إذلال باسم المساعدات الإنسانية

إذلال باسم المساعدات الإنسانية

27 فبراير 2018
من مخيم للاجئين بمنطقة البقاع في لبنان(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
تتحول المساعدات الإنسانية إلى نقطة إذلال للمحتاجين، بمن في ذلك النازحون/ات واللاجئون/ات، تزيد من محنتهم عوضاً عن أن تكون إحدى أدوات التخفيف عما يتعرضون له، ولو جزئياً. ما كشفته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اليوم الثلاثاء، في تقريرها بعنوان "سوريات يتعرضن للاستغلال الجنسي مقابل الحصول على مساعدات إنسانية"، وهي المساعدات التي تكون في أحيان كثيرة مصدر الغذاء الأساسي لهن، ما يعني عدم قدرتهن على فقدانها، ونقلها شهادات تفيد بأن بعض الوكالات الإنسانية كانت تغض الطرف عن هذه الانتهاكات رغم معرفتها بالجريمة، يزيح الستار عن جزء مما هو مستور وليس جلّه. المشهد يكاد يتكرر بين الحين والآخر في سورية وفي العراق، وهما من أكثر البلدان العربية التي تشهد حركات نزوح داخلي. الأزمات التي تعصف بها. لكنه مشهد يتكرر أيضاً في العديد من الدول التي يتواجد فيها اللاجئون/ت وتتهافت المنظمات المحلية فيها على نيل فرصة الشراكة أو التمويل مع إحدى وكالات الأمم المتحدة أو المنظمات العالمية. وهو تهافت تقوده الرغبة في الربح المادي أولاً وأخيراً بينما يتخذ من لازمة "الرغبة في مساعدة اللاجئين" الغطاء الأمثل لاستدرار الأموال أولاً ومن ثم التستر وليس فقط التغاضي عن أية انتهاكات وتجاوزات يرتكبها عاملون لدى هذه المنظمات، وسط تعويل على أن الصمت هو الخيار المعتمد غالباً من قبل اللاجئين/ات والنازحين/ات لأن الخوف المسيطر عليهم، بصفتهم الفئات الأكثر ضعفاً، يحول دون أن يقتنعوا بحقهم البديهي بالكشف على الملأ عما يتعرضون له وفضح أية تجاوزات تستهدفهم. يضاف إلى ذلك، أن العديد من الشكاوى تبقى حبيسة أدراج المنظمات التي تتستر على ما يجري "حفاظاً على اسمها" ورغبة في التمويل، ما يجعلهم يفقدون الأمل في نفع الحديث.

جولة في بعض أماكن تواجد اللاجئين السوريين في لبنان، على سبيل المثال، بلا آلات تصوير وتقديم تطمينات بعدم وجود نية للنشر الصحافي والاكتفاء فقط بالإصغاء إلى قصص اللاجئين بعد اكتساب ثقتهم أو حتى الاستماع إلى شهادات المعالجين النفسيين الذين يعملون في أوساط اللاجئين كفيلة بأن تخبر الكثير عن بعض ما يدور في الخفاء باسم صندوق المساعدات، وكيف يبتز، بعض العاملين، اللاجئين واللاجئات وهم يشعرون أنهم بمأمن عن أي عقاب نتيجة خوف اللاجئين واللاجئات وتواطؤ مؤسساتهم.

فضح هذه التجاوزات في الإعلام، على أهميته للضحايا، إلا أنه يبقى خطوة غير كافية. المطلوب اليوم تحرك عاجل يطمئن اللاجئين/ات أولاً لتشجيعهم على الإفصاح عما يدور دون أي يخوف من نبذهم أو حرمانهم من المساعدات، ومن ثم تسريع النظر في الشكاوى الموجودة بحق المنظمات والعاملين فيها، وتجاوز البيروقراطية التي تفوق بيروقراطية الدولة نفسها في أحيان عدة عند نظر الشكاوى وإصدار لوائح سوداء باسم من اختار تحويل المساعدات الإنسانية إلى وسيلة إذلال.