أنقرة تستعد لمرحلة ما بعد السيطرة على عفرين

أنقرة تستعد لمرحلة ما بعد السيطرة على عفرين

18 مارس 2018
المليشيات الإيرانية تعامل النازحين بشكل سيئ (فرانس برس)
+ الخط -
دخلت العملية العسكرية واسعة النطاق التي يشنّها الجيشان التركي و"السوري الحرّ" ضد الوحدات الكردية، في شمال غربي سورية، مراحل متقدّمة، في ظلّ اقتراب المعارك من مشارف مدينة عفرين، في وقت نفى فيه الجيش التركي استهداف مدنيين ومرافق عامة، متهماً الوحدات الكردية بـ"التلفيق"، وتعمّد حرق مشفى وآليات ومبان، لتجييش رأي عام سلبي ضدّ القوات المسلحة التركية. ومع احتدام المعارك في محيط عفرين، برز تطوّر سياسي لافت تمثّل في دعوة وجّهتها فعاليات معارضة سورية مدعومة من أنقرة، إلى عقد مؤتمر ينتج عنه مجلس مدني يدير منطقة عفرين بعد السيطرة عليها، في سياق تحضيرات أنقرة لمرحلة ما بعد السيطرة على مدينة عفرين وريفها، وذلك في مدينة غازي عنتاب، جنوب تركيا، اليوم الأحد.

ميدانياً، سيطرت القوات المسلحة التركية وفصائل تابعة لـ"الجيش السوري الحر"، أمس السبت، على أربع قرى جديدة في منطقة عفرين، في إطار عملية "غصن الزيتون"، وهو ما يؤكد اقتراب الجيش التركي من الحسم، بعد نحو شهرين من بدء العملية. وأشارت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية، إلى أن الجيش التركي فرض سيطرة على قرى كوكالي وعين حجر، في ناحية معبطلي، وجقالي جوم وحلتان غربي في ناحية جنديرس، مشيرةً إلى أنّه "تمّ قطع الطريق الرئيسي الواصل بين مركز ناحية معبطلي، ومركز مدينة عفرين". وأوضحت الوكالة أنّ "عدد النقاط التي تم طرد الوحدات الكردية منها، منذ بدء عملية غصن الزيتون، ارتفع إلى 265، بينها 221 قرية، و44 نقطة استراتيجية".

وبات من الواضح أن الجيش التركي الذي بات على مشارف مدينة عفرين، يسعى إلى قطع الطرق التي تربط القرى والبلدات في المدينة، خصوصاً في شمالها الغربي، ما يعني دفع عناصر الوحدات الكردية إلى الانسحاب منها إلى داخل المدينة، في خطوة تسبق خروجهم نهائياً منها إلى شرقي الفرات.

وألقت طائرات تركية، الخميس، منشورات فوق عفرين تدعو الوحدات الكردية إلى الاستسلام، إلاّ أن الأخيرة أكّدت أنها مستمرة في المواجهة، حيث يبدو أنها استعدت لحرب شوارع داخل المدينة التي باتت مكتظة بالسكان. وأعلنت رئاسة الأركان التركية، في بيان، أمس، عن "تحييد 3567 إرهابياً، منذ انطلاق عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين"، مجددة، في بيان، تأكيدها على أنّ العملية العسكرية "متواصلة حتى تحقيق الأمن والاستقرار على الحدود التركية السورية".

وفي السياق، نفى الجيش التركي، أنباء تحدّثت عن استهداف قواته للمستشفى المركزي في منطقة عفرين، مؤكداً أنها "عارية عن الصحة تماماً". ونشر الجيش التركي، أمس، تسجيلاً وصوراً تظهر قيام عناصر الوحدات الكردية بحرق آليات ومبان ومنشآت، في نقاط عدة بمركز المدينة.



وتؤكد وسائل إعلام تركية أن حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يتّخذ من الوحدات الكردية ذراعاً عسكرية له، "يتعمّد، عبر أذرعه الإعلامية، خلط الأوراق، من خلال بثّ أخبار كاذبة عن استهداف الجيش التركي مدنيين، ومنشآت عامة".

ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصادر، أن "طائرات بدون طيار تابعة للجيش التركي، وثّقت لحظات إضرام عناصر الوحدات الكردية النار في عدد من العربات في منطقة عفرين"، مؤكدةً أنّ "المشاهد التي التقطتها طائرات الجيش التركي تؤكّد استمرار منع عناصر الوحدات الكردية المدنيين من مغادرة المنطقة، والانتقال إلى أماكن آمنة".

وفي هذا السياق، طالب رئيس هيئة التفاوض السوري، نصر الحريري، "وحدات حماية الشعب الكردية" بمغادرة عفرين، وعدم وضع المدنيين كرهائن، مضيفاً، خلال مؤتمر صحافي في الرياض "مثلما نطالب النصرة بمغادرة سورية، نطالب قوات حزب الاتحاد الديمقراطي بمغادرة عفرين". وأشار الحريري إلى أن قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية، بهدف وقف تقدّم عملية غصن الزيتون".

إلى ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بـ"مقتل 11 مدنياً، أمس، في غارة تركية استهدفت مدينة عفرين". وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، في حديث لوكالة "فرانس برس"، أن "القصف الجوي استهدف هؤلاء المدنيين أثناء محاولتهم الهرب من المدينة في سيارة وجرار زراعي"، مشيراً إلى إصابة آخرين بجروح.

كذلك، أشار المرصد إلى أنّ المنطقة "تشهد حركة نزوح مستمرة من قبل السكان نحو بلدتي نبل والزهراء شمال حلب"، اللتين تسيطر عليهما مليشيات طائفية إيرانية، موضحاً أنّ "عدد النازحين من مدينة عفرين تجاوز 150 ألف مدني، منذ الأربعاء الماضي، هرباً من القصف المدفعي التركي الكثيف"، مضيفاً أنّ "الوضع الإنساني كارثي".

بدورها، قالت المسؤولة الكردية هيفي مصطفى، وهي عضو بارز في الهيئة المدنية التي تدير شؤون منطقة عفرين، إن "السكان يفرون من المدينة الرئيسية إلى مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد في المنطقة، وإلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري".

لكن مصادر محلية أكّدت، لـ"العربي الجديد"، أن أعداد النازحين التي يتم الحديث عنها "مبالغ فيها"، وأشارت أيضاً إلى أنّ المليشيات الإيرانية تعامل النازحين الذين يلجأون إلى مناطق سيطرتها "بشكل سيئ"، مؤكدةً أنها "تبتزّهم ولا تسمح لهم بالدخول أو الذهاب إلى مدينة حلب إلا مقابل مبالغ مالية مرتفعة". ويتهم ناشطون سوريون "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بـ"تلفيق الأخبار، وبثّ معلومات خاطئة" عن الوضع العسكري والإنساني في عفرين لصالح الوحدات الكردية.

المساهمون