مباحثات في العراق لإحياء طريق بغداد ــ دمشق

مباحثات في العراق لإحياء طريق بغداد ــ دمشق

09 فبراير 2018
قوات عراقية على الحدود مع سورية (سليمان الأنباري/فرانس برس)
+ الخط -


أنهى وزير داخلية النظام السوري اللواء محمد الشعار، زيارة إلى بغداد استمرت يومين، التقى خلالها عدداً من المسؤولين العراقيين، من بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي تسلّم رسالة من رئيس النظام السوري بشار الأسد، وفقاً لمسؤول عراقي أكد لـ"العربي الجديد" أن "الشعار التقى أيضاً بوزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي وقيادات سياسية مختلفة، فضلاً عن زعماء بمليشيات الحشد الشعبي". وتناولت الزيارة، الأولى لمسؤول بالنظام السوري بدرجة وزير لبغداد منذ سنوات، ملفات عدة، من بينها الحدود وتبادل المعتقلين، إلا أن بياناً لمكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن فيه، أمس الخميس، عن فحوى لقائه مع الشعار، أوضح أنه "تمّت مناقشة تنسيق الجهود لفتح معبر القائم الدولي بين البلدين الواقع بمحافظة الأنبار، غربي العراق".

ومعبر القائم خاضع، مع محيطه السوري ـ العراقي، لسيطرة فصائل من "الحشد الشعبي"، أبرزها حزب الله العراقي والنجباء والخراساني. ما أثار تساؤلات عدة حول سبب استثناء معبر الوليد المجاور، غير المتضرر كما حصل مع القائم، وهو خاضع حالياً لسيطرة الجيش العراقي.

ووفقاً لمسؤول عراقي في بغداد، فإن "إعادة فتح المنفذ الحدودي بين العراق وسورية جاء بطلب من نظام الأسد وليس من بغداد". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك ضغوطاً من جهات سياسية ومليشيات حول الموافقة على فتح المنفذ"، مرجحاً أن "يتم ذلك خلال الأشهر الثلاثة المقبلة".

خطوة افتتاح المعابر بين العراق وسورية من جهة الأنبار والتصريح عنها رسمياً ببيان حكومي عراقي، أثارت مخاوف مراقبين عراقيين وأعضاء في البرلمان ومسؤولين بمجلس محافظة الأنبار، قالوا إن "القرار غير مريح وسيجلب مشاكل كثيرة".



ووفقاً لمسؤول في مجلس الأنبار، فإن "إعادة افتتاح المنفذ ستصب بصالح النظام السوري بالكامل، سواء على مستوى الدعاية الإعلامية ومزاعم النصر التي يروج لها إعلامه، أو على مستوى بدء استقبال المساعدات الإيرانية براً وبشكل طبيعي كما كان الحال قبل عام 2014، فضلاً عن مساعدات من دول أخرى للنظام تصل للعراق ومن هناك إلى النظام". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "اختيار معبر القائم بدلاً من الوليد، يأتي لكون الطريق المعدّ سلفاً ليس من خلال بغداد ثم الفلوجة ثم الرمادي مروراً بهيت وأعالي الفرات حتى القائم مع سورية، بل من خلال طريق صحراوي يربط كربلاء، جنوب العراق، بالأنبار، وتسيطر عليه المليشيات الموالية لإيران بالكامل". ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن "المعبر سيكون ممراً للسلاح والمسلحين، كما سيكون فتحه تهديداً للمحافظة بأسرها".

واعتبر مراقبون عراقيون أن "سورية لا تملك شيئاً لتصديره إلى إيران، كالصناعة أو الزراعة، كما أن العراق لا يملك الأمر نفسه ويقتصر ملف التصدير لديه على النفط والغاز بالوقت الحالي عبر البصرة وميناء جيهان التركي. ما يعني أن المستهدف من فتح المعبر هو النظام السوري لرفده بما يحتاج، إلا أن آخرين يتحدثون عن منافع أخرى لإعادة فتح المعبر، منها خط الاستيراد العراقي من لبنان عبر سورية براً، المتوقف منذ سنوات، حيث كانت تستعمله شركات مملوكة أو مقربة للنظام السوري".

ووفقاً للمحلل أحمد عبد الكريم الحمداني، فإن "عملية إعادة فتح المعبر لن تعود بأي نفع اقتصادي على العراق، كما أن المسافرين العاديين من المواطنين في حال رغبتهم الذهاب لدمشق، فإنهم يفضلون الطائرة على السفر براً بسبب خطورته أمنياً وطول المسافة وعدم وجود فرق كبير بتكاليف تذكرة السفر".



ولفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الخطوة لخدمة نظام الأسد والمقربين منه بالدرجة الأولى، كما أنه سيسمح بعودة 19 شركة نقل بري إيرانية ولبنانية وعراقية وسورية للعمل بين تلك الدول، وبطبيعة الحال فإن تلك الشركات ستكون محملة بمختلف المواد ولا تخضع للفحص ولا للتفتيش". وأشار إلى أن "شركات اليمامة والصقر ومشارف الحرم والسيدة زينب ونسيم بيروت ونقليات الظل وحسين، كانت فاعلة قبل اجتياح داعش للأنبار وبالتأكيد ستعود هي نفسها" للعمل.

وحول ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع العراقية في البرلمان، حامد المطلك، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق بحاجة ماسة لفتح حدوده مع الكل، لكن حالياً بالنسبة لسورية، فإن الوقت غير مناسب على الإطلاق، والوضع ما زال قلقاً، وهناك داعش وجماعات مسلحة وعصابات جريمة وجهات أخرى على الحدود وعلى الطريق بين البلدين، وفتح المنفذ أمر خطير للغاية حالياً".

وأضاف "نقول للحكومة رجاءً لا نريد أن نكون جزءاً أو تكملة من مشروع تفتيت وتخريب سورية أو غيرها"، مبيناً أنه "ربما يكون المعبر مجالاً لعبور العصابات والسلاح والذخيرة والممنوعات، وربما يكون مفتاحاً لتدمير اقتصاد العراق عبر تهريب العملة الصعبة. ولا حاجة لهذا المعبر الآن ولا يصب بصالح العراق على الإطلاق". وختم بالقول إنه "لا يوجد شيء كي نتبادله مع سورية، فليس لديها ما تصدّره للعالم وليس للعراق ما يصدّره الآن لسورية. والأمر غير مرحب به".

من جانبه، قال الخبير الأمني العراقي أدهم الحديثي، لـ"العربي الجديد"، إن "إعادة افتتاح المعبر مع سورية لا علاقة لها بالشق الاقتصادي أو التجاري بالنسبة للعراق، وبالتأكيد سيكون افتتاحه لصالح نظام الأسد وإيران بالدرجة الأولى، واكتماله يعني الكثير بالنسبة لإيران وللنظام السوري والمليشيات العراقية وحزب الله اللبناني". ولفت إلى أن "ذلك لن يكون جيداً بالنسبة للأمن الهش في محافظة الأنبار على الإطلاق".



المساهمون