دروس عسكرية وأمنية لأعضاء هيئتين قضائيتين في مصر

دروس عسكرية وأمنية لأعضاء هيئتين قضائيتين في مصر

06 فبراير 2018
الأعضاء الشباب في هيئة النيابة الإدارية تلقوا الدروس(فايسبوك)
+ الخط -
لم يكن الأعضاء الشبان في هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة القضائيتين في مصر، يتصورون أنهم سيتلقون محاضرات على يد ضباط جيش وضباط شرطة خلال دورة الخبرة القضائية الأولى التي سيحصلون عليها بعد نجاحهم في الالتحاق بالهيئتين، ونيل صفة "عضو هيئة قضائية" المرموقة في المجتمع المصري والتي تضفي على صاحبها حصانة خاصة.

اثنان من الأعضاء الشبان في هيئة النيابة الإدارية المنوط بها دستورياً محاربة الفساد الإداري بالدولة، وعضو شاب في هيئة قضايا الدولة المنوط بها دستورياً تمثيل الحكومة في مختلف المنازعات بالداخل والخارج، رووا لـ"العربي الجديد" أن الدورة السنوية التي تنظمها الهيئتان لصقل المهارات والمعارف القانونية لأعضائهما الجدد تضمنت لأول مرة هذا العام محاضرات مكثفة في مواد ذات طبيعة عسكرية واستراتيجية وأمنية.



وعندما سأل الأعضاء الشبان عن سبب إقحام هذه المواد الدراسية في الدورة التي من المفترض أن تخصص لدراسة التطبيقات القضائية وتدريب الشباب على يد الأعضاء الأكبر سناً والأكثر خبرة، كانت الإجابة على الأسئلة من بعض أعضاء الأمانة العامة للهيئتين بأن "هذه تعليمات من وزير العدل حسام عبدالرحيم، حتى يعرف أعضاء الهيئات القضائية الجدد المزيد عن المخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري من الداخل والخارج، والدور الذي يجب أن تؤديه السلطة القضائية بهيئاتها المختلفة مع باقي السلطات للدفاع عن الدولة".

المحاضرات ذات الطبيعة الاستراتيجية درّسها ضباط من أكاديمية ناصر العسكرية، التي كانت قد بدأت منذ سنوات في توسيع دائرة دوراتها الدراسية لتشمل الصحافيين والإعلاميين والموظفين الإداريين بالمحاكم، وتم تكليفها منذ العام الماضي بإعطاء دورات دراسية مكثفة لخريجي الجامعات المرشحين للالتحاق بوزارة الخارجية، وهو ما سبق أن كشفته "العربي الجديد" في تقرير موسع نشر في 4 أغسطس/ آب الماضي، ثم أكده المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد رسمياً.

واهتمت هذه المحاضرات، بحسب الأعضاء القضائيين الشبان، بكيفية التصدي لما يسمى بحروب الجيل الرابع، والتي ذكرها السيسي أكثر من مرة في خطاباته كجزء من المؤامرات الدولية التي تستهدف مصر استغلالاً لوسائط الإعلام الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لمحاضرات عن دور القوات المسلحة في حماية الأمن القومي، وخطوات إنقاذ مصر من مصير دول أخرى في الربيع العربي.

أما المحاضرات الأمنية التي اهتمت بشرح مخاطر الإرهاب ودور القانون في ملاحقة الإرهابيين، فاختص بها ضباط كبار من أكاديمية الشرطة، تحدثوا لساعات عن العلاقة بين القضاء وعناصر الضبط والتحري والبحث الجنائي وأجهزة الشرطة المختلفة، على ضوء القوانين الجديدة التي صدرت خلال السنوات الثلاث الماضية؟

وذكر الأعضاء الشبان بالهيئتين أنهم تلقوا الدورات التأهيلية في مقر كل هيئة على حدة، كما حضر ممثلون لأكاديميتي ناصر والشرطة الحفل الختامي لكل دورة الشهر الماضي "تقديراً من الهيئتين لما بذلته الأكاديميتان على صعيد التدريس والتدريب"، مشيرين إلى أن هذه المحاضرات ستتحول إلى "عنصر أساسي للدراسة في الدورات القادمة".

وكانت وسائل إعلام قد نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تقارير عن تلقي بعض القضاة – وليس أعضاء الهيئات القضائية الجدد على سبيل التوسع على مستوى القاعدة المعينة حديثاً - محاضرات عسكرية عن الأمن القومي ومكافحة الإرهاب ضمن دورات لتنمية المعلومات القانونية.

وتضم هيئتا النيابة الإدارية وقضايا الدولة نحو 5 آلاف عضو يتمتعون بالصفة القضائية ولا يعتبرون في الوقت نفسه من القضاة، بحكم الدستور الذي يقصر وصف "القضاة" على من يجلسون على المنصة للفصل في دعاوى جنائية أو مدنية أو إدارية وكذلك أعضاء النيابة العامة، وتتمتع الهيئتان باستقلال صوري حالياً بعدما نص الدستور على ذلك صراحة، لكن من الناحية الفعلية لا تزالان تحت إشراف وزير العدل الذي يوزع عليهما الميزانية السنوية ويحرك الدعاوى التأديبية ضد أعضائهما.

ويترأس الهيئتين حالياً على الترتيب كل من المستشارة فريال قطب والمستشار حسين خليل، وكلاهما معين بقرار جمهوري من السيسي، بالمخالفة لقاعدة الأقدمية، استناداً للقانون الذي أصدره في إبريل/ نيسان الماضي والمطعون عليه أمام المحكمة الدستورية حالياً.

وبعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/ تموز 2013 والإطاحة بحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، تم إقصاء العشرات من أعضاء الهيئتين بتهمة الانتماء لحركة "قضاة من أجل مصر" والعمل لمصلحة جماعة الإخوان المسلمين، والاشتراك في فعاليات سياسية لمساندة محمد مرسي. وفي يونيو/ حزيران 2016 قررت النيابة الإدارية عزل العضوة الجديدة شروق، ابنة المستشار هشام جنينة، بعد أشهر قليلة من تعيينها، ثم عزل والدها من رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات بتهمة الإدلاء بتصريحات مغلوطة عن حجم الفساد في مصر.