غضب داخل الجيش المصري بسبب سجن سامي عنان

غضب داخل الجيش المصري بسبب سجن سامي عنان

04 فبراير 2018
رفض عسكري لإدخال الجيش بالخلافات السياسية(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
ازداد التململ داخل المؤسسة العسكرية المصرية، كردِّ فعل لسياسات النظام برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي حاول الزج باسم الجيش في صراع مع خصومه السياسيين. وفي هذا السياق، اعتقلت المؤسسة العسكرية سامي عنان بعد بيانٍ اتهمه بالتزوير ومخالفة القوانين واللوائح العسكرية، بعد أيام قليلة، من إعلان نيته الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، في انحياز واضح لصالح السيسي الذي يخوض السباق لفترة رئاسية ثانية.

وأطاح السيسي بكل خصومه الذين يمكن أن يكون لهم أفضلية عليه، من عنان، إلى رئيس وزراء مصر السابق، أحمد شفيق، بالضغط عليه للتراجع عن الترشح، وقبلها سجن أحمد قنصوة 6 سنوات لإعلانه الترشح في الانتخابات، في وقتٍ لا يزال فيه الأخير بالخدمة العسكرية. ولكن واقعة اعتقال عنان كان لها صدى واسع داخل المؤسسة العسكرية، تحديداً مع إيداعه السجن الحربي.

وأثارت خطوات السيسي امتعاض القوات المسلحة، وكشفت مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية، عن "وجود حالة من الغضب الشديد داخل المؤسسة العسكرية، جراء اعتقال رئيس أركان الجيش المصري السابق سامي عنان". وذكرت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الغضب لا يتعلق بمسألة منعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية فقط، ولكن أيضاً التعامل المهين مع قيادي كبير في الجيش، وإيداعه السجن الحربي". وأضافت أن "عدداً من القيادات الوسطى تحدثت إلى قيادات عليا في المؤسسة العسكرية، بضرورة عدم إدخال المؤسسة العسكرية في دائرة الصراع السياسي".

وتابعت أن "تلك القيادات رفضت مسألة الزج بعنان في السجن الحربي، باعتبار أن هذه الخطوة تُحدث شقاقاً داخل الجيش في مرحلة حرجة تمر بها مصر". ولفتت إلى أن "عنان كان رئيساً لأركان الجيش، وكل القيادات الحالية في المجلس الأعلى للقوات المسلحة كانت تقدم له التحية العسكرية، وكان مثار احترام وتقدير من الجميع، فكيف يتم إيداعه السجن الحربي والتعامل معه بهذه الطريقة".

وأكدت أن "تلك القيادات طالبت بالتعامل اللائق مع عنان لأن هذه الخطوة تمثل تقليلاً من صورة المؤسسة العسكرية، التي سيُظهر للعالم أجمع ولدى الشعب المصري، أن اعتقاله جزء من خلافات سياسية، بما يُفقد الثقة بالجيش المصري". ولفتت إلى أن "السيسي أقدم على اتخاذ خطوة اعتقال عنان لمنعه من منافسته خلال الانتخابات الرئاسية، وأن بيان المؤسسة العسكرية لاعتقال رئيس الأركان السابق خرج بدون علم كل قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة".

وبحسب المصادر حذّرت تلك القيادات، من "فتح قضايا فساد لعنان أو حتى التلميح بهذا الأمر، مثلما فعل السيسي خلال مؤتمر (حكاية وطن) الذي هدد خلاله عنان بصورة مباشرة حينما قال: لن أسمح بوصول فاسد للحكم".



في السياق ذاته، فإن تصريحات السيسي الأخيرة، حول ربْط نفسه بالمؤسسة العسكرية، في إطار الحديث عن مواجهة خصومه، كان لها تأثيرات داخل الجيش المصري. فقد قال السيسي خلال افتتاحه حقل "ظهر" للغاز الطبيعي، إن "من يريد العبث بأمن مصر فعليه تجاوزي أولاً"، وسيقف بحياته أمام محاولات العودة بمصر إلى السنوات السبع الماضية، قبل أن يضيف عبارة (وحياة الجيش). كما خرجت تحذيرات جديدة من قيادات بالجيش، بضرورة عدم الربط بالمؤسسة العسكرية والنظام السياسي، وأنه ليس معنى دعم الدولة أو حتى السيسي، أن يكون ثمة تماهٍ بين الطرفين، بحسب مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية.

وفي وقت سابق، أرسلت قيادات بالجيش تحذيرات مماثلة إلى المجلس الأعلى، لعدم تأثر صورة الجيش المصري بسياسات النظام، فضلاً عن وجود حالة من التململ من توريط الجيش في كل الأزمات والمشاكل. وقالت المصادر إن "ثمة خطورة شديدة من استدعاء اسم الجيش المصري في كل شيء بهذه الصورة، حتى ما إذا خرجت انتفاضة غضب ستكون موجهة هذه المرة إلى النظام الحالي والجيش، وهي سابقة ستكون خطيرة للغاية".

من جانبه، قال خبير سياسي بمركز الأهرام، إنه "يجب التعامل مع اسم الجيش المصري بحذر شديد، لأن هذه المؤسسة لها طبيعة خاصة، وزيادة تصدرها للمشهد، ربما برغبة أصيلة من السيسي، يضر بصورتها". وأضاف الخبير السياسي لـ"العربي الجديد"، أن "الضرر بصورة الجيش المصري لن تظهر آثاره الآن، ولكن التخوف من خروج أي انتفاضة غضب في أي وقت، فإن هذا الغضب سيكون تجاه المؤسسة العسكرية، حتى في حالة عدم الانحياز إلى السيسي".

وتابع أن "أي صدام بين الشعب والجيش المصري بأي صورة، سيكون له انعكاسات خطيرة على أركان الدولة، وهذه النقطة التي يجب أن يفطن لها السيسي وقيادات المؤسسة العسكرية، وليس الترويج أن خصوم النظام يريدون تحويل مصر مثل سورية والعراق، بل إن السياسات الحالية للنظام تدفع في هذا الإطار". وأشار إلى "ضرورة إخراج الجيش المصري في فترة السيسي الثانية بالرئاسة من المشهد تماماً، والاعتماد على مؤسسات الدولة المعنية كل في تخصصه، ومنح مساحة للقطاع الخاص، تجنّبا لسيناريوهات معقدة للغاية".



المساهمون