الفصام الروسي الخبيث

الفصام الروسي الخبيث

10 مارس 2018
دمّر النظام وروسيا الغوطة بالكامل (عبد المؤمن عيسى/فرانس برس)
+ الخط -
تتعاطى الدول الداعمة للنظام السوري وبشكل خاص روسيا مع المعارضتين السياسية والعسكرية للنظام بازدواجية تصل إلى حدّ الفصام الخبيث الممزوج الذي لا يجد من يضع حداً لنتائجه الإجرامية بحق الشعب السوري. فعلى المستوى السياسي، تتعاطى روسيا مع الجهات التمثيلية للمعارضة كممثلين لقوى الثورة والمعارضة وتدعوهم للتحاور معها بشكل رسمي، وفي الوقت نفسه تعمل روسيا بشكل مستمر على خلق أجسام تتبع لها وتطرح نفسها كمعارضة للنظام، مع محاولات مستمرة من قبل الروس لزج تلك الأجسام كجزء من مكونات المعارضة، إلا أن وسائل الإعلام الروسية الرسمية منها والخاصة تتعامل مع تلك الجهات السياسية كمجموعات مارقة تدعم فصائل إرهابية تقاتل النظام.

وعلى المستوى العسكري يعتبر الإعلام الروسي كل من يقاتل النظام من دون استثناء ارهابياً بلا تمييز بين فصائل معتدلة وفصائل متشددة، ولكن بالوقت نفسه تعاملت روسيا سياسياً، مع عدد كبير من الفصائل العسكرية المعارضة كشركاء في ضمان الحل السياسي واستقبلت ممثلي تلك الفصائل، ودعتهم إلى اجتماعات استانة كممثلين معترف بهم من قبل الروس عن الطرف المعارض. واعتمدتهم شهوداً على توقيع اتفاقات مناطق تخفيف التصعيد، وعينت نفسها ضامناً حيادياً بين طرفي "الفصائل والنظام" ضمن تلك الاتفاقات. ثم عادت وشنّت هجوماً على ذات الفصائل التي اجتمعت معها وضمن مناطق خفض التصعيد التي ضمنتها، بدعوى محاربة الإرهاب، إذ بدأت بمساندة الهجوم على إدلب ضمن منطقة خفض التصعيد الرابعة، وبعد نشوب معارك بين الفصائل المعتدلة في إدلب (والتي شارك قسم منها في استانة) و"هيئة التحرير الشام"، صرح الروس عبر مركز حميميم أن "روسيا أوقفت عملياتها بإدلب بسبب اقتتال الإرهابيين فيما بينهم"، معتبرة أن "كل الفصائل المعارضة للنظام هي فصائل إرهابية".

وعادت روسيا لتساند هجوماً عنيفاً على غوطة دمشق الشرقية "منطقة خفض التصعيد الثانية" بحجة وجود عناصر من النصرة عددهم بالضبط 240 عنصراً، كانت فصائل الغوطة تطالب بإخراجهم فيما كانت روسيا هي من منعت خروجهم، لتتعامل مع كل من في الغوطة عبر وسائل إعلامها كإرهابيين، دون تمييز. أما الفصام الأكبر الذي قد يبدو غير مفهوم فهو أداء قناة "بي بي سي" العريقة الذي وصل حد الفصام بينها وبين مهنيتها إلى حد عدم التمييز بين جيش الإسلام وجبهة النصرة، والتعاطي مع جيش الإسلام الذي يقاتل النظام بالغوطة على أنه تنظيم جبهة النصرة التابع للقاعدة.