحكومة أو النشطاء المشمولين في تحقيقات قضية "التمويل الأجنبي" الجارية حالياً.

مع العلم أن السيسي منح اللجنة المركزية التي شكلها صلاحيات واسعة على أكثر من صعيد؛ أولاً: تحديد الملفات الدعائية والإعلامية ذات الأولوية التي تتطلب رد السلطات المصرية عليها في وسائل الإعلام أو عبر القنوات الرسمية، وثانياً: تحديد طريقة التعامل مع الانتقادات الإعلامية أو الدبلوماسية التي توجه لمصر ارتباطاً بمواقفها السياسية أو الحقوقية، وثالثاً: توجيه الدوائر الدبلوماسية والقانونية والإعلامية في الدولة المصرية لطريقة التصرف مع تلك الانتقادات، ورابعاً: الاختيار والتعاقد مع شركات الدعاية ووسائل الإعلام الأجنبية في الولايات المتحدة وأوروبا لتحسين صورة مصر، وخامساً: التواصل مع المفكرين والكتاب ودوائر اتخاذ القرار بالدول الأجنبية والمؤسسات الدولية سواء التي لها مكاتب في مصر أو غيرها.

وجاء تشكيل هذه اللجنة السرية نتيجة تصاعد الانتقادات الدولية لأداء النظام السياسي المصري، وتحديداً على خلفية استمرار تفعيل القرار الأميركي بتجميد وتأجيل بعض المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر الصادر في أغسطس/آب الماضي، وتلقي القاهرة أسئلة متكررة ومطالبات أميركية وأوروبية باتباع إجراءات "أكثر شفافية" في محاربة الإرهاب في شمال سيناء بما يتفق مع "معايير حقوق الإنسان" وذلك على ضوء تقارير استخباراتية وإعلامية اتهمت النظام بالتسبب في تفاقم الأوضاع في مصر بصفة عامة وسيناء نتيجة استهداف المدنيين الحرب على تنظيم "ولاية سيناء" وإخلاء مساحات شاسعة من الأرض. وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة أمراً خطيراً.